تشكّل، السلطة القضائية العمود الفقري لكل الديمقراطيات الحديثة ولقد خصّتها كل التشريعات العالمية بفصول خاصة تبيّن صلاحياتها ومهامها الأساسية لبسط العدل وإشاعة القانون محققا للتوازنات الاجتماعية .. ومن هذا المنطلق أفرزت مسودّة التعديل الدستوري التي طرحتها رئاسة الجمهورية للتعديل والإثراء والنقاش للسلطة القضائية هنداما خاصا بها تعزّز من صلاحياتها الدستورية كضامنة للسهر على تطبيق قوانين الجمهورية، حيث كانت ولا تزال هذه السلطة محطة اهتمام الكثيرين من رجال القانون والساسة الذين أكّدوا خلال الحراك المبارك ل 22 فيفري على وجوب تكريس استقلالية فعلية للقضاء من خلال الفصل الحقيقي بين السلطات الذي هو عماد دولة الحق والقانون. وتتمثل هذه التعديلات الدستورية خصوصا في تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء حيث تمّ إعادة النظر في تركيبتها البشرية من خلال توسيع عددها بما يتناسب مع تعدادهم في الجهات القضائية، مع الحفاظ على عدد قضاة النيابة المنتخبين، حيث تشمل كل قضاة المحاكم والمجالس القضائية وكذا المحكمة العليا (جهة القضاء العادي) ومجلس الدولة (جهة القضاء الإداري) بالإضافة إلى إدراج ممثلين نقابيين عن القضاة، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كما توقف التعديل عند نقطة مهمة وهي دسترة مبدأ عدم جواز نقل القاضي والضمانات المرتبطة به. كما شمل التعديل نقطة جوهرية لطالما دعا إليها القضاة في كل مطالبهم الأساسية وهي إخراج المجلس الأعلى للقضاء من قبضة السلطة التنفيذية، حيث تضم تشكيلته الجديدة حسب التعديل فقط القضاة دون إشراك وزير العدل والنائب العام لدى المحكمة العليا في التركيبة نصا وعملا، وبهذا ستكون هذه الإسيسة بمثابة حجر الزاوية لتغيير جذري في المجلس الأعلى للقضاء الذي هو من الأهمية بمكان المسيّر للمسار المهني للقضاة والساهر على حركة تنقلاتهم وترقيتهم المهنية حيث دراسة المناصب النوعية في القضاء والفصل في الطلبات المختلفة للقضاة بطلبات الإحالة على الاستدعاء...