ساهم الأديب بشير خلف في إثراء المكتبة الجزائرية، بعشرات الأعمال الأدبية في القصة القصيرة والمقالة والدراسات في الفكر والنقد والثقافة والأدب؛ فقد بدأ الكتابة منذ مطلع سنوات السبعينيات، بحيث كان ينشر قصصه ومقالاته في مختلف الصحف والمجلات الجزائرية والعربية، لاسيما منها مجلة "آمال" التي كانت تعنى بأدب الشباب، ومجلة "الثقافة" التي كانت تصدرها وزارة الثقافة، وكذلك مجلة "الرؤيا"، التابعة لاتحاد الكتّاب الجزائريين؛ وقد صدر له أول عمل في القصة القصيرة سنة 1987، يحمل عنوان "القرص الأحمر"، ثم توالت إصداراته لتتجاوز 25 عملاً أدبيا، يتراوح ما بين القصة القصيرة والقصيرة جدا، والدراسات الفكرية والنقدية . هكذا يُعتبر صاحب "ظلال بلا أجساد"، رائدا من روّاد القصة القصيرة في الجزائر، ومن المؤسسين الأوائل لها مع كبار الأدباء الجزائريين. ولعل الريادة هنا لا تكمن فقط على المستوى التراكمي أو الكمّي فقط، ولا على مستوى الخبرة المكتسبة أو الأقدمية في كتابتها، فقد كان ينشر قصصه القصيرة في مختلف الصحف والمجلات الثقافية منذ سنوات السبعينيات؛ ولكن على مستوى الوفاء لهذا الجنس الأدبي، الذي بقي يكتب فيه، مخلصا له، لم يخطر بباله كتابة رواية، رغم قدرته على ذلك؛ جميع من قرأ أعماله القصصية يدرك إمكانياته السردية ونفسه الروائي. وفاء يستحق الثناء والتقدير، إذا ما علمنا أن معظم الكتّاب الجزائريين انطلقوا في بداياتهم من القصة القصيرة، أصدروا مجموعات قصصية، لكنهم تخلوا عنها مع مرور الزمن لمصلحة الرواية، المهيمنة على المشهد الأدبي. تميّز بشير خلف أيضا في مجال اشتغاله النقدي والإبداعي على القصة القصيرة، في اكتشاف نوع أدبي حديث: القصة القصيرة جدا، فقد سبق له نشر خمس قصص من خلال مجموعته القصصية الموسومة: "القرص الأحمر"، التي أصدرها عام 1987، عن المؤسسة الوطنية للكتاب؛ حينها لم يكن أحد يعرف هذا النوع الأدبي في الكتابة القصصية أو يكاد، ولم تحظ باهتمام أحد، إلى غاية نهاية التسعينيات، حين بدأ الاهتمام بها في العالم العربي يتضاعف اشتغالا وإبداعا، لتنتشر مع بروز الانترنيت ومنصات التواصل الاجتماعي؛ وهو النوع الأدبي الذي عاد لها حديثا، بإصداره لمجموعتين: "لا قليل من الفرح" و«ترانيم في لحظة القبح"؛ تضمّ المجموعتان القصصيتان، قصصا قصيرة جدا، مشوّقة، جميلة وموحية؛ تتمتع بكافة خصائص القصة القصيرة من تكثيف وإيجاز وتشويق ومفارقة. نصوص ترصد اللحظة الاجتماعية، تلتقط بعض التفاصيل المهملة من يومياتنا، قد لا نتفطن إليها أحيانا؛ تحيطنا علما بارتباك العلاقة القائمة مع الآخرين، ومع أنفسنا. إلى جانب ذلك ساهم بشير خلف بجدّ ونشاط وفعالية، ولا يزال، في إنعاش الحياة الثقافية في الجزائر، من خلال مشاركته في تأسيس جمعيات ثقافية معروفة على المستوى الوطني مثل الجاحظية وبيت الشعر، وغيرها من الجمعيات الثقافية النشطة. كما ساهم أيضا في تنشيط الحركة الثقافية على مستوى ولاية الوادي، بحيث أصبحت هذه الأخيرة نموذجا حقيقيا بين ولايات الوطن، في مجال المبادرات وتشجيع الإبداع وإنعاش الحركة الثقافية، هناك عشرات الأعمال الأدبية، أغلبها لمبدعين شباب، تم نشرها بدعم من طرف المؤسسات الثقافية العمومية؛ إنجاز يكاد ينعدم في ولايات أخرى. كما أسس رابطة الفكر والإبداع بولاية الوادي، وهي واحدة من أنشط الجمعيات الثقافية على المستوى الوطني، يكفي أنها تنظم منذ عدّة سنوات مسابقة أدبية في الرواية القصيرة، تتولى الرابطة طبع الأعمال الفائزة بالمراتب الأولى. وقد سمحت هذه الجائزة الأدبية المحلية التي تحوّلت بمرور الوقت إلى جائزة وطنية معروفة، باكتشاف مواهب شابة في الكتابة الإبداعية، صارت الآن أسماء أدبية مرموقة، مثل الروائي عيساوي عبد الوهاب الفائز بجائزة البوكر العالمية للرواية العربية لسنة 2020، والذي سبق له أن فاز في هذا الإطار بالمرتبة الأولى في مسابقة الرواية القصيرة سنة 2014، من خلال روايته: "سييرا دي موريتي"، التي قامت الرابطة التي يرأسها بشير خلف، بالتعاون مع مديرية الثقافة لولاية الوادي، بطبعها وتوزيعها في السنة الموالية.