لا يختلف اثنان على أن للشائعة السياسية تداعيات خطيرة على أمن واستقرار البلدان و زاد من قوة تداعياتها الهدامة الثورة الرقمية التي قلصت حجم العالم من قرية صغيرة إلى غرفة داخل منزل فردي و عليه فلا يمكن الاكتفاء ببناء الخطة الدفاعية للأمن القومي فقط على العتاد الكلاسيكي و على ثبات العقيدة العسكرية و المهارات القتالية للجنود بل أضحى من ضروريات العصر الحديث تكوين جيش إلكتروني مكون من أمهر محترفي الرقمنة و التكنولوجيا يكونون بمثابة أسوار لا يمكن تسلقها أو اختراقها دفاعا عن الرأي العام الوطني و عن الاتصال المؤسساتي للدولة يخوضون معارك يومية عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي لدحض الكذب بالحجة و البرهان و تعرية الفاعلين و داعميهم ومموليهم و المستفيدين من مخططاتهم ليس بمجرد الإدانات اللفظية و الخطب الشعبوية التي أثبتت التجارب السابقة أن لا وقع و لا تأثير لها وإنما بعمل مهني محترف داخل بيت العنكبوت و انتشال من غرقوا في قاع تضليل الفضاء الأزرق ما دامت صحيفة سوابقهم الوطنية خالية من أي شبهة فساد أو تخوين أو عمالة لجهات أجنبية . كما أن الدولة اليوم في عهد الجزائر الجديدة التي فتحت ذراعيها بقدر مساحتها لكل أبنائها من مختلف التيارات و التوجهات مطالبة بتأسيس منظومة اتصال جديدة لا تكون محصورة في زاوية رد الفعل فقط بإصدار بيانات تكذيب و تفنيد لمغالطات و تضليلات و لعب بالحقائق بل تثمر فعلا سباقا من شأنه أن يقوي المناعة الإعلامية للشعب و يحمي الرأي العام من الجراثيم و الفيروسات المهددة لصحته ، علما أن الترياق لا يحتاج إلى اكتشاف مخبري جديد و لا إلى تجارب سريرية على مراحل عدة بل هو موجود و متوفر ، عناصره الأساسية هي حرية تعبير بلا سقف محدود في إطار المسؤولية القانونية و المهنية و مصداقية الخبر و موضوعية الطرح بعيدا عن السب و الشتم و القذف و أن تكون الغاية خدمة إعلامية عمومية تسهر كل مكونات الدولة على إنجاحها و إنتاجها في أحسن حلة و أبهى صورة .