بدأت عملية التلقيح أمس رمزيا من عاصمة الورود البليدة التي ظهرت فيها أولى الحالات من وباء كورونا ولم تأت هذه العملية هكذا كما اتفق بل سبقتها جهود مضنية من جانب السلطات العمومية كل في موقعه للتفاوض حول اللقاح الأنجع والذي يكون بردا وسلاما على صحة الجزائريين والجزائريات نعم نقول لأن الوباء مازال ماكثا في كل البقاع في العالم وما انفكت شروره تطيح بالأرواح مخلفة المآسي تترا فعائلات بأكملها فجعت في ابن أو بنت أو معيل كان بالأمس القريب يظلل على أهله وذويه . إن اللقاح حتى ولو أصبح اليوم بين ظهرانينا فإنه لا يغدو أن يكون الحلقة الأولى في مسلسل طويل الحلقات بطلته بلا منازع الوقاية ثم الوقاية لأنها لازمة في زمن الوباء شأنه شأن المطرب الذي يكرر الوقفة للتأكيد وإطالة الإيقاع النغمي أما نحن فلا نبرة تحلو لنا ولا كلمة تشنف أسماعنا سوى أن نستبشر في الأيام القادمة بأن نرى الناس معافين في أبدانهم ليواصلوا سنة ما جبلوا عليها في عمارة الكون بالعمل والخير والنماء. ولا يظن الغافل منا أن بداية التلقيح ستجُب كل ما فات من آثار عميقة لكورونا بل إن التدابير والالتزام بالوقاية وحده صمام الأمان لمسار طويل ينتظرنا جميعا كل في مرتبته وبدون استثناء لإصلاح ما هدمه المرض العقام. فاقتصادنا مازال يئن تحت وطأة الأزمة الصحية التي لم تبق ولم تدر أي شيء على سليقته الأولى. الحياة برمتها تستشرف الانطلاقة الفعلية بعد الشفاء التام والمشاريع الكبرى من سياسية واقتصادية واجتماعية تسرق السمع لتلملم مكوناتها لتوطد البناء الوطني الذي ينتظر القسط الكبير من جهد العاملين المخلصين والمجتهدين المكدين. فلئن انطلقت معركة اللقاح فالنفس مازال طويلا في درب عسير قوامه التموقع من جديد لجزائر جديدة مهابة الجانب ومحفوظة الكرامة مثلما عهدناها دوما .