أولى ديننا الحنيف فئة الأطفال عناية خاصة، وأعطاهم مكانة في الإسلام حيث يؤكد على ذلك الشيخ عمر وهراني أمام مسجد القادسية ببئر الجير للجمهورية الذي يقول بأن الشريعة الاسلامية خصت مرحلة الطفولة لدى الانسان باهتمام كبير وذلك لما لهذه المرحلة من أهمية كبيرة في بناء شخصيته بجميع جوانبها الايجابية والسلبية، ويكون ذلك تبعا لما يلاقيه فيها من أسلوب في التربية والاهتمام وبناء على ذلك أقرَّ الاسلام حقوقا للأطفال لا يكمن التغافل عنها او اهمالها. ويضيف الشيخ عمر أن الإسلام كان سباقا لفعل ذلك فقبل أن تضع الدول الحديثة والأمم البشرية جميعها شيئا من مواثيق حقوق الطفل والانسان منذ 14 قرنا، فصل فيها ديننا وأكثر من ذلك فان الاسلام شرع من حقوق الطفل ما يتقدم به على جميع هذه الأنظمة فبدأ بالاهتمام بحقوقه قبل ولادته ونشوئه بل من لحظة اختيار الرجل لزوجته حتى تكون أما لأطفاله حيث اشترط لها الاسلام الصلاح حتى تكون اما صالحة لهم فقال عليه الصلاة والسلام "تنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " و كما قال عليه الصلاة والسلام أيضا "اختاروا لنطفكم فان العرق دساس ". اهتمام بالطفل وهو جنين كما أن الإسلام اهتم بالطفل وهو في بطن امه وحفظ له حقه في الحياة، فحرم اجهاضه وفرض الدية على من يقتله وأجاز لأمه الفطر في رمضان اذا كان صيامها قد يؤثر عليه . وينظر الاسلام للأطفال على أنهم زينة هذه الدنيا وزهرة ايامها، وهم بهجة النفوس وسعادتها كما قال تعالى في كتابه العزيز "المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير املا " ، وعليهم تعلق الامال بالغد الافضل للأمة جمعاء. ويضيف الشيخ عمر وهراني أن فترة الطفولة تمتد من أول لحظة يصل فيها الانسان إلى الدنيا أي عند ولادته الى ان يبلغ سن الرشد، فيكتمل عقله ويقوى جسمه ويصبح مميزا بشكل تام، وحينها يصبح مخاطبا بالتكاليف الشرعية. وقد أدركت الشريعة الإسلامية أن أول ما يكفل للطفل الحياة السليمة الهانئة هو الأسرة التي ينشأ فيها، والوالدان اللذان يعيش معهما غالب حياته، لذلك فقد شرّعت من الأحكام والأوامر ما يضمن نشوء الأسرة بشكل سليم. كما أن قائمة حقوق الطفل التي كفلها الاسلام له تطول وتشمل جوانب عدة على مدار مراحل حياته، من كونه جنينا ثم رضيعا ثم صبيا ويافعا، والتي منها أن يعيش في كنف والديه ليعتنيا به صحيا ونفسيا واجتماعيا، ثم كلفهما بحسن تربيته فلا ينبغي للوالدين ان يكونا سببا في ضياع أولادهم، وذلك بإهمالهم وبالدفع بهم الى الشوارع سواء من أجل كسب لقمة العيش أو لأغراض أخرى . ومن هنا نرى يقول الشيخ عمر أنه على ارض الواقع وما تطالعنا به وسائل الاعلام ومواقع التواصل اخبارا عن "عمالة الأطفال" هذه الأخيرة التي تعالجها الشريعة الاسلامية من ناحيتين بالجواز وعدمه، ومن هنا فإننا نعالج هذه القضية قديما وحديثا حيث اختلف العلماء القدامى في عمل الطفل في التجارة وفي عمله كأجير على قولين، القول الأول يصح أن يعمل الطفل المميز في التجارة بيعا وشراء، كما يصح عمله كأجير إلا أن تصرفه هذا متوقف على إجازة وليه وهذا قول الحنفي والملكي والحنابلة، والقول الثاني لا ينعقد تصرف الصغير سواء ان كان مميزا ام غير مميز في البيع والإجارة وهذا قول الشافعية. عمالة أطفال غير جائزة أما العلماء المعاصرون يضيف محدثنا فقد اختلفوا في الجواز والتحريم، فمن ناحية الجواز فإن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم ينتج عن هذا العمل تأثيرات سلبية على الطفل، أما من ناحية التحريم، فيرى بعض العلماء أن عمالة الأطفال غير جائزة لما ينتج عنها من أمور لا يقبلها الشرع والعقل ونذكر منها تعلم التدخين ، ترك الدراسة ، اكتساب عادات سيئة على غرار السرقة والكلام البذيء ، المخاطرة بذاته وصحته الجسدية والعقلية وكذا التأثيرات السلبية المحيطة به في الشارع والتي قد تهدد سلامة الطفل وأمنه . ويردف قائلا فلهذه العمالة أسباب ظاهرة وباطنة تتمثل في المستوى الثقافي للأسرة فتجد ان فائدة التعليم غير معروفة عند بعض الأسر ولهذا تجدهم يدفعون بأبنائهم الى العمل ومن أسباب العمالة ايضا الفقر فتجد الاطفال يرغبون بمساعدة أسرهم وعجز الأهل على الانفاق على اولادهم، لهذا يرى الشيخ عمر أنه ينبغي تكثيف الحملات التحسيسية والتوعوية عبر مختلف المنابر وتكثيف الجهود لحماية أبناء هذه الأمة والحفاظ على سلامتهم الجسدية والنفسية كما أقر بذلك دين الإسلام .