إن شعار ومبدأ القانون فوق الجميع و أنه سيف مسلط على رقاب الجميع دون استثناء يظل مجرد حبر على ورق بينما يبقى الواقع أمرا آخرا و عالما يستغل فيه القانون والتشريعات لقضاء مصالح البعض و إضفاء الشرعية على العديد من المعاملات الإدارية و الصفقات المختلفة في كثير من الأحيان ،وعندما يفلت زمام تطبيق القانون و تخضع العملية لمعايير ومقاييس الفساد والتسيب يحدث ما لا يحمد عقباه ، ونحن اليوم في سعينا إلى بناء جزائر ومجالس منتخبة جديدتين وفق قانون انتخابات جديد يرسي قواعد دولة القانون يعترضنا واقع صعب قد تغلغل الفساد ومخالفة القوانين في أوصاله وعلى كل المستويات لأن مخالفة القانون ليست مجرد فضائح مالية و استغلال للمنصب والنفوذ و السلطة ،و الحصول على مزايا غير مستحقة والاستيلاء على المال العام ،و قضايا الاختلاسات الكبيرة منها والصغيرة على مستوى كل المرافق والمؤسسات العمومية و حتى المدارس و الثانويات و الخدمات الجامعية و المستشفيات و مراكز البريد و غيرها ، فالفساد ونهب المال العام و تبديده تحت مسمى سوء التسيير كلها أشكال من مخالفة القانون التي تمتد من أسفل هرم المسئوليات إلى أعلاه ،و نقف هنا عند مخالفة المواطن للقانون حيث أنه بعد عشرية سوداء دامية عاشتها الجزائر حدثت تغيرات عميقة في المجتمع و دخلت مدننا إلى مرحلة جديدة هي فترة انتشار الأحياء القصديرية و التجمعات السكانية الفوضوية هنا وهناك كنقاط سوداء سرعان ما تكاثرت و طوقت تلك المدن بكل ما يميزها من ظروف حياة صعبة لقاطنيها من فئات المجتمع الهشة ،و إن كانت الدولة قد كثفت الجهود باتجاه ترحيل أولئك السكان وإعادة إسكانهم في سكنات اجتماعية تحفظ لهم كرامتهم كمواطنين ،فإن مشكلة ظهور تجمعات جديدة للسكنات الفوضوية تطرح بقوة و استغلال بعض المواطنين لظروف سياسية وصحية معينة لبناء بيوت قصديرية في كل مكان و في ظرف زمني قياسي هي مخالفة للقانون ،والأدهى والأمر في هذا هو احتلال مواطنين لسكنات هشة قد تم ترحيل سكانها الأصليين و الإقامة فيها من أجل الاستفادة من سكن اجتماعي.