رمضان ليس شهر استهلاك ونوم بل هو شهر القرب والترقي والرقي عن طريق معراج القرآن الكريم تلاوة ومدارسة وتطبيقا قال تعالى:«شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن»، وهو شهر تخلية وتحلية أي يتخلى الانسان عن كل سلوك يخدش صومه ويقطع صلته بالحق سبحانه كالسب والشتم والغش والحسد والحقد، ثم تحليته بالأخلاق الفاضلة التي تقربه من الله سبحانه وتوافق مقاصد الصوم كالتراحم والتآلف والتّآخي والرفق بين الناس والصدق معهم ونخص بالذكر هنا التاجر، فالتاجر الصدوق رفعه مقام الانبياء ففي الحديث :«التاجر الصدوق الأمين المسلم مع النّبيّين والصديقين والشهداء يوم القيامة»، وكثير من مناطق الاسلام وصلها الاسلام بفضل التجار المسلمين الذين أظهروا سماحة الإسلام وتعاليم الإسلام، وقد خص النّبّي صلى الله عليه وسلم التاجر بالذكر لأنه إحدى الركائز المهمة في المنظومة الاقتصادية. فإذا كان التاجر يتمتع بذمة نظيفة وأخلاق كريمة فسيتجهون بأسواقهم إلى ما فيه الخير والرفق بمن يتعاملون معهم ، وهذا الاتجاه الأخلاقي أقوى داعم استقرار الأسواق ونضجها ، ولذا كان من المتعين أن يتقوى الجانب الأخلاقي لدى التجار حتى يتحقق للناس الرفق في معايشهم ؛ ذلك أن رخص الأسعار وتوفر السلع من علامات الرخاء والرفاه وأسباب السعادة للمجتمعات ، قال الله تعالى: (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ. والتاجر بأخلاق الأمانة والسماحة والرفق تنعكس تلقائياً على المستهلكين فيطمئنون إلى جودة البضائع وخلوها من الغش والخلل المتعمد ، كما أنهم يطمئنون إلى صدقية الأسعار وتناسبها مع السلع فلا جشع ولا ابتزاز ولا مغالاة. وقد حرصت الشريعة على أن تنشأ بين المتبايعين علاقة صدقٍ وثقةٍ أساسها الإيمان والمراقبة لله جل وعلا ، ومن أسس ذلك ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن صدقا وبيَّنا بُورك لهما في بيعهما ، وإن كتَمَا وكذبا محقت بركة بيعهما»، فينبغي للتاجر الابتعاد عن الغش والاحتكار فالجالب مرزوق والمحتكر ملعون. وبهذا فإني أدعو كل تاجر وبخاصةٍ تجار التصنيع والإنتاج والاستيراد لأن يتحلوا بأخلاقيات الصدق والسماحة والرفق والتيسير فبذلك يطيب كسبهم وتهنأ حياتهم وتحسن عاقبتهم.