- إقبال كبير على محلات الألبسة بشوبو وشارع العربي بن مهيدي وحي العقيد لطفي - الحركة والنشاط اقتصر على المقاهي والأسواق، والمساحات العمومية خاوية اختلفت ليالي رمضان 2021 في وهران عن موسمين فارطين، فلا هي وهران 2019 وما سبقها من سنوات كانت فيها كل ليالي شهر الصيام بيضاء، ولا هي وهران 2020، زمن الوباء والإجراءات المتشددة للحجر المنزلي، وبذلك يمكن القول أن الحياة بدأت تعود على إستحياء إلى أحياء وشوارع الباهية منذ أول ليلة بعد تعديل توقيت الحجر المنزلي وتقليصه بساعة واحدة ليصبح من منتصف الليل إلى الرابعة صباحا، بعد أن كان من الحادية عشر ليلا إلى الرابعة صباحا. وفي جولة قام بها فريق جريدة «الجمهورية» ليلة أول أمس بعد تقليص توقيت الحجر الجزئي من 5 ساعات إلى 4 ساعات فقط، لاحظنا أن الحركة عادت لتدب من جديد في نقاط محددة دون أخرى، وكأن كورونا سرقت ثقة المواطن في ليالي الباهية التي طالما كانت مشرقة كنهارها ومبهرة كليالي ألف ليلة وليلة لتجعل الحركة تقتصر على نقاط التسوق وتختفي من المساحات الكبرى والمساحات العمومية. حشود بالمقاهي إلى ما بعد منتصف الليل كانت الساعة تقارب العاشرة مساء، وكانت صلاة التراويح توشك على الإنتهاء في أغلب المساجد، عندما إنطلقت جولتنا التي بدأناها من الأحياء الغربية للمدينة، من حي اللوز إلى إكميل ومارافال إلى وسط المدينة مرورا بحي شوبو، وإن كانت المنطقة واحدة تابعة لبلدية وهران إلا أن الأجواء إختلفت حسب طبيعة كل حي، ولعل أول ما يلفت الإنتباه هو التجمع الغفير بالمقاهي على مستوى كل الأحياء دون استثناء، حشود تقبل عليها دون مراعاة أدنى شروط الوقاية، تتجمع إلى ما بعد منتصف الليل منذ بداية رمضان-حسب ما ذكره بعض الشباب الذين أكدوا أن سهراتهم الرمضانية عادت هذه السنة دون أي اعتبار لتدابير الحجر. كما أن كل ما ميز الأحياء المذكورة غير المقاهي هو فتح بعض محلات بيع الحلويات «زلابية وشامية»، ومحلات المواد الغذائية، في كل من إكميل وحي اللوز، والعثمانية، الى جانب حركة النقل والعائلات التي خرجت أمس لأول مرة لقضاء ساعتين من سهرة رمضان عند الأهل والأقارب والعودة إلى منزلها، ومن المواطنين من خرجوا بغرض التسوق فقط. ومع إقترابنا من سوق دبي بشوبو، بدأت الأجواء تختلف، هو الشارع الذي لم يفقد بريقه، ولم تحتجب لياليه منذ بداية شهر الصيام، الكل يقصد هذا السوق العريق، وهي سُنّة الكثير من العائلات الوهرانية التي بدأت تستعد للعيد في رحلة التسوق عبر محلات حي شوبو الذي يطول فيه السهر كل ليلة وزادت لياليه غبطة بالساعة المضافة إلى توقيت المتعة والبهجة في هذا الشارع المعروف بنشاطه على طول ليالي رمضان. ساعة مضافة إلى عمر السهر بوسط المدينة خرجنا من إزدحام مروري خانق لنتوجه إلى وسط المدينة حيث الحياة والحركة التي تفرض على كل الوهرانيين وزوار المدينة المرور من هناك، من نهج معطى محمد الحبيب إلى ساحة أول نوفمبر باتجاه واجهة البحر، ومن ساحة قرقينطة إلى شارع العربي بن مهيدي مرورا بشارع حمو بوتليليس، ومن هناك إلى شارع الأمير عبد القادر باتجاه شارع خميستي، تلك كانت نقاط جولتنا التي ختمناها بحي العقيد لطفي والصديقية ثم إيسطو. يمكن القول أن الحركة بالشوارع الكبرى لوسط المدينة إرتبطت بالمحلات التجارية، حيث اغتنمت الكثير من العائلات أول ليلة من تقليص ساعات الحجر المنزلي للاسراع في شراء ملابس العيد لأطفالهم، ولاحظنا أن أكثر نقاط التسوق شهدت حركية غير عادية هو شارع العربي بن مهيدي حيث فتحت كل المحلات إلى غاية منتصف الليل وبعده ببضع وقت..، وتواصل إقبال المتسوقين أيضا، في حين كان عدد المحلات التجارية المفتوحة بشارع خميستي والأمير عبد القادر تعد على الأصابع ما جعل الحركة تنقص بهذين الشارعين على غير العادة. ليرتسم المشهد المعهود بالشارع العريق والذي طالما ميز ليالي رمضان تلك الحركة الدؤوبة التي يقابلها إزدحام مروري خانق، على طول الشارع التي تنيره أضواء المحلات التي تقدم بدورها عروضا مغرية سمح تمديد الحجر بالإطلاع عليها على مهل ودون عجلة أو ارتباط خانق بالوقت. هذا ما قاله بعض المتسوقون الذين تكلمنا معهم عن الأجواء العامة ليلتها، وقالت إحدى السيدات القادمة من بلدية مسرغين أنها كانت تتجنب الخروج نظرا لضيق الوقت، واغتنمت أول ليلة بعد تقليص الحجر من أجل الانتهاء من شراء ملابس العيد لأطفالها الأربعة. عودة نشاط المحلات وأشار رب إحدى العائلات الذي خرج لأول مرة منذ دخول رمضان مع زوجته وأطفاله للتجول في المحلات أن الفرصة الآن سانحة للتغيير والخروج من روتين اليوم للتسوق لا أكثر، لأن التوقيت بالنسبة إليه لازال غير كافيا، خاصة في مدينة مثل وهران اعتادت ألا تنام، كما إلتقينا بمجموعة من الشباب قادمين من ولاية مستغانم أيضا للتسوق والتنزه، لكنهم تفاجأوا بالأجواء التي وصفوها بالحزينة مقارنة بالأعوام الفارطة التي كانوا يقضون فيها ليال بيضاء بشوارع ومنتزهات وهران. وقالت سيدة أخرى، أن العائلات الوهرانية بدأت تتنفس، بعدما كان البعض يخرج في عجلة، وأضافت أن زوجها كان يرفض إخراجها بعد عودته من صلاة التراويح لأن ساعة واحدة لا تكفي للخروج والعودة، وهذا ما وضع الكثير من المواطنين أمام مخالفة خرق الحجر المنزلي ولحسن الحظ لم يترتب على ذلك أي عقوبات على الأشخاص الذين التقينا بهم وأقروا أن ضيق الوقت أرغمهم خرق الحجر. وعلمنا من أصحاب بعض المحلات التجارية الذين استحسنوا القرار واستبشروا بعودة الحركة، أن التسوق كان يقتصر على عدد قليل من سكان الأحياء المجاورة، أما البيع فقد تراجع بشكل كبير ليلا ونهارا، مؤكدين أن الحركة ستتزايد في النصف الثاني من الشهر الكريم، آملين أن يتم تقليص الحجر ساعة أخرى على الأقل حتى يتسنى للقادمين من أحياء بعيدة كآرزيو وبطيوة وحتى من ولايات مجاورة التسوق على مهل حتى يعوض التجار خسائر سنة كاملة وضعتهم على المحك. سهرات رمضان تختفي بواجهة البحر وساحة سيدي امحمد غادرنا شارع العربي بن مهيدي نحو حي العقيد لطفي مرورا بواجهة البحر، الواجهة التي فقدت بهجتها المعتادة في ليالي رمضان، وقلّت فيها الحركة التي كادت أن تقتصر على السيارات، كل تلك الساحات التي كانت تكتظ بالزائرين عادت خاوية، حتى محلات المثلجات فقدت زبائنها، وأغلبها فضل عدم المغامرة وفتح محله، كل المطاعم ومحلات الأكل الخفيف مغلقة، ولا ترى سوى عددا قليلا من الناس وأغلبهم من سكان عمارات الأحياء المجاورة، يطلون على البحر في عجلة، مرُّوا لاستنشاق بعض الهواء، والاسترخاء لدقائق، في الوقت بدل الضائع. وعلى بعد خطوات، هناك بساحة سيدي امحمد فقدت سهرات رمضان لمعتها، وأصبح المارة، يرددون «ياحسراه على وهران»، أين تلك الضوضاء التي يصنعها الأطفال؟، أين أصوات الضحكات وباعة الألعاب، والفقاعات، أين بائع غزل البنات، وطاولة المكسرات..؟، أين الألعاب؟، أين جلسات الشاي ولمة العائلات المخنوقة والأصحاب..؟. أين الحياة التي كانت هنا..!؟ كل الساحات العمومية التي طالما كانت متنفسا للعائلات باتت خاوية، إلا بعض المارة الذين يقفون هناك لبضع دقائق ويغادرون يسابقون الوقت والزمن..، ونفس المشهد يتكرر في الحديقة المتوسطية التي فقدت هي الأخرى خصوصيتها، وتراجع الإقبال المعهود عليها، حتى في نهاية الأسبوع، وهذا ما ميز أيضا ساحة أول نوفمبر التي غاب عنها أصحاب لعبة «المطرق» والفرق الفلكلورية، والحركة التي كانت تتواصل إلى ساعات متأخرة من الليل. حي العقيد لطفي..النصف الساهر من المدينة واصلنا جولتنا باتجاه حي العقيد لطفي الذي إختلفت شوارعه عن كل ما سبق وصفه، فكانت نصف المدينة الساهرة وكأنها تمردت على تدابير الحجر والوقاية، بل على كورونا نفسها، ازدحام مروري في شوارع الحي الكبرى، وإقبال كبير على المحلات التجارية، وعلى المقاهي ومحلات المثلجات، وإنتعاش لتجارات أخرى كبيع المكسرات، وألعاب الأطفال للباعة المتجولين الذي وجدوا ضالتهم هناك. عائلات وأطفال وشبان،أقارب وأصحاب قدموا من كل صوب تجمعوا في شوارع الحي التي لا تنام للاستمتاع بليالي السهر حيث لا قيود، ولا أدنى إلتزام بشروط الوقاية، لا تباعد، ولا كمامات، إكتظاظ داخل المتاجر وفي المقاهي، وفي الشوارع والطرقات، حركة مفعمة بالحياة رغم ما يهددها من خطر قد تحوله عدوى كورونا إلى نقطة فاصلة تعيدنا إلى الوراء. ورغم ذلك لا شيء يمنع الساهرين أنس ليالي الصيام، والتجول عبر المحلات وسط تعزيزات أمنية، وأجواء مغايرة تماما عن باقي مناطق وأحياء المدينة، ما جعل الوهرانيون يفضلون هذه الوجهة ويختارونها دون تفكير أو تردد لاختصار طريق الملل نحو الشوارع الساهرة في حي العقيد للتسوق والتجول وكسر روتين الحجر المنزلي الذي تواصل للسنة الثانية على التوالي. تواصلت جولتنا إلى ما بعد منتصف الليل موعد بدأ الحجر المنزلي المحدد في منتصف الليل، العودة المسرعة إلى المنازل إقتصرت على المواطنين الذي أقلوا وسائل النقل خاصة الترامواي، وحافلات النقل الحضري وسيارات الأجرة، في حين بقي أصحاب السيارات الخاصة على مهل ما حال دون غلق المحلات التجارية قبل منتصف الليل. وهو ما شمل المراكز التجارية الكبرى بكاناستال ومارافال، وأيضا المقاهي وحركة السيارات التي تجاوزت التوقيت المحدد للحجر، لتواصل السهرات أو بالأحرى نشاط محلات الألبسة والمقاهي ومحلات بيع «الزلابية والشامية» إلى حدود الساعة الواحدة بعد منتصف الليل في أغلب أحياء وشوارع المدينة. لتصبح قصة وهران مع كورونا والحجر شبيهة بقصة سندريلا.