القارة الأوربية باردة تنزل فيها الأمطار طول السنة ويغطيها الضباب وتتراكم فيها الثلوج وأنهارها جارية وتتجمد بحيراتها في الشتاء و فيها الغابات كثيفة منها الطبيعي ومنها المزروع ولا تخلوا من أشجار الفاكهة ومع ذلك فإن أوربا والغرب بصفة عامة تنبهت لقضية المناخ مبكرا وبدأت تحافظ على البيئة وظهرت فيها أحزاب وجمعيات ومنظمات تطالب بحماية البيئة مثل الخضر ومنظمة السلام الأخضر (غرين بيس) واستطاعوا إصدار قوانين وفرض ضرائب ومنع بعض المواد الملوثة وأصبحت الشجرة عندهم مثل الإنسان من الصعب إلحاق الأذى بها من قطع أو حرق ولو كانت في غابة خاصة أو بستان أو حديقة منزل أما عندنا حيث الحرارة الشديدة والجفاف وقلة الأمطار وقلة الغطاء النباتي وخاصة مساحات الغابات فهي لا تتطابق مع المقاييس الدولية وتنحصر الغابات في الشريط الساحلي الذي يقل عن عشر مساحة البلاد المهددة بالتصحر حتى في الشمال ناهيكم عن الجنوب الكبير ونحن نعيش الجفاف للعام الثاني على التوالي. ارتفاع درجات الحرارة صيفا إلى 50 درجة في الظل كما هو الحال هذه الأيام وقد جفت الأنهار والسدود وغارت المياه الجوفية وصرنا نفكر في تحلية مياه البحر كآخر حل لمقاومة أزمة العطش وفي هذا الوقت العصيب تتعرض غاباتنا أو ما بقي من غاباتنا للحرق العمدي الإجرامي بشكل غير مسبوق وقد فشلنا في إضافة أي مساحة من الغابات التي تتناقص باستمرار رغم حملات التطوع للتشجير وملايين الشجيرات التي تعلن محافظات الغابات كل سنة على غرسها فلا شيء في الواقع والمسؤولية مشتركة فالشجيرات التي تغرس لا تلقى العناية والمتابعة وأحيانا تتلف عمدا من طرف السكان وتتعرض للرعي فقد تم غرس أشجار الزيتون والخروب والتين ليستفيد منها السكان في تلك المناطق لكنهم دمروها ولهذا فكر أعوان الغابات في توزيع الشجيرات على الفلاحين ليغرسوها لحسابهم الخاص وهكذا كل واحد يفكر في نفسه ولا يتردد في إشعال النار في الغابة أو قطع أشجارها عندما ما يأمره شيطانه بذلك. إن الأمر خطير واذا كان الأوربيون أصحاب الطبيعة الخضراء يتحركون بقوة لحماية البيئة فكيف يأتينا النوم والصحراء تقترب منا والحرارة تلفح أجسادنا والمطر يغيب عنا فالواجب أن نكون السباقين إلى التشجير وحماية الغابات وليس إلى حرقها ظلما وعدوانا وفسادا في الأرض .