مثل أشباح تراءت في الظلام.. كان قلب الغابة الموجوع حد الموت.. في ليل الرماد.. أيها الصمت العميق.. صوتك الباكي يحاكي رعشة الدهشة في كل الجهات.. .. يتعالى في صراخ الحجر المكلوم يأسا صادحا باليتم في حزن السديم.. كوة الأفق تضيق.. ورياح الحقد.. لم تترك لنا غير الهشيم.. آه يا قلبا تلفع بالأسى بعد الحياة.. بعدما حرث الدخان سماءنا.. وتلوثت أنهارنا ودماؤنا بالحزن ... يعوي في الحنايا.. هائما بين الطلول.. موحش هذا اليباب.. قفر كقلب العاشق المكسور.. يا قلب الحطام.. حصدت فلول النار... أسراب الحقول.. لم تبق غير الحيرة الثكلى تقلب كفها.. ماذا جنيت لتنتهي في لحظة .يا غابتي الخضراء.. يا حقلي الجميل... يا أيها الحقد الصفيق.. يا قلبها الموجوع بالفقد المضمخ بالرماد.. كم موجع موت الشجر.. و موجع صمت العصافير تطير لعشها.. لفراخها جذلى. فلا عش .. ولا شجر.. ولا.. فرح الصغار بها تعود.. و لا صغار.. لا أثر.. وكم تقلبنا المواجع حين يصرخ قلب جندي.. أغثنا يا إلهي.. إخوتي احترقوا بنار الكيد.. إرحم من تبقى.. واحتسب روحي شهيدا.. ابن هذي الأرض أفديها بروحي.. ودمي ماء سيطفئ نارها.. ألله...يا ربي أغثني.. موجع وهج الحرائق والصديد.. وما أشد لظى اشتعال النار في عمق الوريد..! يا إلهي.. أي شر يأكل الأخضر واليابس فيها..؟ أي ذنب قدمته.. غير أن تحمي بنيها.. من لهيب الغدر.. يا جرحا أمر..! يا إلهي..رحمة بالقلب.. هذا القلب هش.. و العواصف عاتيات.. لم تذر في القلب.. صبرا.. لم تذر.. موجع في القلب حد الموت ما يترى علينا من صور.. فكيف أهلك يا حرائق.. كيف هم في غمرة النيران... تأخذ كل شيء عنوة.. حتى الهواء.. وأي نار تصطلي في القلب.. تحرقه.. و تتركه كجمر يستعر ..؟! يا قلبك أمك يا جمال.. ثكلته أيدي الآلة الرعناء.. فارتجف الفضاء.. وروعت كل القلوب.. وزعزعت كل الحنايا.. والزويا والأماكن والحجر.. كم موجع حزن الصدور ورماد هذا الحزن في مد البصر.. كم موجع في القلب يا ألله.. يا ألله.. ما أقسى رياح الحقد.. ما أقسى البشر.. يا ليت لي قلب الذئاب.. لأرد عن قومي العداوة و الخطر.. ! ألله.. ما أقسى البشر...! و جمال هذي الأرض غطته الحرائق.. يا لنار الغدر تغتال الحياة.. ومثل نيرون.. تراقص جوعها للموت.. تزحف في خرائب ما تبقى.. مثل أفعى.. لم تذر فينا سوى حزن الرماد.. فتهالك القلب المكابر .. في نطاق الريح.. يبحث عن مفر.. .لا شمس في كبد السماء.. و لا منافذ للهواء.. و لا غيوم..ولا مطر.. ولا سماء سوى الدخان.. ومشرع باب الفجيعة.. متخم بالموت.. نحتبس الدموع وكم تغالبنا فتهطل.. وكم تضرر من بشر.. من أين تأني كل هذي الريح.. تأكل خضرة الأشجار.. تكسر قلب فلاح بسيط.. خال قلب النار أبيض.. دافئا.. ما ظن يوما أنها ستكون وحشا يصطليه.. يا قلبه وسط الرماد.. أمامه حقل وبيت قد تفحم.. غابة في الروح إحترقت ولا ماء سيطفي الجرح.. يا عمق الضرر.! من أين تأتي كل هذي الريح..؟! بل ماذا تريد؟ من أين تأتي كل هذي الريح إعصارا من النيران تحرق نضرة الغابات.. والوجه النقي..و بهجة الأطفال تمرح في جبال الله... والفرح المصفى في الطبيعة وارف في القلب.... يا هول المصيبة و الخطر..! يا أيها الحقد المَريد.. أوجعتنا.. و صدمتنا.. من أين كل جنونك المتوحش المسعور.. أين نما.. و كيف..؟! من أي ضرع أشربَتْ سم العداوة و القساوة.. هذه النيرانُ تعجز ما تخيلنا.. من الحقد الموزع عبر خارطة الشرور جميعها.. أي شر مستعر ؟! و أي ماء يطفئ اللهب العنيد؟ يا إلهي.. رحمة بالقلب.. غيثا في لهيب القلب.. ينطفئ اللهيب..