ظاهرة إجتماعية غريبة ظهرت على السطح بولاية وهران على غرار العديد من ولاية الوطن حيث يختبئ بعض الصيادلة خلف ثوب ملائكي يوحي بقداسة هذه المهنة التي لا تخرج عن إطار تقديم الخدمات للمرضى وكذا التوعية والنصح هذا في الوقت الذي يتوافد فيه عدد من المواطنين إلى الصيدليات و كأنه داخل إلى متجر حيث يملي على الصيدلي يملي قائمة من مشترياته وكأنه في سوق الخضر و الفواكه و في بعض الأحيان حتى من دون وصفات طبية مما يفتح الباب أمام التساؤل . و أن كانت عملية بيع الأدوية بدون وصفات طبية تعني عند بعض الصيادلة أموالا إضافية حين تباع الأدوية المعروضة على الرفوف وكأنها مواد غذائية مستوردة وللزبون حق الاختيار.غير آبهين بحياة المواطن ومن منهم من يلزم نفسه على تحذير المريض من تناول المضادات الحيوية التي تقتنى حتى بدون وصفات طبية والتي تقضي على مناعة الجسم في حال كثرة تناولها والاعتياد عليها دون الرجوع إلى أهل الاختصاص. وخاصة مع موجة الزكام القاسية التي تحل كل شتاء حاملة معها شتى أنواع الفيروسات والميكروبات، حيث يتجه الكثيرون إلى اقتناء دواء _رومافيد_ لمنع سيلان الأنف والتخفيف من حدة المرض، لكن هل يسأل كل الصيادلة المريض إن كان يعاني من ارتفاع في ضغط الدم، وهو الأمر غير المستحب تماما عند تناول هذا الدواء والأمر الذي أجمع عليه الكل هو أن البائعين ليست لهم علاقة بالصيدلة في حين اكتفى أصحاب الصيدليات بالجلوس لحساب ما جمعوه طيلة يوم واحد. وعلى حد قول أحد المواطنين : " كيف لنا أن نأمن على صحتنا والكثير منهم يبيعون أدوية خاصة بمرضى الانهيار العصبي للمدمنين في الوقت الذي قد ينددون فيه بخطورة تعاطي المخدرات" وما يشد الانتباه في هذا الموضوع هو انصياع الكثير من الفتيات وراء ابتلاع الأدوية من أجل الظفر بجسد ملفت للانتباه والتخلص من عقدة النحافة المفرطة، أو السمنة الزائدة لكن الخطير في الأمر هو ابتلاعهن لأقراص _الكورتيكوئيد_ الخاصة بمرضى الربو والتي تؤدي إلى ظهور آثار جانبية كالإنتفاخ واحمرار الوجه والتي تعد هدفهن حسب إعتقاداتهن وهي مهلكة حسب ما قاله أكده للجريد أحد الأطباء . ومنهن من تتهافت على اقتناء بعض المواد التجميلية الطبية دون استشارة أخصائي أمراض الجلد ليفاجأن بما لا يحمد عقباه نتيجة استهتارهن ومن الشباب أيضا من يبتلعون أقراص _البرياكتين_ المنومة لنسيان أزماتهم العائلية وصدماتهم العاطفية ليأخذوا نصيبهم من آثاره الجانبية التي تنخر أجسادهم ببطء كحال المدمنين على المخدرات الذين تجرهم حالاتهم إلى تهديد الصيادلة خاصة في فترة المناوبة من أجل الحصول على أقراص ذات مفعول قوي تدخلهم إلى عالمهم الخاص. فبعض مرضى الربو الذين يترددون على الاستعجالات حكاياتهم الخاصة حسب حديث أحد المرضى الذي أصبح خبيرا في هذا المرض يقول، فأغلبية مرضى الربو على حد قوله يشددون على حقنهم بمادة الكورتيكويد _سوليمدرول_ والتي تعد آخر مرحلة بعد استعمال المضخة الاصطناعي للهواء و الخاصة بمرضى الربو إلا أن إحساسهم بحدة المعاناة جراء ضيق التنفس تجعلهم يرغبون في الوصول إلى أقصر الطرق من أجل الشعور بالراحة مما قد يدفعهم إلى اقتناء هذه المادة من الصيدليات ليصبحوا مرضى برتبة طبيب عبارة ترددت على مسامعنا فالكثير يتحججون بخبرتهم الطويلة مع الأمراض طوال حياتهم وكثرة تردداتهم على الأطباء إلى حين إحساسهم بالتشبع من كلامهم وضرورة اقتباس الدور إلا أن هذا الأمر قد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه كحال سيدة فوجئت بألم رهيب في المعدة فلم تحتمله وعوض استشارة الطبيب ابتلعت الكثير من أقراص _سباسفون لتسكت بها أوجاعها إلا أن تصرفها هذا أدى إلى نقلها على جناح السرعة إلى قاعة العمليات الجراحية لتنجو بأعجوبة من موت مؤكد. لتفاجأ فيما بعد أنها كانت تعاني من إصابة بأمعائها. وفي نفس السياق رجع بنا أحد الأطباء المختصين في أمراض الأطفال بذاكرته إلى أحد ليالي مناوبته إذ فوجئ بحالة طفل ألهبت جسده حرارته المرتفعة ليتأكد فيما بعد أن والدته قدمت له الدواء الخافض للحرارة _أسبيجيك_ بجرعات زائدة دون استشارة الطبيب مما أدى إلى اضطرابات جانبية كانت ستدخله غرفة الإنعاش. ولكي لا نرمي الكرة في ملعب الصيادلة فقط فالصحة هي مسؤولية الجميع بدء من المواطن الذي قد يأخذه استهتاره إلى غرفة الإنعاش خاصة مع تجاوزه لمرحلة استشارة الطبيب خوفا من دفع 500 دج لطبيب خاص أو 100 دج لطبيب بالمراكز الصحية كون خدمات الخواص أفضل من خدمات الدولة حسب آرائهم مرورا بالطبيب الذي قد يستنزف عادة الكثير رغم قدرته على معالجة المريض في أقل عدد من الزيارات وصولا إلى أطباء القطاع العمومي الذي وضع المواطن كامل ثقته فيهم لتنهار هذه الثقة خاصة وأن الكثير أصبح يتوسلهم لتلقي العلاج . نكاد نجزم أن الصيادلة أصبحوا كالتجار العارضين للسلع المستوردة فالمواطن يدخل ويختار الدواء ليشتريه عادة دون وصفة طبية في ظل تواجد صيادلة خلت ضمائرهم من النزاهة المهنية ليصبحوا تجارا للموت على حساب الزبائن .