- المؤلف يتضمن تعريفا بأماكن وأعلام وأحداث المدينة منذ تأسيسها إلى الاستقلال. - كتاب جماعي حول أهمية الوثائق الإسلامية في كتابة التاريخ قريبا. الإبحار في المعارف التاريخية ليس بالأمر الهيّن لدى أهل التخصص الأكاديمي بالدرجة الأولى ، وذلك لما يتطلبه من تدقيق في المعلومات وتمحيصها قبل السماح بتداولها، ومن هذا المنطلق و في إطار تعريف قراء جريدة الجمهورية بالأقلام الجادة الساهرة على صدق المعلومة والداركة لمثقالها في الحقل المعرفي، ارتأينا التقرب من الأستاذ بحوصي عبد الكريم ، أحد الوجوه المثقفة ، المتواضعة والبارزة بالأبيض سيدي الشيخ ، التي ساهمت من موقعها في إثراء الفعل الثقافي من خلال عديد اللقاءات العلمية والثقافية ذات الصلة بالتخصص ، فضلا عن المشاركة بالمحاضرات والمداخلات محليا ، ولائيا ، وطنيا ،وحتى خارج الديار. إننا في ضيافة هذا الباحث في التاريخ ومخبرالدراسات التاريخية المعاصرة بالمدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة ، الذي رغم ارتباطاته وانشغاله بإعداد رسالة دكتوراه حول ) جوانب من النظم المالية الإسلامية في ضوء نصوص البرديات العربية) ، لم يتردد في جعلنا نحظى بالسبق بخصوص إصداره الأول ، الموسوم ب «الحياة الاجتماعية في مصر» و تعريجه على كيفية إعداد هذا المرجع التاريخي بجمهورية مصر العربية تحديدا ، ولتمكين قرائنا من التعرف عليه أكثر وعلى مسيرته الإبداعية ، كان لنا معه هذا الحوار: @ من هو «بحوصي عبد الكريم ؟ أنا من مواليد 1988 بالأبيض سيدي الشيخ، ولاية البيض أستاذ التاريخ والجغرافيا وباحث في التاريخ الإسلامي، حاصل على شهادة ماجستير في التاريخ الوسط ، أحضر لأطروحة دكتوراه حول النظم المالية الإسلامية بالمدرسة العليا للأساتذة، وعضو في مخبر الدراسات التاريخية المعاصرة بنفس المؤسسة، عضو في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين شعبة الأبيض سيدي الشيخ، مهتم بدراسة المخطوطات العربية الإسلامية، خاصة ما ارتبط منها بالآثار المادية المكتوبة على غرار أوراق «البردي» العربية. @حدثنا عن تجربتك في التأليف؟ التأليف في الحقيقة هو مجهود فكري يتطلب الكثير من الاطلاع والمطالعة، فضلا عن الكثير من الصبر و مكابدة العقبات، الحقيقة أن شغفي بالتأليف كان مبكرا منذ الدراسة في الطور الثانوي، حيث كانت لدي محاولة لتأليف كتاب لا يزال مخطوطا بين يدي بعنوان» جواهر الآداب»، فضلا عن محاولات أخرى للتأليف على غرار كتييب « الأبيض سيدي الشيح بين التاريخ و الجغرافيا» ، كلها مخطوطات لم تجد السبيل إلى النور بعد ، أما عن تأليف كتاب «الحياة الاجتماعية في مصر»، فقد كان في الأصل رسالة ماجستير، تم تنقيحها وتعديلها، و إضافة معطيات إليها لتخرج على شكل هذا الكتاب، و لعل من أبرز الصعوبات التي واجهتها في تأليفه هي صعوبة علمية تمثلت في قراءة النص الأصلي للبردية، إذ إن قدم الوثيقة و رداءة الخط، و المؤثرات المختلفة على الورقة جعلت قراءتها في بعض الأحيان مستحيلة ، فضلا عن صعوبة الحصول عليها، لأن الحصول عليها يتطلب التنقل إلى أماكن تواجدها كمصر و النمسا وألمانيا والولايات المتحدةالأمريكية، وهذا غير مُتاح نظرا لاعتبارات مادية. مؤلف «الحياة الاجتماعية في مصر» وشغف الكتابة والبحث @الكاتب ابن بيئته، لماذا تمرّدت عن القاعدة بالاهتمام ببيئة خارج الديار ؟ في الحقيقة ليس تمردا على القاعدة، بقدر ما هو توسيع لنطاق البحث، فالاهتمام بالمادة التاريخية المصدرية المتعلقة بالعالم الإسلامي عامة يشكل شكلا من أشكال الانتماء الحضاري و الفكري، وهذا لا ينفي أن يكون هناك اهتمام بالتاريخ الوطني والمحلي. @ لماذا مصر بالذات ؟ هذا السؤال يتبادر إلى ذهن كل من يقرأ عنوان كتابي « الحياة الاجتماعية في مصر»، و قد طُرح علي مرارا، و ها قد جاءت الفرصة المناسبة لتوضيح الأسباب الموضوعية والعلمية التي دفعتني للكتابة في الموضوع. حيثيات الاختيار تعود إلى زيارتي التي قمت بها سنة 2009 إلى مصر ، هناك حيث زرت مكتبة الإسكندرية، وفيها شد انتباهي الأوراق التي استخدمت في الكتابة والتدوين ، والتي تصنع من سيقان نبات البردي الذي ينمو على ضفاف واد النيل، و التي شكلت وعاءا للكتابة و التدوين قبل 2000 سنة، خاصة و أن هذه الأوراق كانت تستخدم في مختلف المراسلات الإدارية والعسكرية والاجتماعية في عهد الفتح الإسلامي لمصر في حدود سنة 20 للهجرة، وتوسع استخدامها بشكل واضح في عهد الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، شد انتباهي هذا الأمر، وعند العودة إلى الجزائر كان هذا الموضوع محور اهتمام كبير تبلور فيما بعد على شكل رسالة ماجستير، ثم توسع ليصبح الكتاب الذي بين يدينا الآن، ثم إن مصر شكلت محطة حاسمة من محطات الفتح الإسلامي في إفريقيا، ودراسة هذا النوع من الوثائق في القرون الأولى للهجرة يعطينا تصورا واضحا عن الأوضاع السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية للعالم الإسلامي بشكل أكثر تفصيلا وبعيدا عن الذاتية ... @ ما الدافع الذي كان وراء اختيار الموضوع، وطريقة جمع المصادر؟ كان الشغف بالمخطوطات ينتظر تحفيزا حقيقيا والحمد لله تصادفت مع الأستاذة الدكتورة بن موسى .ج الأستاذة بالمدرسة العليا للأساتذة و رئيسة قسم التاريخ و الجغرافيا سابقا، و التي كانت قد تخصصت في الموضوع سابقا، وشجعتني أن أختار موضوع الدراسات البردية ، على أن تكون وثائق البرديات العربية المصدر الوحيد للدراسة، وبالفعل اخترت موضوع الحياة الاجتماعية في مصر الإسلامية في ضوء نصوص البرديات العربية، والذي عالج إشكالية الجديد الذي يمكن إضافته لحقل الأبحاث التاريخية والغير موجود في المصادر التاريخية. و بما أن أوراق البردي شكلت المصدر الأساسي للدراسة، فقد شكل الحصول على القدر الكافي منها لتغطية فصول البحث تحديا، فمعظم البرديات متواجدة في مصر و في متاحف ومكتبات مختلفة حول العام، على غرار مكتبة «البرتينا» بالنمسا، ومعهد الدراسات الشرقية بشيكاغو فالولايات المتحدةالأمريكية وغيرها، لم يشكل الحصول على هذا النوع من الوثائق عائقا حقيقيا في البداية ، خاصة وأن الموضوع تعلق بالحياة الاجتماعية، كون البرديات التي تناولت هذا الموضوع كثيرة، و تمّ الحصول عليها من خلال مراسلات شخصية، خاصة المراسلة لمكتبة «لبرتينا» بالنسمة حيث تم تزويدي بمجموعة قيمة من الوثائق غير منشورة سابقا، شكلت لب الدراسة لهذا الموضوع.غير أن الموضوع أصبح أكثر صعوبة في الحصول على البرديات عندما تعلق الأمر بالدراسات الإدارية و السياسية و العسكرية نظرا لحساسية وأهمية هذه الوثائق، و التي تكشف في مجملها مدى سماحة الإسلام من جهة وتكشف إنسانيته و هذا ما يسعى المغرضون للنيل من الحضارة الإسلامية إلى إخفائه و طمسه. إشكالية تسويق المؤلفات الأكاديمية العلمية @ هل زرت مصر من قبل و احتككت بكتابها؟ نعم، كانت زيارتي إلى مصر في إطار المشاركة في فعاليات مؤتمر دولي، هناك حيث التقيت بقامات علمية متميزة، على غرار الأستاذ والدكتور محمد خميس الزوكة العالم في الجغرافيا الاقتصادية، كما أتاح لي موضوع البرديات التعرف على شخصية بارزة من رواد هذا العلم وهو أ.د سعيد مغاوري محمد.على العموم كانت الرحلة إلى مصر رحلة علمية ملهمة، خاصة زيارة المراكز العلمية الهامة على غرار الأزهر الشريف، و مكتبة الإسكندرية، و بعض المساجد التي بُنيت في العهد العباسي ثم الفاطمي، حيث أنه خلال التجول تستنشق عبق التاريخ و تلمس عراقة الحضارة الإسلامية . @ حدثنا عن الصدى الذي حققه المؤلف بعد التوزيع ؟ الحقيقة أن تسويق هذا النوع من المؤلفات الأكاديمية العلمية محدود إلى حد ما، نظرا لاهتمامات شريحة واسعة من القراء في الجزائر، هذا لا ينفي وجود الطلب عليه، خاصة بالنسبة لدارسي الآثار الإسلامية، غير أن الكتاب وجد صدى خارج الجزائر، خاصة في مصر وليبيا و تونس، وقد بيعت نسخ فيها حتى أن جريدة « الأهرام «، قد كتبت عن الكتاب ، كما عرض الكتاب في المعرض الدولي للكتاب في الجزائر لنفس السنة عن منشورات دار ميم الجزائرية للنشر والتوزيع... @ ماذا عن مشاريعك المستقبلية ؟ في الأربع سنوات الأخيرة عكفت مع فرقة بحث متخصصة لتأليف كتاب جماعي مهم جدا، يدرس وبكثير من التفصيل أهمية الوثائق الإسلامية في كتابة التاريخ، وهذا الكتاب سيرى النور قريبا بحول الله، والذي يشمل معلومات مهمة ووثائق حصرية منها ما سيُنشر لأول مرة حول وثائق البرديات العربية والجنيزة، بالإضافة إلى رسائل الفاطميين والمرابطين و الموحدية، في المستقبل القريب نحاول تركيز الجهود البحثية حول مدينة الأبيض سيدي الشيخ عن طريق عمل موسوعة جغرافية و تاريخية للمنطقة، تضم تعريفا شاملا بكل الأماكن والأعلام والأحداث التي عرفتها المدينة منذ تأسيسها إلى غاية السنوات الأولى من الاستقلال.