لا يزال أفراد جيشنا الوطني الشعبي يضحون بأنفسهم فداء لهذا الوطن، لحماية ترابه وأمنه وسلامة عباده من أي اعتداء جبان في الداخل أو الخارج، ولكل رموزه ومؤسساته الدستورية ولنظامه السياسي ككل، مترجمين بذلك القوة التي تتمتع بها مؤسستنا العسكرية التي تعتبر الركيزة الأساسية في استقرار هذا الوطن، وركنا مهما في التعبير عن قوة وهيبة الجزائر التي تقارع بها الأمم كيف لا وهو من كان بالأمس يقاتل في الصحاري والجبال من أجل الاستقلال، واليوم يرافق الشعب في معركة التشييد والبناء، والوقوف بالمرصاد لكل المؤامرات، بعدما نجح في العديد من الاختبارات والمحن، بدايتها بحرب الرمال غداة استقلال الوطن، عندما أعلن المخزن المغربي حربا على الجزائر وهي لا تزال تئن من أوجاع الثكلى واليتامى والأرامل، إلى معركة السد الأخضر الذي بنته سواعد شباب الخدمة الوطنية لحماية شماله من زحف رمال جنوبه، وكذا تطهير حدودنا الشرقية والغربية من الألغام التي زرعها المستعمر الغاشم على خطي شارل وموريس. وما استشهاد العسكريين «سيدهم مرباح الدين» و«بن عليوة نسيم»، في الاشتباك المسلح مع مجموعة إرهابية بالقطاع العملياتي إن قزام أول أمس، إلا تعبير واضح عما تقدمه هذه المؤسسة من تضحيات جسام في سبيل الوطن، حيث يعتبر البطلان واحدا من قوافل الشهداء التي قدمها الجيش الوطني الشعبي في مختلف المناسبات التي تتعلق بحماية تراب هذا الوطن، آخرها ارتقاء 27 شهيدا في الحرائق التي نشبت في عدة مناطق من الوطن وتمركزت في جبال القبائل، وكانت وراءها أياد آثمة تهدف إلى زعزعة استقرار هذا البلد ومحاولة التشكيك في وحدته الوطنية، فكان لهم أفراد جيشنا بالمرصاد، جنبا إلى جنب مع الشعب في ملحمة وطنية تحت شعار «خاوة خاوة»، التي تغنى بها العام والخاص، ودفعت الرأي العام العالمي إلى متابعة العلاقة الراقية بين الطرفين، ولم تتمكن أقوى وسائل الإعلام الدولية من تجاوز جمال تلك الأحداث على الرغم من فظاعة الحادثة، فكانت ترصد وتبث آخر أخبارها عبر شبكاتها الدولية، في دلالة على إنسانية هذه القوات التي لها باع في هذا المجال يذكّرنا به الزلزال الذي ضرب مدينة الشلف «الأصنام» سابقا في 1980، ونظيره بعين تموشنت ذات ليلة رمضان من عام 1999، وكذا بومرداس في ماي 2003، بالإضافة إلى فيضانات 2001 بباب الواد بالعاصمة، أين كان أفراد الشعب الوطني الشعبي في الطليعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، دون أن ننسى ما يقوم به من فك عزلة بالكاسحات على المناطق التي تغمرها الثلوج، مع إمداد شعبها بالمؤونة، وما قام به إلى جانب إخوانه في سيناء في الحرب العربية سنة 1973، وحقنه لدماء الجزائريين في حراك فبراير 2019، عندما كان الجميع ينتظر أن يشتعل فتيل حرب داخلية بين أبناء الوطن الواحد. ويأتي الحدث الأخير الذي وقع في القطاع العملياتي إن قزام، ليكون بمثابة فرصة جديدة لنا، للتذكير بمناقب جيشنا الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، الذي يزخر تاريخه بمحطات مهمة ينبغي الوقوف عندها، وتلقينها لجيل الغد ليحمل المشعل بقلب مليء بحب هذا الوطن، الذي يستحق أن يسكن وجدانه ويواصل مسيرة السلف ليكون لمن سبقوه خير خلف، ويدافع عن كل ذرة في ترابه بقلب مفتوح لا يهاب المنون.