الممثل الراحل مصطفى برور ..عرفته صدفة في عام 1987..كنت أشتغل في مجلة الوحدة ..وكان زمنها مدير التحرير السيد " عز الدين حمو " ربي يذكره بالخير ..قال لي : مهدي ..هل عندك جواز سفر ..؟ ..قلت له: نعم .. لأجد نفسي وقد تم اختياري لتغطية صحفية عبر زيارة بحرية من تنظيم الديوان الوطني للسياحة " ONAT ".. زيارة بحرية في عهد مرحلة الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد ..رحلة عادة ما كانت تنظمها الخطوط البحرية الجزائرية .. عبر الباخرة الجزائرية المعروفة "الهقار " .. تحس فعلا وأنت في البحر الأبيض المتوسط ..أنك فعلا جزائري في باخرة جزائرية تزور دولا ومدنا عالمية ..مدنا سياحية عالمية خالدة مثل : جزيرة " بالما دومايوركا ".. مدينة " برشلونة " الإسبانية و المدينة الشهيرة الإيطالية " نابولي" .. و كذا المدينة الجميلة الساحلية التونسية مدينة " بنزرت " .. كانت رحلة العمر ..هناك كان الديوان الوطني للسياحة استضاف ممثلين معروفين في رحلتنا البحرية من بينهم الراحل مصطفى برور ومصطفى العنقة.. حيث كنا نعيش محطاتهما التمثيلية داخل السفينة الهقار .. كانت فرصة لي كي أحتك بالممثل مصطفى برور الذي توفي الأسبوع ما قبل الماضي رحمه الله .. عرفت من خلاله هذا التميز الكبير الذي يطبعه في مجال التمثيل وكذا إنسانية وعشرة تميزه عن الآخرين رحمه الله ...عشنا أياما بحرية جميلة مع الممثل الراحل الذي كان الأقرب لي في الرحلة ..نحكي عنه وعن تجربته وعن محطاته مع الفن والتمثيل السينمائي والمسرحي كان يحيلني على الوسط الفني المسرحي والدرامي خاصة عندما عرفني أنني من الوسط الإعلامي ..كان يبادلني التحية كلما تقاطعنا في السفينة الهقار .. لا أنسى تلك الزيارة البحرية حينما عايشنا محطات مدن مثل برشلونة وأكبر شارع فيها ..بل أكبر شارع شعبي في عموم أوروبا .. شارع " لارامبلا " الشهير ..هناك تجد عموم الشعب من الكاتالونيين ومن الغجر والخلاسيين والمعارضين من أمريكا اللاتينية ..تجد حراكا شعبيا ترصده فواصل شارع هو بمثابة الملتقى الايديولوجي والسياسي خاصة في زمن منظمة " إيتا " الإسبانية المسلحة والتي اندثرت وتم حلها نهائيا حينما لم تنجح كاتالونيا الانفصال عن شبه الجزيرة الإيبيرية إسبانيا .. في شوارع برشلونة عشت محطات من التواصل الإخواني مع الإعلامي الكبير بوعلام رمضاني Ramdani Boualem ، هذا الذي رسم فواصله يوما في يوميات " الشعب " و« المساء ".. كنا الأقرب لبعض في تلك الرحلة .. كان احتكاكي به إضافة لي في الإعلام والاتصال والإضافات.. أتذكر لما كنا هناك.. كان يحمل آجاندا فيها اقتراحاته وتخميناته وهوسه الإعلامي ..حراكا في داخله كي ينجز استطلاعات وتحقيقات وومضات عديدة منها تلك الزيارة البحرية التي رسمت لنا كيف ساهمت الجزائر في تنشيط السياحة الشعبية التي كانت عنوانا بارزا في العهدة الثانية للرئيس الراحل الشاذلي بن جديد بالرغم من أن الواقع زمنها كان ينذر بانفجار اجتماعي وشيك وهو ما حدث فعلا فيما بعد عبر أحداث 05 أكتوبر 1988 الشهيرة .. في الباخرة " الهقار "..كنت عن قرب ..أتابع محطات الراحل مصطفى برور التمثيلية هذا الذي تربى في المسرح والسينما والتلفزيون وكذا التمثيل الإذاعي .. كان كبيرا رحمه الله وكنت الأسعد وأنا أعيش محطاته..وتجربته التمثيلية الخالدة .. يحلو لك أن تحلم وأنت مع الراحل مصطفى برور ..كيف لا.. و تواجدي في مدينة الحلم " نابولي " الشهيرة يحيلك على محطة أخرى .. حينما كان يلعب الراحل مارادونا في فريق نابولي.. وأخذ معهم البطولة والكأس ..كانت نابولي ببناياتها الشعبية وكذا شوارعها التقليدية .. تحمل في القلب كبيرا.. اسمه مارادونا ..كنت سعيدا أن أعيش ذلك الزخم وكلي فرح مع الإيطاليين الذين كانوا يحبون اللاعب مارادونا حد الجنون ..أتذكر ذلك الإيطالي الجميل الذي أهداني ساعة " أوميقا" بالمجان .. بعد أن تحدثنا عن تواجد مارادونا وما يصنعه من أفراح ..فرح كثيرا وأنا أحدثه عن مارادونا ..وفرح أيضا حينما قلت له : سيلتحق اللاعب البرازيلي الشهير " كاريكا" في صفوف فريقكم..لحظتها دخل معي بجنون في محبة دائمة ..نسى أنه بائعا جوالا ...نسى سلعته ونسى كل شيء في سبيل مارادونا .. في الشارع النابوليتاني تجد صور مارادونا في الشوارع في العمارات في المقاهي في الأسواق.. تكاد تقول أنك في بوكا جونيور في الأرجنتين ..يقدسونه يحبونه ويعيشون حراك لاعب صنع لهم الأفراح .. أكملنا زيارتنا بتواجدنا آخر الرحلة في مدينة بنزرت التونسية الساحلية ..تبقى لي ما مقداره 20 ليرة ايطالية. قلت لنفسي ..سأقتني بها جريدة " الصباح" التونسية لأنه من غير المنطقي أن تزور تونس كإعلامي ولا تشتري يومية الصباح ..وجدت هناك من يطالعها بجانب محل لتحميص القهوة ..سألته عن الصباح ..قال لي مباشرة..خويا جزايري..؟ ، قلت : نعم ..قال لي: تعالى ..الجريدة لك.. لكن تعالى نشرب معا شاي ..وراح يحكيلي عن الشعر والحداثة وما بعدها وعن تفاصيل له في الحياة إلى أن وصل إلى اللاعب " رابح ماجر " يحكي عن هدفه في مرمى بيارن ميونخ ..قال لي : خرجنا كلنا في مدينة بنزرت لما فازت بورتو بالكأس الأوروبية ..كنت أستمع إليه وكلي فرح أنني مع عالم يلازم الفرح والجمال والحكايات الجميلة حينما عشنا لأيام في البحر نرسم بدورنا الفرح والمعاني التي تصنع لنا الحكاية الخالدة.. تفاصيل صنعت كما نرى حكاية رحلة خالدة في البحر الأبيض المتوسط ..رحلة جميلة لامست فيها محطات وإضافات ..مصطفى برور وبوعلام رمضاني و مارادونا..