يتوقع الكاتب البيروفي ماريو فارغاس يوسا الحائز على جائزة نوبل للأدب في 2011 عن كتابه "المدينة و الكلاب "في أحدث كتبه، الذي صدر الإسبوع الماضي عن دار "ألفاغوارا" للنشر في إسبانيا، وسيتم توزيعه تدريجياً في أمريكا اللاتينية، زوال الثقافة، وخسوف المفكر في المجتمع المعاصر. إعتاد فارغاس يوسا أن لا يتردد لحظة في قول ما يفكر فيه، حتى لو أثارت آراؤه الغضب في نفوس الآخرين، ومن المؤكد أن كتابه الجديد "حضارة الفرجة" الصادر مؤخراً، يحمل بين طيّات صفحاته الكثير مما يدعو الى الجدل، كونه يسلط الضوء على الحاضر، وينتقد الذين يستهينون بالثقافة، والسياسة، والصحافة وفقاً لوكالة إيفي الإسبانية. يكتب فارغاس يوسا في كتابه الجديد، الذي يتصف بالجرأة في الطرح، والوضوح في التنديد بالأهمية المفرطة التي تعطى للترفيه، والتسلية في عالمنا قائلاً "يمنح المفكر أهمية إذا ما ساير لعبة الموضة، وأصبح مهرجاً". ويؤكد الروائي المعروف على أن الرغبة في التسلية هو "أمر مشروع"، لكن أن تتحول الى قيمة عُليا، حينذاك تترتب عليها عواقب وخيمة: " الإستهانة بالثقافة، وتعميم اللاأبالية في ميدان المعلومات، التي تنتشر في الصحافة غير المسؤولة، والتي تهتم بالقيل والقال، والفضائح" أن هذه الرغبة في التسلية تؤثر في الأدب، وتجعل من كل ما هو "خفيف" أن ينتصر، ولها، هي الأخرى، عواقب أيضاً من حيث أن النقد الأدبي، الذي نكون بأمس الحاجة إليه لتسليط المزيد من الضوء على الساحة الثقافية المربكة، يكون في كل مرة، أقل تأثيراً. وينتقد الكاتب أيضاً المساحة الواسعة التي تخصص للموضة، والمطبخ في الأقسام الثقافية. ويشير فارغاس يوسا في أول كتاب يصدر له، بعد فوزه بجائزة نوبل، الى أن "الطهاة"، ومصممي الأزياء "إستحوذوا على دور البطولة الذي كان رجال العلم، والمؤلفين، والفلاسفة، يؤدونه فيما مضى". ويضيف مؤلف العديد من الروايات الرائعة "حفلة التيس"، و"إمتداح الخالة"، و"البيت الأخضر"، أنه في ثقافة التهريج هذه، والسائدة في الوقت الحاضر، "يكون لنجوم التلفزيون واللاعبين الكبار التأثير ذاته، الذي كان للأساتذة، والمفكرين، وقبل ذلك، علماء الدين". ولا يبدو أن الصورة التي رسمها لرجال السياسة في كتابه "حضارة الفرجة"، قد خرجت سليمة هي الأخرى، حيث يؤكد فارغاس يوسا، الذي يلفت الإنتباه أيضاً الى تأثير المثقفين الضئيل على المجتمع اليوم، على أن "السمعة السيئة للسياسة، في ايامنا هذه، لا حدود لها"، بسبب من "هبوط المستوى الفكري، والمهني، وبالتأكيد الأخلاقي، للنخبة السياسية". يقول الكاتب والروائي أن المفكر " إختفى من المناقشات العامة، على الأقل، من التي تكتسب أهمية خاصة"، ولم يعد للفكر وزنه "في حضارة الفرجة"، التي تطغي اليوم "الصور على الأفكار". وأما السينما، يقول عنها فارغاس يوسا، أنها لم تعد تنتج مبدعين مثل بيرغمان، أو فيسكونتي، أو بونويل. حيث يعتبر وودي ألن رمزاً سينمائياً "كما لو كان ديفيد لين، أو أورسون ويلز"، أو أندي وارهول، كما لو كان غوغان، أو فان كوخ في الرسم، أو داريو فو، كما لو كان تشيخوف، أو إبسن في المسرح". وفي كتابه، الذي سيقدمه في حفل خاص يوم 25 أبريل/ نيسان الحالي، في "كاسا أميريكا" بمدريد، يتوقف المؤلف عند الفنون التشكيلية أيضاً، مؤكداً على أن "اللاأبالية فيها قد بلغت حداً لا يطاق". ويكتب فارغاس يوسا الذي يحتوي كتابه الجديد "حضارة الفرجة" على بعض مقالاته المنشورة في صحيفة "الباييس" الإسبانية، أن الصحافة تسهم، بشكل كبير، "في توطيد الثقافة (الخفيفة)، الأمر الذي يؤدي الى نسيان أن الحياة "ليست مجرد متعة، بل دراما، وألم، وغموض، وإحباط".