ارجأ حمادي الجبالي رئيس الحكومة التونسية وامين عام حزب النهضة الاسلامي الحاكم الى الاثنين المشاورات التي بدأها الجمعة مع رؤساء الاحزاب السياسية لتشكيل حكومة تكنوقراط تخرج البلاد من ازمة سياسية غرقت فيها منذ اشهر وعمقها اغتيال المعارض شكري بلعيد مطلع الشهر الجاري. وكان الجبالي هدد بتقديم استقالته يوم غد السبت الى الرئيس التونسي منصف المرزوقي في حال فشلت مشاوراته مع الاحزاب السياسية حول تشكيل حكومة تكنوقراط. وقال رئيس الحكومة للصحافيين عقب الجولة الاولى من المشاورات مع الاحزاب السياسية "صارت جولة من تبادل الراي بين من هو مدعم للمبادرة (تشكيل حكومة التكنوقراط) ومن هو ضدها ومن هو في الوسط". واضاف "هناك تقدم وتطور في كل النقاط التي اثيرت، وقررنا ان نلتقي يوم الاثنين لمواصلة المشاورات". وتابع دون تقديم تفاصيل "خرجنا بنتائج مشجعة، وجلوس كل الاطراف على طاولة الحوار هو شيء مهم، لقاء (اليوم) فيه كثير من الايجابية ومستوى راق من الصراحة". وقال ايضا "تحدثنا مباشرة وبكل واقعية لمناقشة المبادرة التي قدمتها الى الاحزاب والشعب"، مضيفا "نعتبر ان الوقت ليس هو الاهم، الاهم هو مصلحة تونس وايجاد مخرج وحل للازمة". وطلب الجبالي من رؤساء الاحزاب السياسية الذين شاركوا في المشاورات عدم الادلاء باي تصريحات لوسائل الاعلام لان الوقت الان ليس "وقت مزايدات"، على حد تعبيره. وقال الباجي قايد السبسي رئيس حزب "نداء تونس" الليبرالي المعارض، وكمال مرجان آخر وزير خارجية في عد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ورئيس حزب المبادرة (ليبرالي معارض) ان المشاورات كانت "ايجابية"، رافضين الادلاء بمزيد من التفاصيل. وفي السادس من الشهر الجاري، وبعد ساعات من اغتيال شكري بالعيد بالرصاص امام منزله في العاصمة تونس، اعلن حمادي الجبالي قراره تشكيل حكومة تكنوقراط لتجنيب البلاد الدخول في "الفوضى" و"العنف". ولكن حركة النهضة رفضت قرار امينها العام ودعت انصارها الى التظاهر غدا السبت في العاصمة تونس "للدفاع عن شرعية" الحكم الذي وصلت اليه بعد فوزها في انتخابات 23 اكتوبر 2011. في المقابل دعمت مبادرة الجبالي نقابات العمال ومنظمة ارباب العمل في تونس، ومعظم احزاب المعارضة وجمعيات المجتمع المدني. واضافة الى النهضة يعارض مبادرة الجبالي حزب المؤتمر من اجل الجمهورية (علماني) بزعامة الرئيس المنصف المرزوقي، وحزبان اخران صغيران، وتطالب هذه الاحزاب بتشكيل حكومة مختلطة تضم سياسيين وتكنوقراط. واذا استمر نواب هذه الاحزاب في مساندة موقف احزابهم فستكون لديهم الاغلبية الكافية في المجلس الوطني التاسيسي لحجب الثقة عن الجبالي. وبامكان الجبالي ان يعول على مساندة المعارضة العلمانية والمنظمات النقابية وارباب العمل وقسم كبير من المجتمع المدني الذي يرى في مبادرته الحل الوحيد لاستقرار البلاد بعد سنتين من الثورة التي اطاحت بزين العابدين بن علي. من جهة اخرى دعا المقربون من شكري بلعيد الذي اغتيل في السادس من فبراير السبت الى حفلين لاحياء ذكراه في حين لم يسجل التحقيق اي تقدم، وسيجري الحفل الاول في جنوبتونس والثاني في جندوبة (شمال غرب) التي تتحدر منها عائلته. وتحمل العائلة حركة النهضة مسؤولية اغتيال هذا الناشط اليساري المناهض المتشدد للتيار الاسلامي لكن هذه الحزب ينفي ذلك. وفضلا عن هذه الازمة ما زالت صياغة الدستور في مأزق لعدم التوصل الى توافق حول طبيعة النظام الجديد، واكد الجبالي ان مبادرته تهدف الى تسريع ذلك العمل من اجل تنظيم انتخابات في اقرب وقت. وتكثفت النزاعات الاجتماعية على خلفية الفقر والبطالة اللذين تسببا في اندلاع ثورة يناير 2011 اضافة الى تنامي التيار السلفي المتطرف الذي يعزعز استقرار البلاد بهجماته.