لا أحد يستطيع أن ينكر الدور الذي تلعبه التكنولوجيا في حياتنا اليوم، خصوصا كعامل من عوامل النمو والتطور، ولكن من جهة أخرى، يجب ألا يغيب عن أذهاننا أنه لا يمكن لهذه الوسائل أن تؤدي دورها إلا بوساطة عقلية، ذهنية تحسب للزمان حسا به وتقدره قدره، إذ دون هذه العقلية لا يمكن أن ننتظر النتائج المرجوة ولو كنا نملك ما نملك من القدرات العلمية والتكنولوجية المتطورة. فمن منا يستطيع أن ينكر أن هناك ثروات مهمة وطاقات لا يستهان بها تهدر وتذهب سدى في مجتمعاتنا لا لسبب إلا لعدم تقدير أبنائها لعامل الوقت، وعامل الأصالة ومواكبة المعاصرة، فالغزو الثقافي الغربي ميع أصالتنا وجعل جيل أبنائنا يتخلون عن عمق حضارتهم العربية الإسلامية. والشيء المهم المبادىء الصحيحة التي يجب أن يتحل بها أبناؤنا لكن عند ملاحظة لبعض التصرفات المشينة في المجتمع من نصب واحتيال وسطو وخلق جوّا من الرعب في النفوس وهم يلصقون التهمة ب «الميزيرية» و«الخبزة» أو الفقر فهذا عار عليهم لأن أجدادنا كانوا فقراء ولكن كانوا يأكلون لقمتهم بشرفهم ولم يتخلوا عن أصالتهم رغم مواكبة العصرنة في كل وقت وفي كل جيل وتبقى معادلة الأصالة والمعاصرة تحتاج إلى ميزان عادل. وإذا تسألنا عن ماذا غرسنا في أرضية البذور الأولى، نجد أن العولمة قد استهدفت اللبنة الأولى وهي أطفالنا في روضاتهم ومدارسهم وفرض علينا ما فرض لتغيير المناهج وطبق منها ما طبق، فعولمت الأساليب التربوية وطريقة تنفيذها، وما درى الأباء أن وباء الحداثة والتغريب قد تمكن منا إلا عند تحصيل النتائج وحصد الثمار المرة. وكان أبناءنا فئران تجارب في العديد من المراحل التعليمية بأسماء كثيرة رغم أن الحداثة والتكنولوجيا يجب أن تخدم أصالتنا لا أن تكون ضد تيار وجودنا كأمة لديها تاريخها وفكرها وتراثها. وعلى طول الخط الطويل الممتد في حياتنا نواجه أمورا شتى تحتاج إلى فؤاد صاح وبصيرة نيّرة للحفاظ على أصالتنا وغربلة كل ما يأتي لنا من الغرب وأخذ فقط ما يناسبنا من علوم وتكنولوجيا تخدم وجودنا كأمة تطمح للتطور وتحافظ على المنبع الأصيل دون السقوط في حداثة لا تخدم إلا من يتربصون بنا ولا يريدون لنا الخير وينتظرون أن يدمن كل شبابنا ولا يعي ما يريد والدواء الوحيد هو ثوابتنا التي يجب الحفاظ عليها.