صدر هذه الأيام للكاتب أحمد خياط مؤلف جديد مزدوج اللغة جدير بالمطالعة والتفحص خاصة بالنسبة للفئة المهتمة بالأدب عموما والأدب الفرنسي على وجه الخصوص، وقد اختار له عنوان « مشاهير فرنسيون اختلسوا من الأدب العربي » وهو يقع في 232 صفحة من الحجم المتوسط ويحتوي غلافه في الأعلى على صورة لأبي العلاء المعري وفي الأسفل على صور لكل من لافونتين وباسكال وفولتير. كاتبنا انتهى من تأليفه مؤخرا وعلى نفقته الخاصة بعد أن أمضى عاما ونصف في البحث والتنقيب في شتى المراجع والمصادر وأمهات الكتب نذكر منها « إخوان الصّفا وخلاّن الوفاء» و«ألف ليلة وليلة» والقرآن الكريم وأساطير لافونتين وأفكار باسكال ورواية زاديڤ.. ومما ساعده كثير ا على الكشف عن السرقات التي اقترفها هؤلاء المشاهير الفرنسيون اتقانه للغتين الفرنسية والعربية وإلمامه بالأدب الفرنسي والأدبي العربي وكذا حفظه الجيد للقرآن لكريم واستيعاب معانيه. الكتاب الذي هو عبارة عن دراسة قيمة يعالج فيها اختلاسات أدبية لستة (06) كتّاب فرنسيين أربعة منهم ذائعو الصّيت عالميا :لافونتين اختلس نحو 13 حكاية اعتمادا على كتاب « كليلة ودمنةى أحيانا يقتبس منه الأفكار العامة وأحيان أخرى ينقل القصة بكاملها، والعجيب في الأمر أن في مقدمة مصنّفه الرائع يتحدث عن ايزون وعن ماكيافيل ولم يشر مرّة إلى كتاب « كليلة ودمنة» أما فولتير ذاك الفيلسوف الشهير (1694 م -1778 م) فقد اختلس من « القرآن الكريم» مواضيع ضمّنها قصّته « زديڤ» فالمقارنة بين نصّ فولتير وما ورد في « القرآن الكريم» وتحديدا في سورة الكهف والآية 60 إلى الآية 81 تنتهي بنا إلى المؤلف « زديڤ» اقتبس مطولا مما جرى بين سيدنا موسى (عليه السلام) والعيد الصالح السيدالخضر وخاصة في الحادثتين المتعلقتين بقتل الغلام والكنز الدفين تحت الجدار. المختلس الثالث هو : باسكال (1623 م - 1660 م ) الفيلسوف الرياضي الكبير الذي اقتبس « نظرية الرّهان» الشهيرة من « رسالة الغفران» لصاحبها أبي العلاء المعرّي. بينما المختلس الرابع هو كلاريس دي فلوريون (1755 م - 1794 م) ، هذا الأخير استنبط الفكرة الرئيسية التي بنى عليها أسطورته « الأعمى والمقعد» من حكاية وردت في رسائل اخوان الصّفاء وخلان الوفاء وهو مجلد يقع في 2000 صفحة كتبته جماعة من الفلاسفة المسلمين العرب في القرن التاسع الميلادي. ويعدّ بيير دي بروفنس الذي عاش في القرن 17 وصاحب كتاب « بيير بروفنس وملڤلون الحسناء» المختلس الخامس ذلك أنه أعاد وبطريقة ذكية كتابه غراميات « قمر الزمان والأميرة بدور» معتمدا على كتاب ألف ليلة وليلة الذي ألّفه كتاب عرب مجهولون في القرن الثاني عشر الميلاد. أما السادس فهو اتيين دي بوربون (1180 م - 1261 م) لقد أخذ حكاية ابن عرس والحيّة السوداء من كتاب كليلة ودمنة بعد أن اكتفى باستبدال ابن عرس بكلب يقول الكاتب أحمد خياط في مقدمة مؤلفه أن السرقات امتدت إلى 21 موضوعا مشيرا إلى أن هذه الدراسة منقوصة لأنه مقتنع بأن ثمن كتاب وفلاسفة فرنسيون آخرون من المحتمل جدا أنهم نسبوا إلى أنفسهم مؤلفات نقلوها من التراث العربي الإسلامي وسيكشف عنها التاريخ إن عاجلا أو آجلا. لافتا النظر في الأخير أنه لم يكن في نيته أبدا النيل من مكانة الكتّاب الفرنسيين السابق ذكرهم، فأمثال فولتير، وباسكال أولافونتين سيبقون في عينه وفي عين الملايين الناطقين بالفرنسية عباقرة عبر العصور. هذا ونتوقع أن يحدث هذا الإصدار الجديد ضجة كبيرة وجدلا واسعا في أوساط المثقفين والأساتذة والدارسين ولا سيما المهتمين بالأدب الفرنسي.