يعرف قطاع السياحة في ولاية مستغانم تحسنا ملحوظا في السنوات الأخيرة، لاسيما من ناحية عدد المصطافين الذين يقبلون على الولاية، الإيواء. الخدمات الفندقية وحتى أماكن استقطاب واستقبال السياح بحكم توفرها على شواطئ خلابة ومواقع أثرية هامة، ولكن وبالرغم من كل هذه المقومات، إلاّ أن هذا القطاع لايزال يحتاج الى بعض الروتوشات والتعديلات التي ينبغي على القائمين بشؤون السياحة بمستغانم إعادة النظر فيها حتى يتم تجاوز هذه العراقيل المطروحة وبحدة... وينبغي أن نشير في البداية الى أن قطاع السياحة بالولاية تعزز ولايزال بهياكل نوعية تتمثل في سبعة (07) مرافق ممثلة في إقامات سياحية وفنادق، تتمركز هذه الأخيرة خصوصا بالقطب السياحي المتواجد بمنطقة شاطئ صابلات التابع إقليميا إلى بلدية مزغران، مما سيسهم في تدعيم طاقة الاستيعاب الموجودة ، حيث أن هذه المرافق ستوفر للزوار ما يقارب 1300 سرير ، هذا في الوقت الذي يبقى فيه 43 مشروعا سياحيا قيد الأشغال وستدخل الخدمة خلال الصائفة المقبلة أي في سنة 2014 ، مما سيرفع حتما عدد الأسرة التي ستقفز من 1300 إلى 6 آلاف سرير، ما سيدفع القطاع إلى رفع طاقته الإجمالية التي ستتجاوز ال 20 ألف سرير عند جمع كل المرافق ، من جهة أخرى ستوفر هذه القفزة النوعية المزيد من فرص العمل للشباب ، حيث يتوقع أن تبلغ هذه السنة 3 آلاف منصبا جديدا يضاف إلى آلاف المناصب الموجودة، في انتظار استكمال الدراسات الجارية على مستوى مناطق التوسع السياحي المستحدثة بكل من شاطئ بن عبدالمالك رمضان ومنطقة كاب إفني المتواجدة شرق تراب الولاية ، رغم كل هذا إلا أن هذا القطاع لا زال عاجزا عن تحقيق التوازن بين العرض الهزيل والطلب الكبير ، حيث تتوافد على شواطئ ولاية مستغانم الملايين من المصطافين القادمين من الولايات الداخلية والمجاورة وكذا الصحراوية بغرض الاستمتاع بسحر البحر ونسماته إضافة إلى العائلات الآتية من بلاد الغربة ، من جانب آخر ستسهم هذه الإستثمارات إن دخلت كلها في الخدمة في التقليل من ظاهرة استئجار الخواص لمساكنهم دون مراعاة حقوق الزبائن ، حيث بلغ ثمن يوم واحد في شقة من ثلاثة غرف بحي سيدي لخضر بحي صالمندر إلى 4000 دج ، ولمعالجة هذه الظاهرة أصدرت الدولة منشورا وزاريا مشتركا بين وزارتي الداخلية والجماعات المحلية ووزارة السياحة والصناعات التقليدية يعرف بقانون 08_11 المؤرخ في 2008 ، يمكن الراغبين في إيجار مساكنهم القيام بذلك وفق شروط ، وفي ذات السياق ، فقد أضحت القدرات السياحية الطبيعية خصوصا منها التي تزخر بها ولاية مستغانم عرضة لكافة أشكال الاستنزاف والإهمال كعصابات نهب الرمال وإتلاف المعالم الأثرية و التاريخية التي هي من جهة أخرى تحت رحمة التآكل وعوامل الحث والتعرية جراء غياب سياسة سياحية ترمي إلى الحفاظ على الكنوز الأثرية والمعالم التاريخية كما هو حال العديد من المواقع بشتى جهات تراب الولاية .
- غياب المرافق وراء النشاط الطفيلي وما يجدر ذكره أن النقص الفادح في الخدمات السياحية أدّى إلى فتح فجوة كبيرة في مجال إيواء المصطافين ، حيث سمح وبطريقة تلقائية بروز ونشاطات طفيلية هامشية استغلها البعض ممن يملكون منازل عبر الشريط الساحلي في مختلف المدن والقرى ، حيث لم يتوانون أصحابها وأمام مرأى ومسمع مختلف الإدارات العمومية من مصالح المراقبة والمتابعة والغش وقمع الغش ومصالح الديوان والترقية العقارية وما إلى ذلك من مصالح لها يد في إيقاف التحايل على القانون والتلاعب بحقوق المواطنين والضيوف الذين اختاروا مستغانم قبلة لهم ، هكذا إذا وفي ظل نقص الخدمات المقدمة إلى المصطافين ، يقدم الكثير من سكان البلديات خاصة منها المحاذية للمناطق الساحلية بكراء مساكنهم بعد ما يؤثثونها تارة أو يتركونها على حالتها الطبيعية تارة أخرى بأسعار تسير دوما في منحنى تصاعدي وخيالي ، حيث عرضت السنة الماضية شقق غير مؤثثة من نوع غرفتين ولمدة شهر واحد بقيمة 30 ألف دينار جزائري في حين عرضت شقة مؤثثة وبنفس المقاييس بسعر لا يقل عن 70 ألف دينار جزائري للشهر الواحد . - ارتفاع جنوني للمواد الاستهلاكية إضافة إلى هذا الانزلاق وعجز المؤسسات المخولة قانونا بمراقبة ما يدور من حولها رغم علمها بذلك ، تطل على المواطن ظاهرة أخرى لا تقل خطورة عن الأولى و تتمثل في ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وبصفة غير معقولة وغير مبررة وجنونية ، حيث تتضاعف الأسعار خلال فصل الصيف مرات عدة وهذا في حقيقة الأمر ما هو إلا مؤشر آخر يظهر مدى قوة الولاية في استقطاب الزوار والمصطافين سواء كانوا من داخل أو خارج الوطن في حين تجد نفسها عاجزة في تقديم مرة أخرى الخدمات التي يطلبها الزوار وتترك المواطن يتخبط تحت طائلة قانون السوق " العرض والطلب " مما يكبل حتى الإدارات القائمة على متابعة ذات النشاطات الاقتصادية ، حيث بالرغم من الخرجات الميدانية العديدة والتي تعد بالمئات لمصالح قمع الغش إلا أنها تبقى عاجزة عموما في احتواء الظاهرة والتي تصل في بعض الأحيان إلى المساس بصحة المواطن ، وأمام هذه المعادلة الصعبة يجد المواطن المستغانمي نفسه بين سندان المصطافين الذين يتزايدون كل يوم ومطرقة الأسعار التي تتماشى والطلب المتزايد . - ظواهر أخلاقية لا تسر الناظرين أما في الجانب الأخلاقي ، فبقدر ما تتميز به مدينة مستغانم بمختلف مهرجاناتها المسرحية الشعبية والأندلسية، بقدر ما تستفحل فيها ظاهرة انتشار وسط الشباب المستهلكين للمشروبات الكحولية وبكميات غير مسبوقة، والدليل المئات من الزجاجات و الجعات الفارغة المترامية على طول حافة الطريق المطلة على البحر ( صلامندر، لاكريك 1 و 2 إلى غاية شاطئ صابلات )، إن هذه المشاهد تتكرر للأسف على مدار مدة موسم الاصطياف، مانحة و مقدمة للزوار نظرة قبيحة عن ما سينتظرهم إن قرروا البقاء ولمدة طويلة بمدينة مستغانم، أمام هذا الوضع الذي فرضه موسم الاصطياف على المدينة الهادئة، يبقى المواطن البسيط يسخط على هذا الفصل الذي حل به ولن يجني منه إلا المتاعب وصعوبة العيش في ظل حرارة الطقس وارتفاع الأسعار ، وما يزيد الطين بلة ، نزول المميسات اللواتي يزحفن ومن كل أنحاء الوطن بحثا عن المال السهل والوسخ بأي ثمن كان وذلك بالرغم من قيام مصالح الأمن والدرك بواجبهما من أجل الحد من هذه الظاهرة السلبية التي استفحلت في مجتمعنا ، إلا أن الأعداد التي تغزو شواطئ ولاية مستغانم من بائعات الهوى لا تعد ولا تحصى ، حيث يستعملنا كل الحيل للظفر بالزبون ، هذا الأخير وبالرغم من التحذيرات إلا أنه يختار في الكثير من الأوقات المغامرة غير مبالي بما يمكن أن يكلفه في حال إصابته بأمراض خطرة . من خلال هذا التحقيق الخاصة بالسياحة في ولاية مستغانم يتبين أن طريق ترقية سياحية محترمة، مقبولة وذات مستوى مقبول لا زال بعيد المنال، بسبب النقص الفادح للهياكل القاعدية من جهة وشبه انعدام أخلاقيات المهنة من جهة أخرى، إن قطاع السياحة في مستغانم هو قطاع رائد وجد استراتيجي، ما يلاحظ، إن الكثير من الدول التي تتوفر على مظاهر طبيعية خلابة تجعل منها ورقة رابحة لدرجة أنها تقحمها في معادلتها الإقتصادية نظرا لما تجلبه من زوار وموارد مالية محلية وبالعملة الصعبة، الكرة اليوم إذا في مرمى المستثمرين والسلطات المحلية والمديريات القائمة على عالم السياحة مجتمعة إن أرادت أن تبلغ ولاية مستغانم خاصة والجزائر عامة المستوى الذي تستحقه في حوض البحر الأبيض المتوسط . p14/133/2 --------------- «مسك الغنائم» في بطاقة تقنية.. تعد ولاية مستغانم من بين الولايات 14 التي تتكون منها المنطقة الغربية للجزائر، يقطنها أزيد من 807.500 ساكن، جغرافيا هي محصورة بين البحر الأبيض المتوسط شمالا وولايات وهران غربا، شلف شرقا، أما جنوبا فهي محدودة بولايتي معسكر وغيليزان، تتميز ولاية مستغانم بتضاريس خاصة تمتد على مساحة 2.269 كلم 2، قسمها علماء الجغرافيا إلى أربع وحدات مورفولوجية ثم جمعوها في شريطين متوازيين وهما الهضبة المستغانمية ومنطقة الظهرة، فإذا كانت الأولى (الهضبة المستغانمية) تمتد من فرناكة غربا إلى بوقيراط والصفصاف شرقا ، فإن منطقة الظهرة تنطلق من سهل سيدي بلعطار فوسط هضبة مستغانم لتمتد تصاعديا إلى غاية أعالي عشعاشة، خضرة وأولاد بوغالم. مناخ مستغانم معروف بشبه جفافه وكثرة التساقط حيث تصل المغياثية بين 350ملم في الهضبة المستغانمية و 400 ملم في منطقة الظهرة «المرتفعات». المواقع الطبيعية تزخر ولاية مستغانم بعدد من المواقع السياحية خاصة منها الطبيعية، تجلب إليها ملايين من السياح في فصل الصيف، فبخصوص الواجهة البحرية لمستغانم شريط ساحلي يمتد على طول 124 كلم، يجد الزائر بها سواحل متنوعة حيث هناك السواحل رملية، الحجرية، الحصوية ...، يبدأ هذا الشريط من ساحل سيدي منصور المجاور لولاية وهران إلى غاية ساحل بحارة المتاخم لحدود ولاية شلف، يجمع هذا الإمتداد الطويل 58 ساحل، به 21 ساحل مفتوح للسباحة و 27 ساحل ممنوعة ، قدر عدد المصطافين سنة 2012 حوالي 9 ملايين مقارنة مع سنة 2011 التي بلغ فيها 12 مليون، ويرجع هذا التراجع إلى تزامن شهر رمضان الكريم مع فترة الإصطياف مما أثر على الموسم برمته، إلى جانب الساحل تملك ولاية مستغانم أوراق أخرى منها الحمامات حيث تتوفر بها ثلاثة حمامات صحية أشهرها حمام عين النويصي الذي لا زال يعمل وعلى مدار السنة إلا أن نقص الإشهار به جعله يقع في كثير من الأحيان في طي النسيان. بخصوص الغابات لولاية مستغانم ما يؤهلها لتقيم السياحة الطبيعية حيث تزخر بغابات جد جميلة كغابات السداوة، بن عبدالمالك رمضان، سيدي منصور، الشواشي، الصفصاف، بوراما والسوافلية، أما المغارات فيمكننا عد كل من مغارات عين نويصي، ماسرى، الكاف الأصفر، شلالات ، سداوة إلى جانب حديقة الصور، سبخة مقطع التي تعد من منطقة رطبة تم اقتراحها لكي تصنف ضمن المناطق الطبيعية . تاريخ عريق وثقافة أصيلة في الجانب الثقافي، لمستغانم عدد من المواقع الثقافية و التاريخية ذات قيمة كبيرة كمنارة كاب إيفي ( cap ivi ) الذي يعود بناؤه إلى سنة 1878 وأحياء تيجديت، المطمور والطبانة التي تشبه إلى حد كبير حي القصبة بالجزائر العاصمة، ثم برج المحال بحي المطمور والمسجد القديم بحي الطبانة الذي بني سنة 1340 ، متحف دار القايد، الميناء القديم بمنطقة البحارة ، دار بلدية مستغانم وصومعتها التي تشبه إلى حد بعيد الصومعة العربية الإسلامية، إضافة إلى امتلاك ولاية مستغانم قطبا جامعيا به عدد من المعاهد ومكتبة جامعية كبيرة إلى جانب مدرسة للفنون ومتحفين، تفتخر مستغانم بإنجاب المسرحي و الدرامي ولد عبدالرحمان كاكي، كما تحتضن مختصين كبار في الفن الأندلسي والموسيقى الشعبية و البدوية وشعراء كبار، تعد مستغانم أحد المناطق التي أنجبت كذلك علماء وشيوخ كبار منذ القرن 12 ، أما أشهر المهرجانات التي باتت تحيى سنويا نذكر مهرجان سيدي لخضر بن خلوف، خلال هذه السنوات الأخيرة عرفت مستغانم نوع جديد من السياحة وهي سياحة الذاكرة وقد استحدثت مع مباشرة بعد مجيئ عشرات من الأقدام السود الذين ولدوا بمستغانم وترعرعوا بها قبل وبعد استرجاع الجزائر سيادتها، حيث قرروا زيارة كل الأماكن التي تعودوا عليها في صباهم وحتى في شبابهم، كما يفكر القائمون على هذا القطاع مستقبلا توسيع أنماط السياحة كإدخال سياحة صيد السمك في الشواطئ والحيوانات في الغابات وكذا المشي عبر المسالك الجبلية واستخدام الخيول وكذا إقحام حتى السكان القاطنين بالمنطق الداخلية والمعزولة للولاية حتى يقدموا بدورهم خدمات للسياح والزوار .