ظاهرة تعدد الحرف وإنتشارها بمدن ولاية عين تموشنت، أضحت من المألوف على اعتبار أنها لا تتطلب إمكانيات مادية ومالية لإنشائها بل صارت تمارس في العلن وعلى قارعة الطرق من ذلك حرفة الاسكافي التي انتشرت بقوة وجعلت لنفسها مكانا يؤمها المواطنون البسطاء والمحرومون وأصحاب الدخل الضعيف، بل حتى الذين يعيشون وضعا اجتماعيا مقبولا يلجأون الى الإسكافي لانقاذهم من ورطة قد يقعون فيها... بخلاف ماعهدناه في سنوات خلت أين كانت حرفة الإسكافي تنحصر عند فئة تعدت العقد الرابع اليوم الأمر يختلف تماما بحيث فئة الشباب هي التي تقبل على الحركة بشكل كبير، بل الكثير من الشباب تراهم قد إختاروا لأنفسهم أحياء مختلفة وشوارع معينة بل تختار الأحياء والشوارع لما تدره على الإسكافي من مداخيل محترمة.. هؤلاء الشباب لا يجدون صعوبة في الحصول على المواد الأولية لأنها متوفرة في السوق وبأثمان معقولة وكل ما ينقصه طاولة صغيرة وكرسي ومعفى من كل الإداريات والوثائق والتراخيص لأن الأمر بالنسبة إليه طبيعي ولا يحتاج الى مثل هذه الملفات... * المنافسة.. والتجاوز إن نجاح الاسكافي الشاب كما يقول ممن نتعامل معهم باستمرار وبفعل العلاقة الطيبة التي نسجناها معهم من خلال ترددنا عليهم مرتبط بمدى قدرته على اكتساب ثقة زبائنه والخدمات الجيدة التي يقدمها لهم وحرصه على المحافظة على الأمانة وكذا حسن تعامله معهم، وهي عوامل كلها من شأنها تزيد في تألق الإسكافي بين الزبائن اذ كثرة الإسكافيين وانتشارهم في كل الأماكن خاصة الأماكن التي تعج بالمواطنين والمارة يترتب عليها منافسة شديدة ان لم نقل شرسة. لكن هذه الكثرة من الاسكافيين لقيت ردود أفعال متباينة خاصة من لدن أصحاب المحلات الذين يمتهنون الحرفة بطريقة قانونية ولهم سجلات تجارية تؤهلهم لممارسة النشاط بكل حرية حيث أبدوا تذمرهم من العدد المتزايد للإسكافيين الذين ليست لهم أعباء مالية إتجاه الدولة بخلافه الذين يتحملون مصاريف باهظة من ضرائب وصندوق التأمين لغير الأجراء وكراء المحلات وأعباء اخرى كالكهرباء والمواد الأولية وغيرها من المصاريف والتكاليف اليومية والتي تثقل كاهلهم مما يؤثر على ميزانيتهم العامة. * زبائن بالجملة الملفت للإنتباه أن المواطن لم يعد يجهد نفسه في البحث عن إسكافي لاصلاح حذائه فهو قريب منه يلجأ إليه في أية لحظة زد على ذلك فالإسكافي يتعامل مع كل أنواع الأحذية وكل ما هو جلدي وهو مطالب باظهار كفاءته وقدرته على إصلاح الحذاء وإلا سيفقد زبائن بالجملة بل سيفقد سمعته وهو أمر خطير يؤثر على حياته اليومية والإجتماعية. أما النقطة الثانية فتتعلق بأمانة الإسكافي، اذ الكثير من الزبائن ممن يتركون أحذيتهم لديه قصد إصلاحها على أن يعودوا لأخذها بعد مدة معينة من الزمن وهذه اشكالية مطروحة وكثير ما تثير خلافات وقلق بين الإسكافي والزبون عندما يضيع الحذاء.. أو النعل وعليه فإن بعض الاسكافيين يلجأون الى تقديم وصل مرقم للزبون يظهره متى يريد استرجاع أمانته وبهذه الكيفية تحفظ الأمانات ويبعد الإسكافي نفسه عن كل الشبهات والملاحظات... إن حرفة الاسكافي وجد فيها الشباب ضالتهم حيث يضمنون لأنفسهم دخلا محترما يقيهم مدّ اليد الى الغير ويبعدهم عن الإنحراف والجريمة التي صارت من يوميات شبابنا، فهذا الشاب الاسكافي قد يتخذ من هذه الحرفة عملا قارا في المستقبل ويفتح لنفسه محلا له عنوان وإسم ورقم، وكم من إسكافي تقاعد بعد أن قضى أكثر من 30 سنة في هذه الحرفة.