تنظم، اليوم، مراسم رمزية بمبنى الإذاعة والتلفزيون تخليدا لذكرى تأميم هاتين المؤسستين الضخمتين اللتان تعتبران رمزا من رموز السيادة الوطنيّة، بحضور وزير الاتصال، حميد قرين والمدراء العامين للإذاعة والتلفزيون والبث الإذاعي والتلفزي وكذا تكريم العديد من العمال المتقاعدين من مؤسستي الإذاعة والتلفزيون كل على حدة، ... فمن منا لا يتذكّر تاريخ 28 أكتوبر 1962 ... في مثل هذا اليوم نزع العمال الجزائريون للإذاعة والتلفزيون الجزائري سابقا العلم الفرنسي ورفعوا العلم الوطني. جاء ذلك بعد رفض السلطات الفرنسية بث برنامج وطني خصص للفاتح نوفمبر مما سمح باستعادة السيادة الوطنية على التلفزيون الجزائري، حسب بعض روايات من عايشوا الحدث، والذين يعتبرون الذكرى بمثابة وقفة عظيمة تمثل تحدي الشباب الجزائري ضمن أسمى المظاهر، معتبرين، أن اتفاقية وقف القتال والاستقلال لم يكن طعمه مكتملا طالما ان الراية الفرنسية لازالت عالية في سماء مبنى "شارع الشهداء". ويقال أن المجلس الوطني للثورة كان في أتم الاستعداد لخوض ثورة التحرير الإعلامية وهي خطوة تحتاج لذكاء وتخطيط وثقة بين عمال المبنى من الجزائريين حيث تم استقدام 34 تقنيا وصحفيا متربصا لتوزيعهم في مختلف المحطات على غرار محطة البث بأولاد فايت وبرج البحري آنذاك، ويروي، المدير السابق، عبد القادر نور، أنه تسلّم برقية من الرئيس المرحوم علي كافي في ماي 62 وكان طالبا حرا غير أن ارتباطه بالبعثة كان وطيدا حيث جاءه الخبر بالعودة الى الجزائر من محمد حربي وحينها كانت الاذاعة والتلفزيون "هيئة تحت الوصاية"، مذكرا بأنه أثناء دخوله للجزائر وبعد مشاورات عديدة وتنسيق محكم تم السيطرة على المراكز الحساسة بمبنى الاذاعة والتلفزيون وتم إنزال العلم الفرنسي وإعلاء العلم الوطني الجزائري، وواصل أول مدير عام لمؤسسة الإذاعة الجزائرية، حديثه عن فكرة السيطرة على مبنى الإذاعة، رفقة أربعة مسؤولين بالإذاعة هم عيسى مسعودي، خالد سافر، عبد الرحمان لغواطي وعبد العزيز شكيري، وكيفية التخلص من الاستعمار، فقرروا الاستيلاء على الإذاعة والتلفزة بطريقة ثورية، بعد استبعاد فكرة الانسحاب من طرف الفرنسيين. قطاع حسّاس وقامت، الدولة الجزائرية الحديثة، عقب الاستقلال باتخاذ التدابير اللازمة من اجل استرجاع مبنى الإذاعة والتلفزيون لما يمتلكه هذا القطاع الحساس من أهمية في نقل السيادة الجديدة للدولة وكذا في ترسيخ القيم الثقافية الخاصة بالشعب بعيدا عن المسخ الذي استعمله المستعمر طويلا، ولم تظهر التلفزة في الجزائر، إلا في ديسمبر 1956 إبان الفترة الاستعمارية، حيث أقيمت مصلحة بث محدودة الإرسال كانت تعمل ضمن المقاييس الفرنسية ويعد استحداثها اهتماما بالجالية الفرنسية آنذاك، كما اقتصر بثها على المدن الكبرى للجزائر على غرار قسنطينة، العاصمة ووهران، في حين أن صدور المرسوم المؤرخ في الفاتح من أكتوبر 1962 تحت رقم 67-234 تحولت بموجبه المؤسسة إلى مؤسسة البث الإذاعي والتلفزيوني ثم إلى مؤسسة الإذاعة والتلفزيون إلى غاية صدور المرسوم رقم 86-147 المؤرخ ب01 جويلية 1986 الذي بموجبه أنشئت المؤسسة العمومية للتلفزيون. ويروي، عبد القادر نور، بأن عبد العزيز شكيري العامل آنذاك بالقسم التقني والمهمات كان له شرف إنزال العلم الفرنسي بعد حصانة من بومدين وبن بلة وهو أحد مؤسسي الإذاعة الجزائرية السرية، التي كانت بمثابة حلم راسخ لبعث صوت الجزائر المسموع عبر الأثير كان بالنسبة إليه أمرا مستحيلا وبأنه لم يكن يؤمن بأن تصبح للجزائر إذاعة في ظل عدم امتلاك آليات إرساء المشروع الذي كان على حد قوله محفوفا بالمخاوف في وجود المستعمر الفرنسي. واعتبر المدير الاول للمؤسسة الوطنية للإذاعة بعد الإستقلال عبد القادر نور، أن تأميم مؤسستي الإذاعة والتلفزيون في 28 أكتوبر 1962 يمثل تحديا للشباب الجزائري، مشيرا إلى أن الهدف وراء هذا القرار هو حماية الهوية الوطنية وقطع الاذاعة بماضيها.