غياب القاعات يرهن تقدم الفن السابع ببلادنا أطمح لمعالجة قضايا الرجل ومشاكله في أعمالي القادمة تعتبر المخرجة الواعدة "ايمان نصري"من أهم الأسماء النسوية التي اقتحمت عالم الإخراج التلفزيوني بقوة،فرغم أن بدايتها كانت مع فن "السكريبت" إلا أن طموحها وحلمها في ولوج فضاء الإخراج جعلا منها اسما لا يستهان به في المشهد الفني الجزائري،حيث قدمت مجموعة ناجحة من الأعمال الكوميدية والدرامية على غرار "ساعد القط 2 " والزهر ماكانش"،إضافة إلى برامج فنية مختلفة حجزت لها مكانة جيدة في الساحة التلفزيونية،ولأن "ايمان نصري " لم تستطع مقاومة رغبتها في ولوج عالم الفن السابع،قررت أخيرا أن تقدم فيلما سينمائيا تثبت من خلاله موهبتها وتميزها،وهذا بالتحديد ما كشفته لجريدة الجمهورية التي التقتها بمدينة سعيدة خلال فعاليات المهرجان الوطني لأدب وسينما المرأة،والذي كان فرصة حقيقية للتعرف عن كثب على هذه المخرجة والاقتراب أكثر من شخصيتها المرحة وأعمالها المختلفة من خلال الحوار التالي : _كيف تصفين بدايتك الفنية في عالم الإخراج التلفزيوني؟ في الحقيقة بدايتي كانت مع فن" السكريبت"وبالتحديد مع المخرج الجزائري المعروف "جعفر قاسم "في سلسلته الشهيرة "جمعي فاميلي 2 "،ثم تعاملت مع المخرج "بشير درايس"في سلسلته البوليسية التي عنونها ب'' المفتش لوب''وهي مقتبسة من رواية ''موريتوري'' للكاتب " ياسمينة خضرة"،إضافة إلى المخرج المتألق "مؤنس خمار " الذي عملت معه دائما في مجال السكريبت في فيلمه القصير "المسافر الأخير "،وكذا المخرج "يحيى مزاحم "في سلسلة "ساعد القط 1 "،وبعد سنة تقريبا قررت أن ألج عالم الإخراج التلفزيوني وعملت على تصوير مشاهد الجزء الثاني من"ساعد القط " الذي تعاملت فيه مع كوكبة هامة من الكوميديين الموهوبين ، لأقوم بعدها بإخراج السلسة الفكاهية " الزهر مكانش "التي حققت نجاحا معتبرا بعد عرضها على إحدى القنوات الجزائرية الخاصة سواء في جزئها الأول أو الثاني،وذلك رفقة الممثلة الفكاهية " مينة لشطر " التي جسدت دور البطولة في حلقات العمل الكوميدي،لأقدم بعدها سلسلة "صالح البسي " الذي يجسد فيه الفكاهي "مصطفى هيمون "شخصية الطبيب النفسي،وأنا شخصيا أعجبت كثيرا بنجم ثلاث بلا حدود لاسيما أخلاقه العالية وخفة روحه المرحة،فهو بالنسبة لي كان اكتشافا كبيرا وهاما في تجربتي التلفزيونية سواء ككوميدي أو كشخص عادي، ولأن نجاحاتي تعززت بالآداء المميز للممثلة "مينة لشطر"فقد تعاملت معها من جديد في سلسلة " كاميليا "،لأعمل بعدها على برامج تلفزيونية أخرى وذلك في انتظار السينما طبعا . _الكثير من الأشخاص يجهلون فن "السكريبت"،فكيف تعرفينه لهم في تقديم وجيز؟ فن "السكريبت"هو ذاكرة المخرج بالدرجة الأولى،فالذي يتولاه يعمل على تذكير المخرج بكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة ،بمعنى أنه لا ينسى أي شيء خصوصا الملاحظات التي تسجل حول تصوير المشاهد والحوار،وحتى بالنسبة للأمور المتعلقة بالإضاءة،العامل التقني وحتى المكياج،فالمتكفل بالسكريبت عليه أن يملك الذاكرة القوية وحس الملاحظة،كما يجب أن يتواجد دوما في موقع التصوير وحتى المونتاج . _علمنا أنك بصدد الانتقال من الإخراج التلفزيوني إلى السينمائي،فهل هناك أي تخوف لخوض تجربة الفن السابع؟ وما هي في رأيك نقطة الاختلاف بينهما ؟ لا أنكر أنني متخوفة قليلا من هذه التجربة التي أجدها صعبة نوعا ومعقدة إلى أبعد الحدود،فالسينما تختلف كثيرا عن التلفزيون،لاسيما من خلال السيناريو وتوظيف المشاهد بشكل متتالي، ناهيك عن طريقة تقديم الرؤية الإخراجية وكذا أسلوب الطرح،دون أن ننسى بطبيعة الحال الجانب الفني والتقني،وكيفية التعامل مع الممثلين والكوميديين، وأكثر شيء يوترني حقا هو الجمهور،فمن خلال العمل التلفزيوني نقتحم بيوت المشاهدين ونفرض عليهم متابعة أعمالنا وبرامجنا،أما السينما فهي مسألة اختيارية بالنسبة إليه،لأنه حر فيما إذا كان يدخل القاعة من أجل مشاهدة الفيلم أو العزوف عنه .. !!. _ما هي المواضيع التي تهمك في مجال الإخراج السينمائي ؟ كل ما له علاقة بالمجتمع يهمني وأطمح لطرحه في عمل سينمائي مميز،فالسينما فن شعبي اجتماعي بالدرجة الأولى، حيث أنه يعكس هموم المجتمعات ومشاكلها،كما أنه يسرد انشغالاتها وقضاياها،لكن ما لاحظته مؤخرا هو تركيز جل المخرجين على "المرأة "أي على عالم الأنوثة،وإهمالهم تماما للرجل الذي لا تخلو حياته من التعقيدات والمحن مثله مثل حواء تماما،لذلك أسعى لتسليط الضوء في أعمالي السينمائية المقبلة على"الرجل"،لكن هذا لا يعني أنني لا أهتم بالمواضيع الأخرى لاسيما الدرامية منها والكوميدية . _بمن تتأثر " إيمان نصري" في مشوارها الفني سواء التلفزيوني أو السينمائي ؟ في الحقيقة أحب أعمال المخرج الراحل "بوعماري رحمه الله،وأيضا "سليم رياض"،إضافة إلى "مرزاق علواش" وكذا المخرجة المبدعة "يمينة شويخ" صاحبة رائعة "رشيدة "،أما فيما يخص الأسماء الفنية الجديدة التي استطاعت أن تفرض مكانتها بقوة في المشهد الفني الجزائري،فأنا أميل إلى المخرج "يحيى مزاحم"الذي يتسم برؤية إخراجية مميزة سواء في السينما أو التلفزيون،وأيضا أحبذ أعمال "مؤنس خمار"،"ياسمين شويخ"،و"صابرينة دراوي"،وغيرهم من المخرجين والمخرجات . _بما أنك تملكين اليوم في رصيدك مجموعة من الأعمال التلفزيونية الناجحة،وتطمحين لتقديم أعمال أخرى في مجال الفن السابع،كيف تقيمين واقع السينما الجزائرية اليوم ؟ السينما الجزائرية حالها كحال الثقافة والفن في بلادنا،فهي لم تأخذ حقها المطلوب ولم تنل الاهتمام المستحق،وهذا أمر مؤسف،فمن غير المعقول أن نكذب على أنفسنا ونقول عكس ذلك.. !!، فبالرغم من أهمية الثقافة ودورها الكبير في بناء المجتمعات،إلا أنها لا تزال متراجعة خصوصا في ظل غياب القاعات السينمائية التي باتت تعد على الأصابع في كبريات المدن الجزائرية ومنعدمة تماما في الولايات الأخرى،فتوفير هذه الأخيرة يجبر المواطن الجزائري على دخول القاعة ومشاهدة الأفلام بدافع الفضول والاستمتاع،والأسوأ من هذا هو انعدام الحوار السينمائي الذي من شأنه أن يفتح نافذة على أهم الانشغالات و القضايا التي تهم الفن السابع،ويمكن صناعه من طرح مشاكلهم في شتى المجالات، فتواجد المخرجين والممثلين في الساحة لا يعني تماما أنهم بخير ولا يعانون من أية مشاكل،بل هم حاضرين فقط لأنه يحبون عدسات الكاميرا رغم ظروف العمل الصعبة والسيئة . _وماذا عن الإنتاج التلفزيوني الجزائري؟ أعتقد أن الإنتاج التلفزيوني يشهد تحسنا كبيرا وتزايدا خلال الأعوام الأخيرة،سواء في القطاع العام أو الخاص، فبغض النظر عن الجودة والنوعية يمكن القول أن هناك برامج و مسلسلات كثيرة باتت تعرض على قنواتنا اليوم،وهذا أمر جيد، أما فيما يخص التسيير والبرمجة فهذا لا علاقة لنا به،فمهمتنا هي تقديم أعمال و انتاجات فنية،ليبقى المشاهد هو الحكم الوحيد على نجاحها أو فشلها .