*البرامج الفكاهية أصبحت مناسباتية ولا تعرض إلا في رمضان * العمل الكوميدي من أصعب الأعمال الفنية على الإطلاق * غياب حرية التعبير حد من الإنتاج الكفاهي وقيد الممثل * بعض الأعمال تعالج مواضيع أجنبية وتهمل القضايا الجزائرية * المواطن بحاجة لطرح مشاكله ولو في قالب كوميدي * التلفزيون غير مسؤول عن ضعف الإنتاج * غبت عن السينما لعدم إقتناعي بالسيناريوهات التي عرضت علي * أحضر لمونولوج مع فاطمة بلحاج بعنوان »كل واحد دولة في راسو« هو فنان كوميدي شامل إستطاع أن يلج إلى قلوب الجزائريين منذ أول ظهور له على الشاشة الذهبية من خلال فيلم »كرنفال في دشرة« فأتسم بآدائه المتميز وقدرته على إضحاك الجمهور وإقناعه بأفكاره الفكاهية الهادفة في نفس الوقت لقب »بصويلح« منذ صغره نظرا لخفة دمه والمرح الذي كان يمتاز به بين أصدقائه ومنذ ذلك الوقت صار الجمهور الجزائري يعرفه بإسم »صويلح« هو من مواليد 22 مارس 1961 بمدينة »بريف« الفرنسية وهو متزوج الآن من المخرجة الجزائرية فاطمة بلحاج التي أنجبت له إبنة أسمياها »نسيبة« عرف بإختياره الموفق للأدوار الفكاهية والتي غالبا ما تعالج قضايا إجتماعية هامة وكذا إنسانية تهم المواطن الجزائري بالدرجة الأولى الأمر الذي ساهم في نجاحه وشهرته إنطلاقا من فيلمه الأول »كرنفال في دشرة« إلى سلسلة الكوميدية الرمضانية »ناس ملاح سيتي« للمخرج جعفر قاسم أين ظهر »صويلح« في عدة أدوار فكاهية لاقت إستحسانا من طرف العائلات الجزائرية لتبلغ شهرته ذروتها من خلال بطولته في سلسلة »عائلة الجمعي« التي جسد فيها شخصية المواطن البسيط الذي يعمل بكد للتغلب على مصائب الحياة وذلك في قالب كوميدي ممتع أخرج فن الفكاهة من قوقعته التي إنحصر فيها لسنوات بعد رحيل أعمدة هذا الفن وعمالقته وقبل هذا كان »صويلح« معروفا »بسكاتشاته« الهادفة رفقة صديقه الفكاهي لخضر بوخرص« وغيره من الممثلين الكوميدين المعروفين الذين أمتعوا الجمهور بخفة دمهم وليس هذا فحسب بل كان صويلح أيضا محل إهتمام الجمهور من خلال مشاركته المميزة في البرنامج التفزيوني الثقافي »ساعة من ذهب« الذي كان يعده ويقدمه الإعلامي الجزائري »سليمان بخليلي« ونظرا لهذا الرصيد الفني المتميز قررنا أن نجري حوارا خاصا مع أوقروت الذي كان متواجدا بوهران قصد التعرف أكثر على مسيرته الفنية ومشاريعه المستقبلية مع أخذ فكرة واضحة عن آرائه وأفكاره حول العديد من المواضيع الفنية الهامة : بحكم تجربتك الفنية الطويلة في عالم التمثيل وعدد الأعمال الكوميدية الناجحة التي قدمتها كيف تقيم واقع الفكاهة ببلادنا خلال السنوات الأخيرة؟ في الحقيقة لا يمكن الإنكار أنه توجد أعمال فكاهية جيدة في الرصيد الفني الجزائري لكنها مقدسة بشكل آخر لم يعهده هذا الجيل الذي صار من الصعب أن نقوم بإضحاكه على غرار السنوات الماضية عندما كان الجمهور الجزائري يتفاعل مع جملة السكاتشات المقدمة والعروض الفكاهية وكذا الأفلام والمسلسلات والفضل في ذلك بطبيعة الحال يعود إلى عمالقة الكوميديا الجزائرية الذين عززوا الفن الجزائري بأعمالهم الراقية والإحترافية لكن الأمر أخذ منحنى آخر خلال السنوات الأخيرة في ظل غياب حرية التعبير التي حدت من الإنتاج الفكاهي وقيدت الممثل الكوميدي بأفكار روتينية وبذيهية مل من مشاهدتها الجمهور وسئمها وهذا بالتأكيد ما جعله يعزف عن متابعة البرامج الكوميدية التي صارت عادية جدا وهذا يدفعني للقول أنه صار من الصعب إضحاك الجمهور ودفعه للتفاعل مع العروض المقدمة وهذا يستوجب لا محالة معرفة الأسباب الحقيقية الكامنة وراء ذلك وطرح أسئلة وإستفسارات مفيدة تجعلنا على الأقل نعالج هذه الإشكالية التي لا زالت ترهن واقع الفكاهة ببلادنا وماذا عن البرامة الفكاهية التي صارت تعد على الأصابع ولا تعرض إلا في شهر رمضان الكريم ؟! صحيح أنه يوجد برامج فكاهية لكنها قليلة وغالبا ما تكون فاشلة أو غير مقنعة بالنسبة للجمهور الذي صار ذوقه صعبا جدا كما ذكرت سابقا وهذا بالفعل أمر مؤسف ويدعو للقلق لأنه توجد طاقات فنية هائلة وجديرة بالإهتمام والأسوء من ذلك أن برمجة هذا النوع من الأعمال صار »مناسباتيا« أي يقدم خلال شهر رمضان مثله مثل باقي البرامج الدرامية الأخرى ففي الموسم الفارط مثلا تم برمجة عملين أو ثلاثة فقط ومعظمها عبارة عن »سيت كوم« يتم العمل عليها في شهر واحد فقط وهذا خطأ لأن العمل الكوميدي هو من أصعب الأعمال الفنية مما يستوجب إستغراق الوقت الكافي لإتمامه حتى يوافي الشروط والمقاييس الصحيحة التي تضمن نوعيته الممتازة ونجاحه دون أن ننسى أيضا مراعاة ذوق الجمهور لأنه المتلقي الأول لهذه البرامج الفكاهية وهو الحكم الوحيد على نجاحها أو فشلها ولضمان هذا النجاح والتألق يجب طرح القضايا والأفكار التي تهم المواطن الجزائري وتعكس واقعه ومشاكله لأنه وللأسف لاحظت أن بعض الأعمال تتكلم عن مواضيع أجنبية وقضايا تبعد كل البعد عن مجتمعنا الجزائري وهذا خطأ مائة بالمائة لأن المواطن الجزائري اليوم ليس بحاجة لسماع أو مشاهدة مشاكل مجتمع أجنبي غريب عن ديانته ولغته بل هو يحتاج لطرح مشاكله الإجتماعية والإقتصادية وحتى الإنسانية ولم لا؟! لذلك علينا أن نتعلم كيف نطرح قضايانا وتعكس مشاكل مجتمعنا بكل أنواها فالأولوية لمشاكلنا نحن كجزائريين ولا يهمنا مشاكل الغير . هل تجد أن التلفزيون الجزائري مسؤول عن ضعف الإنتاج وقلته أم أن هناك هيئات أخرى مسؤولة عن ذلك؟ التلفزيون غير مسؤول عن هذه الوضعية ولا دخل له في ضعف الإنتاج الدرامي ولا الفكاهي بل الأمر يتعلق بضرورة وجود تكوين جيد سواء للمخرجين وكتاب السيناريو الذين يجب أن يكونوا في المستوى وتكون لديهم رؤية فنية ممتازة تتجاوب معها الجمهور الجزائري الذي أصبح متطلبا بشكل كبير نتيجة المشاكل الإجتماعية التي يعاني منها وهو ما يستوجب مع السيناريست أن يأخذه بعين الإعتبار لأنه لا يكتب عن فيلم أمريكي بل عن فيلم جزائري وهذا يدفعه بالضرورة لأن يكون قريبا من مجتمعه حتى تتولد لديه رؤية جزائرية مائة بالمائة لذلك نحن بحاجة إلى عمل كوميدي أو فيلم سينمائي ذو صبغة فنية جزائرية وعاكسة للواقع المعاش بحلوه ومره تماما مثلما جسده لنا المخرج المتألق مصطفى بديع في فيلم »الحريق« الذي كان عملا إحترافيا بكل معنى الكلمة ولا زال منقوشا في الذاكرة الفنية الجزائرية والعربية وحتى العالمية لحد اليوم وهذا شرف لنا نحن كممثلين وسينمائيين هل هذا يعني أن ضعف السيناريو هو السبب الرئيسي وراء تردي مستوى الإنتاج السينمائي بالجزائر ؟! هذا صحيح فضعف السيناريو أثر بكثير على الإنتاج الفني الجزائري سواء سينمائيا أو دراميا أو حتى البرامج الفكاهية من نوع »السيت كوم« وهذا أمر مؤسف ولا يمكن التغاضي عنه وخير دليل على ذلك المشكل الذي واجهته السلسلة الأخيرة »لجمعي فاميلي« التي عرضت على الشاشة خلال شهر رمضان المنصرم ولم تسجل النجاح المطلوب الذي حققته الطبعات السابقة لأن السيناريو لم يتم رسمه بالشكل المطلوب خصوصا الشخصية التي قدمتها وهي شخصية »الجمعي« كما أنني لم أقتنع بدور الإبن »أرسطو« الذي لم يظهر كعادته مقارنة مع السلسلات السابقة. ومن جهة أخرى لا يمكن الإنكار أن ضعف السيناريوهات أدى إلى غياب الكثير من الممثلين المميزين والمحترفين في عالم السينما وهذا يؤكد بطبيعة الحال أن السينما الجزائرية تعيش أزمة سيناريو حقيقية ولا بد من التحرك فورا لإيجاد حل يعالج هذه الأزمة وينقذ هذا الفضاء من الضياع والنداء موجه إلى محترفي السينما الجزائرية من خلال فتح النقاشات حول هذا الموضوع ودراسته بعمق وموضوعية فأنا شخصيا غبت عن الساحة السينمائية لعدم إقتناعي بعدد السيناريوهات التي عرضت علي كونها تبعد كثيرا عن الجدية والتميز وأنا بصراحة لا أريد الظهور في أفلام رديئة أو ضعيفة بل أطمح للمشاركة في أعمال سينمائية تكون جادة من جانب السيناريو وتعالج مواضيع جديدة لا سيما تلك المتعلقة بالقضايا الوطنية والتي تطرح مواضيع وملفات لها علاقة مباشرة بالوطن الأم أي الجزائر وحيدا لو كانت غامضة ولم يتم التطرق لها من قبل لأني أستمتع بآداء هذه الأدوار الهامة وأتطلع فعلا لتقمصها وهذا يساعدني لا محالة في صنع إسم سينمائي خاص بي يستحق الإهتمام والتقدير . هل تعتقد أنه توجد لدينا صناعة سينمائية قادرة على المنافسة في المحافل العربية والدولية؟! الصناعة السينمائية كانت في الماضي أيام مصطفى بديع و»لخضر حمينة« وغيرهم من صناع السينما المحترفين الذين رفعوا رؤوسنا أمام السينمائيين العرب والأجانب وجعلوا السينما الجزائرية ترقى لأعلى المراتب وتحتل مكانة هامة في المشهد السينمائي العالمي بدليل عدد الأفلام الناجحة التي أحدثت فوضى في قطاع الفن السابع وكشفت عن العديد من الحقائق لا سيما وقت الإستعمار الفرنسي أما الآن فنحن ننتج فيلما سينمائيا واحدا بشق الأنفس وإذا كان هناك عدة أفلام فمعظمها ذات نوعية متوسطة بإستثناء فيلما أو إثنين والسبب في ذلك يعود إلى أن القطاع صار يتجه نحو ما يسمى »بالسينما التجارية« وهذا لا يطرح العديد من التساؤلات والإستفسارات حول واقع الفن السابع ببلادنا وأنا كفنان أجد أنه من الضروري أن يكون هناك »مشروع سينما« يساهم بشكل كبير في صناعة سينمائية مع الإستعانة بالصالات ودور العرض التي صارت متوفرة بكثرة لكنها مهملة ومغلقة في الوقت الذي يلجأ فيه الجمهور الجزائري إلى التلفزيون والأقراص المضغوطة لمتابعة أفلام أمريكية ومصرية لكن إذا فتحت القاعات أمام عشاق السينما وإحتضنت مجموعة من العروض السينمائية الجزائرية فإن الإقبال سيكون كبيرا والصناعة الجزائرية تزدهر أكثر وأكثر وإضافة إلى القاعات علينا أيضا أن نفتح المجال أمام الطاقات والمواهب الشابة لإبراز كفاءاتها في مجال كتابة السيناريو والإخراج لأن هذه المواهب تملك أفكارا جديدة وحديثة تتماشى مع عقلية الشباب الجزائري وتتماشى مع متطالباته والأهم من ذلك أنها تعكس إهتماماته ومشاكله دون أن ننسى بطبيعة الحال إستغلال الرصيد الروائي الجزائري في الإنتاج السينمائي والإعتماد عليه في إخراج أفلام ناجحة تضمن تطوير الفن السابع ببلادنا وتحديثه بالشكل المطلوب خصوصا أن هناك نصوصا روائية جزائرية ناجحة جدا وقد نالت جوائز عربية وعالمية هامة فلم لا نستغلها في القطاع السينمائي لإثراء هذا الفضاء وبعث صناعة سينمائية جيدة تضمن مكانته في المشهد العربي والأوروبي علما أنه سبق لنا أن خاضت السنيما الجزائرية هذه التجربة التي كانت ناجحة ومفيدة مما يحمسنا أكثر على خوضها مرات ومرات ولم لا؟ ما دامت تخدم القطاع السينمائي وتضمن تطويره وتألقه هذا بالنسبة للسينما وماذا عن واقع الفن الجزائري بصفة عامة؟! في الحقيقة الفن الجزائري مر بعدة مراحل صعبة وعقبات تاريخية عويصة بسبب عدم الإستقرار الذي عاشته الجزائر منذ فترة الإستعمار إلى مرحلة العشرية السوداء ولحد الآن لم نستطع الشعور بالإستقرار وهذا أثر كثيرا على واقع الفن الجزائري ببلادنا الذي أصبح »كالمرأة الحامل« تماما . وإذا أردنا التغلغل أكثر في الموضوع فنحن بحاجة للبحث عن شخصيتنا الحقيقية ومعرفة أنفسنا كما هي بعيدا عن التزييف والتصنع وكل ما يؤثر على مصداقيتنا كأشخاص ومواطنين وليس فقط كفنانين والأمر لا يتعلق فقط بالفنان بل حتى بالصحفي مثلا الذي لا زال هو الآخر مشوشا وغير مستقر ورغم هذا لا يسعنا سوى الإنتظار وترقب ما يسأتي من مفاجآت وهذا ربما يبعث على التفاؤل بغد أفضل وفن أرقى وأسمى فالفنان الجزائري اليوم يحاول قدر المستطاع إرضاء الجمهور لكن نادرا ما يتوفق في ذلك بسبب غياب حرية التعبير التي تحد من نشاطه وتجبره على التقيد بأفكار أخرى فرضت عليها الرقابة الصارمة فيحّسن أنه مراقب ومحاصر وبالتالي ينعدم لديه الشعور بحب العمل والإبداع فيه وهذا بالفعل أصبح هاجسا لدى الكثير من الفنانين الجزائريين بصفتك ممثلا كوميديا معروفا ما هي المقاييس الصحيحة التي تضمن نجاح الممثل الفكاهي ؟! في البداية يجب أن يتمتع هذا الفكاهي بالصدق وحب العمل أي أن يقدم أعماله الكوميدية عن إقتناع وبكل حب ليس فقط لإلتزامه بهذه المهمة بل يجب أن يقوم بها لتعلقه بها وشغفه بعالم التمثيل الفكاهي لأنه يوجد فرق كبير بين إلتزامك بالعمل كواجب وحبك له أما المقياس الثاني هو الإبتعاد عن التصنع والتزييف في التمثيل لأن الجمهور الجزائري هو جمهور ذكي ويمكنه التعرف بسهولة على مصداقية هذا الممثل أو تصنعه لأن »الصدق« يساعده على التغلغل بسرعة إلى قلوب الجماهير وإقناعهم بآدائه . وإضافة إلى هذين المقياسين الأساسيين يوجد أيضا عامل هام يجب على الفكاهي أخذه بعين الإعتبار والتقيديه وهو »المطالعة« التي تولد لديه المعرفة الكافية والثقافة الواسعة وهذا كفيل بنجاحه في هذا المجال الصعب الذي يستوجب التركيز والمصداقية وغيرها من العوامل الأخرى . ماذا عن آخر مشاريعك الفنية؟! أنا أحضر لمشروع أول عبارة عن »وان مان شو« بعنوان »كل واحد دولة في راسو« للمخرجة الجزائرية فاطمة بلحاج وهو عبارة عن مونولوج يتطرق لعدد من القضايا والمواضيع التي تعالج شخصية مواطن جزائري بسيط يعرض إهتماماته ومشاكله في قالب فكاهي تربوي كما يسلط الضوء علي ظاهرة إستفحال التفكير الفردي على نظيره الجماعي حيث من المنتظر أن أقدم هذا العمل خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية وباللهجة العامية مع بعض الكلمات الفرنسية والأهم من ذلك أن المواضيع التي تطرقت لها هي مواضيع حساسة جدا وغير متداولة ركحيا مع الإشارة إلى السلوكات العقيمة التي أصبحت متفشية بكثرة في مجتمعنا الجزائري على غرار تراكم المبادرات الفردية وفقدان الإحساس بروح الجماعة وغيرها من السلبيات التي أحاول أن أعكسها من خلال هذا العرض المسرحي الذي آمل أن ينال إعجاب الجمهور ويرقى إلى ذوقهم الفني وأنا في الحقيقة أعول عليه بكثرة كونه أول تجربة لي على خشبة المسرح.