إفتك المخرج الجزائري محمد سويداني في المهرجان الدولي السينمائي »إيزولا« في الآونة الأخيرة بسلوفينيا جائزة الجمهور الأولى عن فيلمه » هاتف عمومي« أو ما يعرف ب طاكسيفون« بحيث رفع هذا التتويج رايه السينما الجزائرية ودعم حضورها المتميز في التظاهرات الدولية الكبرى للفن السابع. الفيلم أنجز سنة 2009 وهو من آخر أعمال المخرج محمد سويداني حيث شارك فيه نخبة من الأسماء الفنية الجزائرية والأجنبية على غرار الممثلة مليكة بلباي وعبد الحليم زريباي وباسكوال الييردى وموني بيتري وجان لوك بيدو وستيفان كولومس وغيرهم من الممثلين الذين جسدوا أدوار العرض قبل احتراف وصوروا مشاهد درامية رائعة لأحداث قصة جرت وقائعها بالصحراء الجزائرية الكبرى حيث اختار منطقة جانت ليحكي قصة زوجان سوسريان أوليفي وإيلينا تتعرض شاحنتهما إلى عطل خلال عبورهما صحراء الجزائر في اتجاه مدينة تومبوكتو بجنوب افريقيا ويضطران بعد فشل إصلاح المركبة إلى المكوث في مدينة جانت الساحرة أين يلتقيان بشاب ترڤي يملك محلا للخدمات الهاتفية أو كما يسمى هاتف عمومي أو طاكسي فون الذي يلجأ إليه الزوجان للإتصال في محاولة العودة إلى الديار وهناك يلتقيان بالعديد من السياح وشاب الصحراء الذين يريدون الهجرة. وفي الوقت الذي يتوق فيه الزوج إلى الخروج من عمق الصحراء تدفع لديهما رغبة كبيرة في البقاء بجانت . وهكذا يصور الفيلم لوحات ابداعية على متحف الصحراء الواسعة ويسلط الضوء على مدينة جانت وجمالها الخلاب، وبالموازاة يتطرق إلى رغبة الشباب الجزائري في الهجرة والهروب في الوقت الذي يبحث السياح الأجانب على فرصة للبقاء في الصحراء الجزائرية كل هذه المحطات وأخرى أهلت الفيلم لأن يكون ضمن الأعمال الروانية الطويلة المتوجة بإحدى جوائز المهرجان الدولي السينمائي بسلوفينيا. ويجدر الذكر أن الفيلم انجز بالتعاون مع وزارة الثقافة الجزائرية والمؤسسة الوطنية للتلفزيون وكذا شركتي مغرب فيلم وامكا فيلم وكان هذا الدعم وراء نجاح الفيلم وتألقه فضلا على العمل الإبداعي للمخرج محمد سويداني الذي يقيم حاليا بسويسرا ولم يمنعه ذلك من التفكير في الإرث الطبيعي ومن استثمار أفكار جزائرية لتوضيح صور عالمية والوقوف على أحداث طالما عايشها السياح الأجانب الذين يترددون على الصحراء الجزائرية لإكتشاف خباياها وأسرار جمالها التي ألهمت محمد سويداني وغيره من المخرجين السينمائيين الجزائريين الذين ضلوا على وصال مع الوطن حتى في الجانب الفني الإبداعي وارتأوا أن يوضفوا جماليات العرض السينمائي في صور من عمق الجزائر. وقد سجل المخرج محمد سويداني الذي يعتبر واحدا من الأسماء السينمائية البارزة بسويسرا إسمه بأحرف من ذهب في سجلات الشاشة الفضية لهذا البلد بحيث ظفر بالكثير من الجوائز عن أعمال عديدة ميزت مسيرته الفنية منها أربعة أفلام سينمائية والعديد من الأفلام الوثائقية منها الشريط الوثائقي ناوي الرجل والماء والذي أنجزه سنة 1989 والذي حصل على جائزة مهرجان الإثنيات في ميلانو كما أدرج خلال سنوات التسعينات فيلمه الوثائقي يير با كدو ضمن أفضل 12 شريطا وثائقيا أوروبيا في مهرجان كان السينمائي وتحصل أيضا سنة 2008 على جائزة أفضل شريط سويسري في مهرجان سولوتورن للسينما. وهكذا إستطاع هذا الفنان أن يثرى سجله الفني العريق بجملة من الأعمال المتميزة للعلم فإن المخرج من مواليد مدينة الشلف ويقيم بسويسرا منذ 1972 وهو مصور ومدير تصوير ومخرج وقد درس إدارة التصوير بالولايات المتحدةالأمريكية ليتنقل إلى الإخراج سنة 1987 ومن يومها لم يكف عن الإبداع الفني وعن الإنجازات المتميزة. من ضمن تتويجاته جائزة أحسن فيلم خيالي للسينما السويسرية سنة 1998 الذي حمل عنوان حيث تتجمد الأرض وفي رصيده أيضا فيلم »حرب بدون صور« و»عارضة أزياء« لوقانق وغيرها من الأعمال التي لقيت نجاحا كبيرا بسويسرا والمؤسف أن أعمال هذا الفنان تبقى بعيدة عن الوطن الأم والجمهور الجزائري محروم منها ويبقى السؤال مطروح ونشير في الأخير أن مخرجنا يعمل حاليا في مهنة التدريس في مجال السمعي البصري في الجامعة العليا بسويسرا هذه التي تحظى بإحتضان إبداعات محمد سويداني صاحب المشوار الطويل الذي تألق خارج وطنه.