الحمامات التركية تحتاج إلى دراسة خاصة و"سكاليرا أبكت الكثير من السياح أكد رئيس جمعية صحة سيدي الهواري بوهرن الدكتور "بريكسي كمال" أن نسبة أشغال ترميم المستشفى العسكري وصلت إلى 60 بالمائة،في حين أن الحمامات التركية لازالت كما هي ولم تخضع لأية تهيئة،بسبب انعدام المختصين ذو الخبرة الكافية لأجل ترميم هذا النوع من البناء الذي شيد بالطين منذ أكثر من ثلاثة قرون، وهو ما خلق صعوبة بالغة في إعادة الاعتبار له على غرار باقي المعالم الأثرية الأخرى،مشيرا في الحوار الحصري الذي خص به جريدة الجمهورية أن الترميم بوهران يواجه العديد من المشاكل أهمها غياب الإرادة لدى المعنيين وانعدام مخطط واضح،وخطة ناجعة لإعادة الاعتبار وتهيئة هذه المعالم التاريخية،إضافة إلى تصريحات أخرى تتابعونها في الحوار التالي : ما هي آخر مستجدات عمليات الترميم الخاصة بالمستشفى العسكري القديم باعتباركم الهيئة المشرفة على تهيئته ؟ في الحقيقة لا تزال عملية الترميم الخاصة بالمستشفى العسكري متواصلة،حيث تقدمت الأشغال بنسبة 60 بالمائة،والفضل في ذلك يعود للجمعية التي تسهر دائما على إعادة الاعتبار للمعالم الأثرية بوهران وحمايتها من خطر الاندثار الذي بات يهدد تراث هذه المدينة العريقة بسبب الإهمال من طرف المعنيين،دون أن ننسى المجهود الكبير الذي يبذله الشباب المتربصين الذين نجحوا في إحياء هذه المعالم التاريخية وإعادة الوجه التراثي لها دون المساس بروحها وجوهرها العتيق،علما أن الجمعية مهمتها الأساسية هي تكوين الشباب الشغوفين بعالم الترميم والبناء ،و تأطيرهم وفق مقاييس عالمية صحيحة تمكنهم من ولوج الاحترافية واكتساب الخبرة في هذا المجال الصعب،أضف إلى ذلك أنها مدرسة معترف بها تضم العديد من الورشات التكوينية في كيفية ترميم التراث المادي،تجمع بين الجانب النظري و الجانب التطبيقي ...وذلك بالتحديد ما اعتمدناه في سياسة ترميم المستشفى العسكري القديم الذي بني من طرف الفرنسيين عام 1832 فوق الحمامات التركية بالضبط،وذلك باستعمال الحجارة والجير واللوح أي بأشياء تقليدية بحتة ...ولأن المستشفى لم يكن يتسع سوى ل400 سرير،قرر الفرنسيون بناء مستشفى " بودانس " سنة 1894 بالقرب من المستشفى العسكري تماما، ليتم افتتاحه رسميا عام 1956 بسعة 800 سرير . البحث عن مختصين لترميم الحمامات التركية وماذا عن عملية الترميم الخاصة بالحمامات التركية التي طرح ملفها مؤخرا أمام وزارة الثقافة لأجل التصنيف ؟ لا أخفيكم علما أن الحمامات التركية تعد من المعالم الأثرية الحساسة نوعا ما،كونها بنيت منذ ثلاثة قرون و 7 سنوات أي سنة 1708 من طرف الباي " مصطفى بن يوسف"،المدعو" الباي بوشلاغم" ،وهو باي عثماني من أصل بربري،استخدم مادة الطين لتشييد حماماته وقصوره،بعد أن حرر وهران من الإسبان بالاعتماد على جيش مؤلف من 15 ألف جندي جلبهم من ولاية معسكر أو " بيلكة " معسكر كما كانت تسمى آنذاك،والتي كان يحكمها في البداية،لكن بعد دخول الفرنسيين قاموا ببناء مستشفاهم العسكري فوق الحمامات،التي استعملوها كمكان لغسل الملابس الخاصة بالمرضى،وبعد خروجهم تعرض هذا المعلم للإهمال والنسيان من طرف السلطات،فقررنا ترميم المكان الذي وجدناه في حالة مزرية تبعث على الاستياء،كان خال من النوافذ والأبواب،لا يستقبل سوى النفايات والقاذورات،الأمر الذي دفعنا إلى تنظيفه وبث الحياة فيه من جديد،لكن للأسف لم نستطع ترميمه لحد الساعة لعدم وجود مرممين مختصين في هذا النوع من البناء القديم، فالحمامات التركية تحتاج إلى دراسة خاصة تختلف عن باقي الدراسات الأخرى،ورغم توافد المهندسين والمرممين المحترفين من الأجانب إلا أنهم عجزوا عن تهيئته،وهو بصراحة ما جعل عملية الترميم معلقة إلى غاية العثور على مختصين أكفاء،في حين اكتفينا نحن كجمعية بتأسيس مدرسة تكوينية بالمكان بدأت تنشط عام 2003 ،حيث أننا بعد ترميم أي فضاء نقيم به نشاط معين،وهكذا بعدها تمكنا من فتح ورشات هامة وتخصصات جيدة في مجال الترميم و البناء . تخرج 45 متربصا في مجال الترميم كل سنة من هي الهيئات أو المؤسسات التي ساعدت ودعمت الجمعية في عمليات الترميم الخاصة بها ؟ بصراحة في البداية عندما قررنا ترميم المعلمين لم نجد اليد العاملة المناسبة،أقصد بذلك المختصين في تهيئة البنيات القديمة والآثار،فاتصلنا بجمعية فرنسية اسمها " كلاب ماربان "،والتي عرفناها من خلال أحد مؤسسي الجمعية القدامى الذي هاجر إلى فرنسا،وهناك تعرف عليهم وطلب منهم تكوين عدد من الشباب من وهران في مجال ترميم وإعادة تهيئة المعالم الأثرية،وفور الموافقة أرسلنا بعض الشبان الذين تعلموا بطبيعة الحال الخبرة واكتسبوا المهارة من الأجانب،الأمر الذي حفزنا على تكوين حرفيين في تخصصات أخرى كالنجارة،النحت على الحجر،والبناء ..الخ،ليتم تكوين خمس متربصين في فرنسا،وبعد تقديمنا لأول حصة تكوينية عام 2003 ،تلقينا مساعدة خاصة من طرف " الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي"،التي قررت أن ترسل لنا مجموعة من المؤطرين والمشرفين المختصين،وهو ما سمح بتكوين عدد كبير من المتربصين الذين استفادوا كثيرا من الإرشادات و الخبرة التي قدمها الإسبانيون في مجال الترميم،كل هذا عزز من مكانة المدرسة التي فرضت نفسها بقوة والحمد لله،وفتحت العديد من التخصصات أمام حوالي50 متربصا بمعدل خمس حصص، علما أننا نسجل كل سنة دفعة تخرج تضم حوالي 45 متربصا، كلهم يتميزون بقدرات هائلة تذهل في كل مرة الوفود الأجنبية كالإيطالية والإسبانية وكذا الفرنسية،وفي غالب الأحيان تقوم بإدراجهم ضمن عملياتهم الترميمية الخاصة ومشاريعهم ، وهذا شرف كبير لنا لأننا استطعنا تأطير كفاءات مرغوب بها دوليا . ما هي أهم عمليات الترميم التي قامت بها جمعية صحة سيدي الهواري او شاركت فيها منذ تأسيسها ؟ الجمعية قامت بترميم واجهة ساحة " كليبار " سنة 2007 ،وذلك بالتعاون مع حرفي أجنبي محترف قدم من مدينة " بوردو "الفرنسية،كما شاركنا في ترميم "مسجد الإمام الهواري"،و" زاوية بن عبد الباقي " الكائنة بحي "سكاليرا "،والتي لا زالت قيد الترميم لحد الساعة بعد أن تأثرت بسبب عمليات الهدم ،إضافة إلى هذا ساهمنا في ترميم مسجد "محمد الكبير " ،وعدد من المنازل بمنطقة "سيدي الهواري" و"غابة المسيلة " و" بلدية بن فريحة " . مخطط استعجالي لإنقاذ معالم وهران في رأيك ما هي أهم المعوقات التي حالت دون ترميم بعض معالم وهران الأثرية ؟ للأسف غياب الإرادة من طرف المسؤولين بدليل أنه لا يوجد ولا معلم قيد الترميم ،كما أنه لا توجد طريقة عمل واضحة أو مخطط ناجح صحيح لترميم المعالم الأثرية بوهران ... !!،وهذا أمر خطير يهدد تاريخ المدينة العريق ومعالمها التراثية العتيقة، لذلك نحن نطالب بمخطط استعجالي سريع للخروج من هذه القوقعة وإنقاذ ما تبقى من الآثار والمعالم التاريخية،فمثلا منطقة "سكاليرا أبكت الكثير من السياح الأجانب نظرا لحالها المزري بعد تم مسحها والقضاء عليها، و" باب الحمراء " نفس الشيء والتي ستتعرض هي الأخرى للمسح الأسبوع المقبل ربما، دون أن ننسى " مسبح لاباسترانا "الذي رسم قديما من طرف العالمي " بيار ايفال " الذي رسم " لاتوري فال " بباريس ،ومعلم "منارة محمد عثمان الكبير"التي شيدت سنة 1792،وتم تصنيفها عام 1975،هي الأخرى مهملة وفي وضعية مهترئة،علما أنها المنارة الثالثة المتواجدة بالمغرب العربي إضافة إلى منارتي مراكش المغربية وتلمسان والقائمة طويلة .