أجمع العديد من الإطارات بوزارتي الاتصال والشؤون الدينية، الخبراء الجامعيون وكذا بعض الإعلاميين والطلبة المشاركين في فعاليات المؤتمر الدولي الأول حول الإعلام الديني الذي اختتم أمس بمستغانم، أنه يجب العمل على توحيد المرجعية الدينية في الجزائر، مع التشديد على ضرورة تحصين أمتنا الإسلامية، من مخاطر الخطاب الديني المتشدد الذي تعمل بعض الجهات الغربية على تسويقه وكأنه هو الإسلام الحقيقي الذي دعا إليه نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام. وأكد العديد من المتدخلين الذين استجوبناهم على هامش هذا الملتقى الدولي، أن ديننا الحنيف يمتاز بكونه رسالة تآخي، محبة واعتدال وأنه لم لن يكون رسالة تفرقة، هدم وتفتيت المجتمعات العربية والإسلامية. محمد بدر الدين (ممثل وزارة الاتصال): "تجديد الخطاب الديني ضرورة ملحة" في الحقيقة هذا الموضوع جاء في وقته، فكل مبادرة تصب في تقييم النشاط الإعلامي والتفكير في تفعيله تباركه وزارة الاتصال... الملتقى حضر فيه الجامعيون والباحثون وإطارات من وزارة الشؤون الدينية، غير أن عدد المهنيين لم يكن قويا، وحسب اعتقادي فإن المقاربة الناجعة لتفعيل الإعلام الديني يجب أن تضم كل الفاعلين، لذا يجب تدارك هذا الأمر مستقبلا... وأما بخصوص نوعية المداخلات، فكانت صراحة ذات أهمية بالغة، خصوصا وأن المشهد الإعلامي الجزائري ما فتئ يشهد حاليا تحولات جذرية مع نص القانون الجديد للإعلام ومعه طبعا قانون السمعي البصري... إذا الإعلام الديني كتجربة فتية يحتاج إلى الدعم والرعاية لسببين رئيسيين هما : أولا الإقبال الكبير للجمهور الجزائري على المادة الدينية وثانيا أهمية وحساسية المحتوى الذي تبثه وسائل الإعلام المختلفة وكونه يتوافق مع المرجعية الدينية المتأصلة في المجتمع ونشر الفكر المعتدل الوسطي في خضم التحولات الجارية حاليا... نعتقد أنه يجب مضاعفة المنابر الإعلامية التي تهتم وتبث الرسالة والكلمة الطيبة وتوفير جميع المناخات والشروط الضرورية المادية، التقنية والبشرية التي تؤدي أحسن الظروف وتخدم المجتمع في أمور دينيه ودنياه، مع الحرص طبعا على ضرورة تجديد الخطاب الديني والالتزام بالمعايير المهنية المعمول بها علميا وعالميا. وأشير بالمناسبة إلى مسألة غاية في الأهمية وهي أنه على البرامج الدينية أن لا تقل من ناحية محتواها ومضامينها عن البرامج الرياضية والترفيهية والإخبارية الأخرى، ومن ثمة بات مطلوبا من المهنيين إنتاج وتنفيذ البرامج الدينية بنفس المقاييس المعمول بها في البرامج الأخرى، فضلا عن تكوين وتأهيل الكوادر والإطارات في الإعلام الديني، وكذا تنظيم وإعداد دورات تكوينية خاصة لبعض المهنيين الذين يهتمون بالخطاب الديني، زيادة على ضرورة إدراج المواد الدينية في مختلف تخصصات طلبة الإعلام، وكذا استفادة رجال الدين والشريعة من تكوين خاص في مجال تقنيات الإعلام والاتصال حتى يكون المتخرجون في مستوى معالجة مختلف القضايا المطروحة بمحتوى وخلفية ومقاييس مهنية مقبولة، وعليه فإن هذه الاقتراحات كفيلة بتطوير الإعلام الديني، لاسيما وأن الهاجس المطروح حاليا هو هاجس المحتوى الذي يجب أن يخدم الفرد، يربيه، يوجّهه، يكوّنه وينير دربه سواء على الصعيد الديني أو حتى الدنيوي.
عيسى ميقاري (إطار بوزارة الشؤون الدينية): "يجب وقف التخبط الديني" إشكالية الملتقى في حد ذاتها إشكالية راهنة وتمثل صراحة حديث الساعة في العالم العربي والإسلامي، لما نراه من تخبط حاصل في ما يسمى إعلاميا وأكاديميا ب"الإعلام الديني"، وما لاحظته وأنا أتابع مختلف مداخلات الأساتذة والباحثين المشاركين في الملتقى، أنها كانت تمتاز جميعها بالعمق والجدية في الطرح والمناقشة، الأمر الذي سيسمح لا محالة ببلورة رؤية لما ينبغي أن يكون عليه الإعلام الديني من حيث هو مادة دينية تقدم وفق معايير إعلامية متعارف عليها دوليا يقوم عليها إعلاميون متخصصون، لتتحقق الأهداف والمقاصد المرجوة من مثل هذا الإعلام، لذا يجب مستقبلا تكثيف مثل هذه الأنشطة العلمية التوعوية لفائدة الشباب الجزائري خاصة والعربي والإسلامي عامة. طاهري جيلالي (إطار بسلطة ضبط السمعي البصري): "العمل على تنظيم فعال لقطاع الإعلام" اختتم ملتقى الإعلام الديني المنظم من قبل مخبر دراسات الإعلام والاتصال، وقد كانت المداخلات والأطروحات المقدمة تنم عن وعي عميق بما يمثله هذا الموضوع من خطورة على واقعنا، وكان التشخيص والتحليل في مستوى فهم وإدراك هذا الواقع والذي جاءت التوصيات تتويجا لهذا الفهم، ونحن في سلطة الضبط للسمعي البصري سنعمل بكل حرص على استثمار هذا المؤتمر الدولي الهام حول الإعلام الديني من أجل تنظيم فعال لهذا القطاع ومعالجة جميع النقائص التي تحيط به، بما يخدم وحدة واستقرار وأمن بلدنا الذي يشهد حاليا تحولات جذرية هامة مكنته من تجاوز مختلف التحديات المطروحة حاليا في محيطنا الذي يشهده العديد من التحديات الأمنية الخطيرة الناجمة عن تعصب وتطرف الكثير من الخطب والرؤى الدينية غير السديدة والمجانفة لتعاليم ديننا الحنيف. عبد الرزاق الدليمي (بروفيسور من الأردن): "الدين أضحى ورقة لأصحاب المشاريع العالمية" الملتقى مبادرة حسنة وإيجابية، وقد جاء في وقته خصوصا وأن الأوضاع في العالم العربي والإسلامي باتت خطيرة، بسبب تشدد الخطاب الديني في مختلف المنابر الإعلامية الفضائية، فأضحى للأسف واجهة لصراعات سياسية تسببت في هذه المآسي التي تشهدها الكثير من المجتمعات العربية، هذا الأمر جعل من الخطاب الديني مطية لتفشي صراعات بغطاء اقتصادي، سياسي ثقافي... إلخ، ومن ثمة يجب التأكيد على مسألة مهمة وهي أن بعض أصحاب المشاريع العالمية المقيتة، أضحوا ينتهزون مثل هذه الروافد الدينية المتشددة من أجل تحقيق أهدافهم الخفية الحاقدة، ونعني هنا بالخصوص تشويه صورة الإسلام في العالم وضرب المسلمين في الصميم من خلال استغلال تناقضاتهم المذهبية التاريخية. مكناس مختارية (أستاذة جامعية): "يجب إحباط مؤامرات الغرب" الإعلام الديني موضوع هام وضروري، خصوصا وأن الحقل الديني ما فتئ يشهد تغيرات وتحولات متسارعة، بسبب تنوع وتعدد المذاهب الوافدة إلينا، الأمر الذي قد يؤثر فعليا في استقرار بنيتنا الاجتماعية، لذا يجب أن نشير إلى مسألة مهمة وهي أنه ينبغي أن نرسخ في مجتمعنا الجزائري المحافظ، مفهوم توحيد المرجعية الدينية، وهذا حتى نغرس فيه وشائج عقيدة إسلامية سمحة متسامحة معتدلة ووسطية، وهذا الأمر من شأنه محاربة كل أشكال تشويه صورة إسلامنا الحنيف، ومحاربة ما سميته بنظرية "المؤامرة الغربية" التي تريد ضرب بلداننا العربية من الداخل وباستخدام وسائط الإسلام المتطرف والمتعصب. بركان لخضر (موظف إداري): "إبراز دور علمائنا لمجابهة الفكر الذخيل" الملتقى بادرة خير وفرصة لتوضيح العديد من الرؤى المغلوطة عن ديننا الحنيف، وحسب اعتقادي، فإنه يجب التركيز مستقبلا على إبراز دور علمائنا ومفكرينا الأجلاء الذين تركوا صفحات مشرقة في العلم الوسطي المتبصر والفكر الإسلامي المعتدل غير المتطرف، على غرار المفكر والعلامة الكبير عبد الحميد بن باديس، ومعه طبعا البشير الإبراهيمي، دون أن ننسى طبعا الفيلسوف الإسلامي المستنير مالك بن نبي، كما أنني أشدد على مسألة هامة وهي ضرورة تكثيف الحملات الإعلامية من أجل استقطاب أكبر عدد ممكن من الطلبة والمهتمين بمثل هذه الأنشطة حتى تكون حاضرة وبقوة في فعاليات هذه الملتقيات مستقبلا.