تتحضر «الجمعية الجزائرية للأدب الشعبي» لإطلاق طبعتها الخامسة لملتقى الشعر العربي، وذلك في الفترة الممتدة مابين 28 إلى غاية 30 من شهر نوفمبر القادم، ومن أجل الوقوف عند الكثير من نقاط التحضير للملتقى ،كان لنا هذا اللقاء مع توفيق ومان رئيس الجمعية . @ يمكن إعطاءنا الروتوشات الأخيرة عن التحضيرات الخاصة بالملتقى ؟ ^ الملتقى في طبعته الجديدة والذي ستحتضنه لمدة ثلاثة أيام المكتبة الوطنية بالحامة، ستكون فحوى أيامه الأدبية تحت شعار السخرية في النص الشعري الشعبي العربي، والذي سيغوص في نسج خيوطها الفكرية الأدبية مجموعة من الشعراء والباحثين العرب من خلال باقة متنوعة من القصائد والدراسات. وتجدر الإشارة إلى أنّ الجمعية الجزائرية للأدب الشعبي أطلقت في الأشهر الماضية مولودا إعلاميا جديدا يحمل اسم «السمق»، وهي أول مجلة جزائرية تُعنى بالأدب الشعبي والتراث المحلي للجزائر، حيث تحصّلت الدورية على الاعتماد الرسمي من طرف وزارة الإعلام والاتصال مؤخرا، لتنشط على الساحة الإعلامية الثقافية.والهدف الأسمى من هذا المشروع هو جعل المجلة معينا للطلبة، ينهلون منه ما يروي عطشهم المعرفي، الأدبي والنقدي، وجعلها أيضا سندا ومرجعية لحفظة التراث الشعبي بكل أنماطه وأجناسه وأشكاله.كما يفتح هذا الفضاء للتعرّف على جديد الإبداعات والكتابات الشعرية في مجال الشعر الشعبي و أدعو كل الدكاترة والباحثين في التراث والإبداع الشعبي، للمساهمة في المجلة بهدف إثرائها. @ يمكن الحديث عن فكرة تأسيس «الرابطة العربية للشعر الشعبي؟» ^ هي فكرة أردنية، التقينا في الملتقى العربي الأول في سوليمار بتونس تحت عنوان «القصيد الذهبي للشعر الشعبي»، وشاركت فيه سبع دول عربية «الجزائر، المغرب، ليبيا، مصر، العراق، الأردن، وتونس البلد المضيف»، وأطلقنا الرابطة رسميًا باسم «الرابطة العربية للشعراء وحفظة الموروث». وتعود فكرة الرابطة للشاعر الأردني إبراهيم الرواحلة، بأن نؤسس رابطة عربية تكون فعالة، لأنه سبقتها محاولات سابقة في العراق وفي العديد من الدول، لكن للأسف لم نر لها وجودًا بالواقع بعد التأسيس، ربما وجدت المياه الساقية المناسبة لتسير فيها برابطتنا هذه، وتم تأسيس الرابطة بعد نقاشات مطولة وعميقة بين الأعضاء من شعراء وباحثين بالشعر الشعبي الذين التقوا في تونس، وتكلمنا عن القانون الأساسي وطريقة الانتساب للرابطة. وتقرر أن يكون مقرها في الأردن، والشاعر إبراهيم الرواحلة اقترح ذلك ووافقنا، وتحتفظ الأردن بالأمانة العامة، والرئاسة دورية على الدول الأعضاء، مدة الدورة سنتين، وتقرر أن تكون الجزائر رئيس أول دورة عرفانًا بنشاطاتها وريادتها العربية بالشعر الشعبي، على أن يتم تنظيم ملتقيات محلية ووطنية ومغاربية وعربية، وأنا أشغل حاليًا رئيس هذه الرابطة في دورتها الأولى. @ على ماذا ترتكز مهمة الرابطة الخاصة بالشعر الشعبي ؟ ^ جمع شمل كل الشعراء والباحثين في الشعر الشعبي في المنطقة العربية، نحن متفرقون، نسمع عن ملتقى الشعر الشعبي العربي في الجزائر، ونظرائه في تونس وفي الأردن وغيرها، لكن ليس هناك استمرارية، لهذا قررنا في الرابطة أن تكون ملتقيات عربية محلية، مثلاً: ملتقى الجزائر يبقى دائمًا في الجزائر، لكن هناك ملتقى عربي للرابطة ويختار المجلس المؤسس مكان الملتقى كل مرة في دولة. وبالتالي يمر الملتقى العربي للشعر الشعبي على كل الدول العربية، وهو مثل سنة الثقافة العربية التي تستضيفها الدول العربية دولة بعد دولة سنويا، وهي فكرة جيدة للتلاحم العربي والاطلاع على الموروث العربي في كل دولة، وهي متشابهة في أغلبها، وأيضًا سنطبع منشورات أنطولوجيا للشعراء العرب بالشعر الشعبي، والدراسات الأكاديمية والبحوث والدراسات حول الموروث العربي، باختصار هناك عمل كبير ينتظر هذه الرابطة . @ كشاعر شعبي نستفسر منك هل للشعر الشعبي أوزان مثل أوزان الخليل الفراهيدي للشعر العمودي؟ ^ الشعر الشعبي أو النبطي أو الزجلي أو الملحون، تسميات مختلفة لغرض إبداعي واحد ولمسمى واحد «الشعر باللهجة العامية للبلد»، الشعر الشعبي ثري جدا، هناك القصيدة الرسمية أو الفصحى أوزانها ستة عشر بحرا للخليل الفراهيدي، القصيدة الشعبية لديها الأوزان الخليلية إضافة إلى أوزانها المحلية لكل دولة، وتسميات الأوزان تختلف لكنها متشابهة، مثلاً في الجزائر بلد كبير. هناك طبوع وأوزان مشتركة مع المغرب في الغرب الجزائري، مثل «الفني المربوط» و«الفني العشاري»، وفي الشرق الجزائري هناك مشتركات بالأوزان مع تونس، وفي الصحراء جنوبًا هناك مشترك مع ليبيا، ومع موريتانية «الحساني»، هذا الخليط مع دول الجوار يزيد الشعر الشعبي ثراء أكثر من الفصيح، ولو ذهبنا لمصر للأردن أو الخليج العربي أو سوريا أو العراق نجد نفس الأوزان لكن التسميات تختلف . @ عادة الشعر حامل لقضايا إنسانية وسياسية وتحررية، هل الشعر الشعبي حمل تلك القضايا؟ ^ أتكلم عن الجزائر، كان الشعر الشعبي المترجم الحقيقي لقضايا المجتمع، بالتالي الشعر الشعبي هويتنا، وتاريخنا، لأنه في القرون القديمة لم يوجد مؤرخون في الجزائر الشاعر الشعبي هو المؤرخ، لقد أرخ تلك الحقب التاريخية بقصائده الشعبية، شعر قريب من لغة الناس يحفظونه، مثلاً الشاعر سيدي الأخضر بن خلوف شاعر الدين والوطن، ولي من أولياء الله الصالحين وفارس وشاعر، هو من أرخ للغزو الإسباني لسواحل مستغانم في القرن السادس عشر، وأصبح فيما بعد مدرسة تسمى «مدرس الخلوفيات»، أرّخ بن خلوف في قصيدته الإلياذة لمعركة مزغران الشهيرة بسواحل مستغانم 1558، حيث اشتبكت المقاومة الجزائرية مع الإسبان، تحدث في شعره عن تفاصيل المعركة من الإمداد وأسماء القادة من الطرفين إلى آخره، في قصيدة 120 بيتًا أرّخ تلك المعركة وأرّخ معها لمرحلة تاريخية في القرن السادس عشر .وهناك معركة زعاطشة في الواحات الجزائرية في القرن الثامن عشر، حيث الشاعر محمد بن قيطون الشهير بقصيدة «حيزية» الملحمة الشعرية، أرخ لتلك المعركة في قصيدة «ماجاش بن عياش»، وهو قائد المقاومة، تحدث بن قيطون بتفاصيل مملة جدًا، من عدد الشهداء وعدد قتلى فرنسا وكيف جرت المعركة، تلك وثائق تاريخية أرخها الشعر الشعبي . والشاعر بولخير كان مع الشيخ بوعمامة في المقاومة بالبيّض بالغرب الجزائري، نجد أن شعراء الشعر الشعبي كانوا مؤرخين في غياب المؤرخين آنذاك .لذا لا فرق بين الشعر الشعبي والشعر المؤرخ، القصيدة هي التي تؤرخ للمجتمع وللأمة وللدولة، وفي الدراسات الأكاديمية في الجامعات الجزائرية يعتمدون على الشعر الشعبي لما فيه من توثيق لأحداث جرت في الماضي البعيد . @ الموروث الشعبي تحافظ عليه اليونيسكو، هل تقدمتم بطلب لحماية الموروث الشعبي بالجزائر أو في بلد عربي؟ ^ لم نفعل بعد، ولكن الأمر على جدول أعمال الرابطة العربية لشعراء الشعبي وحفظة الموروث، وهو مشروع ندرسه لأن الجزائر عضو في الرابطة وتقدمت من قبل بطلبات عديدة لليونيسكو، استجابت لبعضها لكن المهم أنها حركت الأمر دوليًا .