إطلاق أول مركز حوسبة عالي الأداء للذكاء الاصطناعي في الجزائر:خطوة استراتيجية نحو السيادة الرقمية    الكيان الصهيوني يشن سلسلة غارات على جنوب لبنان    تلمسان: انطلاق الطبعة الثامنة لليالي الخط والمخطوط    الرابطة المحترفة الأولى : شباب بلوزداد واتحاد الجزائر يتعادلان (1-1)    المهرجان المحلي للإنشاد بقالمة: رفع الستار عن الطبعة التاسعة    الجزائر الجديدة المنتصرة بقيادة رئيس الجمهورية وفية لالتزاماتها    السلطة والشعب وبناء دولة..!؟    البكالوريا المهنية يجري التحضير لها بالتنسيق مع قطاعات أخرى    عملية الختان من الضروري أن تجرى في وسط استشفائي    خنشلة فرقة مكافحة الجرائم الاقتصادية و المالية توقيف شخص طرح أوراق نقدية مزورة    تحميل الملفات وإرسالها ليس لها أجل محدد وهي عملية مفتوحة    حجز 34 حاوية محملة بالموز بعنابة    بلمهدي يشرف على إطلاق مصحفين إلكترونيين وآخر بالخط المبسوط    موسم الحج 2025 عملية حجز التذاكر تنطلق اليوم    صافرة مصرية للصدام الجزائري    تكريم 50 طالباً جزائرياً    مسابقة وطنية لأحسن الأعمال المدرسية    حجز 34 حاوية بموز    فضيحة جديدة لحكومة المغرب    شرطة المغير تضبط أزيد من 192 ألف كبسولة    إطلاق مصحف الجزائر بالخط المبسوط    مستوطنون يُدنّسون الأقصى    فرنسيون يُدينون جرائم الاستعمار    إبراز مناقب الشيخ محمد بلقايد    الدفع عبر النقّال.. مزيدٌ من الإقبال    الجزائر تتجه لتوطين صناعة الدواء بمختلف الأصناف    وسام ذهبي للاستحقاق الأولمبي والرياضي للرئيس تبون    منع وفد قانوني دولي من دخول الأراضي الصحراوية المحتلة.. محاولة جديدة للتعتيم على جرائم المخزن    ندوة فكرية بمناسبة الذكرى ال 63 لاغتياله..مولود فرعون قدم أدبا جزائريا ملتزما ومقاوما    العلمي: الجزائر الجديدة المنتصرة وفية لالتزاماتها بتمكين النساء وترقية حقوقهن    النفاق الفرنسي.. كفى! حان وقت الحقيقة    اليمين المتطرّف في مواجهة غضب الشارع بفرنسا    اليد الممدودة للجزائر تزعج فرنسا وغلمانها    هكذا يتم تدعيم وكالة ترقية الاستثمار بالعقار الاقتصادي    جاهزون لموسم حصاد استثنائي    المخزن يمنع وفدا دوليا من دخول الأراضي الصحراوية المحتلة    عبر البوابة الجزائرية للحج وتطبيق "ركب الحجيج"..حجز تذكرة السفر إلى البقاع المقدسة ابتداء من اليوم    عوار يغيب لأسبوعين بسبب مشكلة عضلية جديدة    غويري يشبه أجواء ملعب "الفيلودروم" بمباريات "الخضر"    تطبيق رقمي خاص بقطاع المجاهدين    "الطعام الجاهز".. بديل مثاليٌّ للعزاب والعاملات    روائع من زمن الذاكرة    أنا "على ديداني" وزولا ترعاني    تأطير للمواهب وسهرات من روائع الشيوخ    400 وجبة يوميا للعائلات المعوزة    في الهند..غير المسلمين يُعدُّون طعام الإفطار للصائمين    الإشهار المفرط ينفّر متابعي المسلسلات    تحديد تاريخ مسابقات الالتحاق بالدراسات الطبية للمقيمين    رئيس الجمهورية يكرم بالوسام الذهبي للاستحقاق الأولمبي والرياضي الإفريقي الممنوح لقادة الدول    الرابطة المحترفة الأولى "موبيليس": مولودية الجزائر تتعثر أمام اتحاد خنشلة (2-2) وتضيع فرصة تعميق الفارق    يوسف بلايلي.. العائد الكبير    تعزيز التعاون الجزائري التونسي في قطاع التضامن    الحقن وطب الأسنان لا يفسدان الصيام والمرضع مخيَّرة بين الفداء أو القضاء    الجوية الجزائرية تذكّر بالزامية اختيار رحلة الحج    هكذا تحارب المعصية بالصيام..    حفظ الجوارح في الصوم    زَكِّ نفسك بهذه العبادة في رمضان    نزول الوحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزجل شعر ملحون تختلف تسميته من بلد إلى آخر
توفيق ومان في حوار مع "الشعب":
نشر في الشعب يوم 16 - 02 - 2014

أكد الشاعر توفيق ومان في حوار مع "الشعب"، أن الزجل هو الشعر الشعبي أو الملحون الذي تختلف تسميته من بلد إلى آخر فقط، منها النبطي، الشعر المحكي والعامي والزجل في المغرب.
وتحدث ومان عن الشعر الشعبي ودوره في خدمة الثورة الجزائرية، مؤكدا أنه أرّخ لحقب تاريخية هامة، حيث كان الشعراء آنذاك يقدمون رسائل مشفرة من خلال نصوصهم، وقال إنه بدأ يسترجع مكانته في سنة 2005، عند تأسيس الرابطة الوطنية للأدب الشعبي التي جاءت إلى الوجود نتيجة "حقرة" شعراء الفصيح لشعراء الشعبي، مشيرا إلى أننا بحاجة إلى الحداثة لإيصال شعرنا خارج الجزائر وتطويره.
الشعب: بداية ما هو الزجل وعلى من يطلق إسم الزجال؟
توفيق ومان: "الزجل" هو الشعر الشعبي، الملحون، النبطي، الشعر المحكي والعامي... هو تسميات عديدة لغرض إبداعي واحد، حيث تتفرق كلمة الزجل حسب الدول، فهناك من يطلق على الشعر الشعبي تسمية الزجل، ومن بينها المغرب ولبنان، في حين يسمى في مصر بالشعر العامي أو المحكي، وفي دول الخليج النبطي، أما في الجزائر فالزجل هو الشعر الشعبي.
وبهذا يطلق اسم "الزجال" على الشاعر الشعبي، ففي المغرب يطلق عليّ اسم الزجال، لأنني مختص في هذا النوع الأدبي، لكن في بعض الدول يطلق اسم الزجل على الغناء التراثي البدوي كفلسطين، في حين أن الشعر الملحون في المغرب، مثلا، هو نوع من الغناء الأندلسي، إذاً فالزجل هو الشعر الملحون فقط تختلف التسمية من بلد لآخر.
ما هو متعارف عليه أن الزجل أو الشعر الملحون تعود أصوله إلى المغرب العربي، غير أن ما يلاحظ غياب الاهتمام الكافي بهذا النوع الأدبي في الجزائر؟
لا على العكس، هناك تطور كبير للشعر الشعبي في المغرب العربي، خاصة في السنوات الأخيرة، حيث أولوه اهتماما كبيرا. ففي الجزائر على سبيل المثال ساهم خلال الثورة التحريرية الكبرى في توعية الشعب، حيث كان الشعراء آنذاك يقدمون رسائل مشفّرة من خلال نصوصهم.
فالشعر الشعبي الجزائري قدم خدمة كبيرة لتاريخ الجزائر، حيث أرّخ لحقب تاريخية هامة لم تتناولها لا الكتب ولا الفنون الأخرى، ومن بينها على سبيل المثال قصيدة من 250 بيت شعري، تحكي عن غزو الإسبان للجزائر، من بدايات الغزو وصولا إلى المقاومة بقيادة سيدي لخضر بن خلوف الشاعر المتصوّف أو كما يسمى "شاعر الدين والوطن"، وأرخ الشاعر الشعبي محمد بن قيطون صاحب رائعة "حيزية" لثورة الزعاطشة، في نص حداثي، وهو دليل على أن الحداثة في الجزائر منذ القديم، كما أرخ لمعركة بوعمامة الشاعر سي محمد بلخير، واستشهد بأبياته الشعرية الرئيس الراحل هواري بومدين في العديد من خطبه.
غير أنه بعد الاستقلال مباشرة هُمّش الشعر الشعبي نوعا ما، بعد المناداة بالحفاظ على اللغة العربية الفصحى وتدعيمها حفاظا على الهوية الجزائرية التي عبثت بها فرنسا، ومنه توقيف الأدب الشعبي كونه ساهم في تكسير لغتنا الأم كما يقولون.
لكن بعد ذلك وفي عهد الرئيس الراحل الأسبق هواري بومدين، استرجع الشعر الشعبي مكانته في الجزائر، وفي سنة 1972 قرر إدراج مادة الأدب الشعبي في الجامعات، ومن هنا بدأ ينتعش، غير أن ذلك لم يكن كافياً، حيث بقيت ذهنية هيمنة الفصحى على العامية.
ألا تعتقد أن التهميش الذي طال الشعر الشعبي آنذاك، جعل الشعراء يبتعدون عنه، حيث التفّت حوله قلة قليلة، لاسيما في الوقت الراهن؟
القرارات السياسية الصادرة آنذاك، جعلتهم ينظرون إلى الشعر الشعبي نظرة دونية، واعتبروه شعرا من الدرجة الثانية، وما كرس ذلك أيضا هو كون أشهر شعراء الشعبي يتواجدون في المناطق الداخلية، وبالتالي بُعْدُ المناطق عن مركز القرار أثر كثيرا على هذا النوع الأدبي، كما أن الإمكانات المادية للشعراء لم تكن تسمح لهم آنذاك بالتنقل إلى العاصمة لتنظيم ندوات أو أمسيات شعرية، ناهيك عن غياب دور الثقافة.
ومع مرور السنوات بقيت النظرة الدونية للشعر الملحون أو الزجل إلى وقت قريب، حيث بدأ يسترجع مكانته في سنة 2005، عند تأسيس الرابطة الوطنية للأدب الشعبي التي جاءت إلى الوجود نتيجة "حقرة" شعراء الفصيح لشعراء الشعبي، وقد تأسست في البداية تحت جناح اتحاد الكتاب الجزائريين برئاسة عزالدين ميهوبي آنذاك، وعملت حينها على إضافة المادة 56 في القانون الأساسي للاتحاد والخاصة بتأسيس اتحاد الكتاب الجزائريين للروابط الثقافية ومن هنا انطلقت مهمتنا في خدمة الشعر الشعبي. وما زاد من عزيمتنا تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007، حيث كنت أول من نظم ملتقى الشعر النسوي، قبل أن تنظمه سعدة خلخال بقسنطينة والشاعرة ربيعة جلطي ببسكرة، حتى أن هناك من أعاب عليّ تخصيص ملتقى للنساء، متسائلين إن كان هناك شاعرات في الجزائر، وبالرغم من ذلك لاقى الملتقى نجاحا منقطع النظير، لأنظم بعدها طبعة ثانية، وقدمت لنا وزارة الثقافة دفعا قويا، وأؤكد لك أن ذلك لم يأت من فراغ بل بفضل جهودنا، ومنذ ذلك التاريخ عكفت وزارة الثقافة على تنظيم عكاظيات الشعر الشعبي في كل ولاية، ومن هنا بدأ الحراك للشعر الشعبي، وأصبحت مختلف الدول العربية تقتدي بالجزائر بفضل الرابطة الوطنية للشعر الشعبي، فعلى سبيل المثال اعتمدت لبنان في تأسيس الرابطة اللبنانية للأدب الشعبي على جمعيتنا، حيث استدعيت كضيف شرف بعد أن استلهموا أفكارها منّي وأبرزت لهم كيفية العمل، إضافة إلى الاتحاد المغربي للزجل والرابطة العربية للإبداع والفنون بتونس، كما أن أول درع في العالم العربي للأدب الشعبي عاد إلى الجزائر سنة 2009 في الأردن، حيث مثلت آنذاك الجزائر في جامعة الدول العربية.
ونتيجة هذه النجاحات، تعرضت لمضايقات عدة، كان الهدف من ورائها ضرب استقرار الجمعية، التي ناضلت لأجلها ولأجل النهوض بالشعر الشعبي، حيث نظمت ملتقيات بأغلب ولايات الوطن، وكانت ناجحة بشهادة الحضور، لأن هدفنا هو تقديم عمل مؤسس والتأريخ له، لهذا عكفت على إصدار كتاب لكل ملتقى أنظمه، حتى لا أترك أي مجال للشك.
كما أن تكريم جامعة الدول العربية لم يأت من العدم، بل رشحت من قبل عديد الدول العربية هي تونس، ليبيا، المغرب ولبنان، وهذا ما أعتبره نجاحا للجزائر وليس لتوفيق ومان. كما أن الحركية التي ظهرت في المغرب منذ 04 سنوات وفي تونس منذ سنتين، جاءت بفضل الجزائر، لأن تأثير دولة على الجوار مهم جدا، سواء سياسيا أو ثقافيا أو أمنيا...
لكن بالرغم من ذلك أقول إن الشعر الشعبي في الجزائر تطور من ناحية الهيكلة والنشاطات، لكن إبداعيا المغرب أكثر تطورا منّا، لأن شعراءهم يمتلكون مستوى تعليميا عاليا، وهو ربما ما ينقصنا في الجزائر، وبالتالي لم يخدم الشعر الشعبي كما ينبغي، فشعراء المغرب خدموا قصائدهم، عكسنا نحن الذين ما نزال نتخبط في الكلاسيكي، وهذا لا يعني أنني ضده، بل نحن بحاجة إلى الحداثة لإيصال شعرنا خارج الوطن وتطويره، لهذا طالبت بتقريب لغتنا للغة العربية الثالثة القريبة من الفصحى، وواجهت بذلك الكثير من الانتقادات، إلا أنه يمكن القول أنني نجحت، حيث أصبحت أستمع لبعض الشعراء الذين يستخدمون نصوصا حداثية.
وهل ساعد ذلك على استرجاع مكانة الشعر الشعبي الجزائري في المحافل الدولية؟
بالتأكيد، النضال الذي قمت به أوصلته إلى مختلف الدول العربية، وأنا أفتخر بذلك، كما أن تأثيري كان مباشرا على المغرب، تونس، ليبيا ولبنان، فهذه الدول تأثرت بالجزائر من ناحية الحركية والنشاط وهيكلة مؤسساتنا الثقافية، وذلك تأتّى من خلال نشاطاتنا المكثفة خارج الوطن، وأضحت الجزائر حاضرة في مختلف المناسبات الدولية، فضلا عن الاقتداء بشعراء الشعبي.
غير أن ما يعاب، في بعض الأحيان، هو ظهور أسماء لا علاقة لها بالشعر لا من قريب ولا من بعيد يحسبون، للأسف، على الجزائر، ويتسارعون لتمثيلها في المحافل الدولية.
لكن أين هو دور المثقف هنا في غربلة أشباه الشعراء، الذين أصبحت أسماؤهم تُتداول بكثرة في الساحة الأدبية، مقارنة بالشعراء الحقيقيين؟
لا، منذ 2005 لم يعد هنالك مكان للشعر الرديئ، فالرابطة المغاربية للأدب الشعبي تعمل جاهدة على اختيار الأسماء التي تقدم صورة حسنة عن الأدب الشعبي خارج الجزائر، بينهم قادة دحو، توفيق أوعابد، فريد بولنوار، قاسم شيخاوي، فوزية لارادي، أحمد بوزيان وآخرون لهم صيتهم ومكانتهم الأدبية، ولا نكتفي بهؤلاء، بل نساعد آخرين على اعتلاء المنصة إذا لمسنا منهم محاولات جدية ليصبحوا شعراء في المستقبل، وبالتالي منحهم فرصة الظهور.
الإنسان الواعي والذكي والمثقف عليه أن يستمتع ويستفيد من الملتقيات والندوات التي ننظمها، حتى وإن لم توجه له دعوة للمشاركة، فلربما قد يساعده ذلك على اكتساب أبجديات جديدة في الشعر الشعبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.