تتحضر قسنطينة هذه الأيام لإسدال الستار على تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015 ،وذلك بعد سنة ثقافية حافلة بالثراء و التنوع الفني والأدبي، ما جعل سيرتا هذه المدينة التاريخية العريقة ترتدي حلة الإنجازات الجديدة على رأسها قاعة الزينيت أو أحمد باي الكبرى، هذه الأخيرة التي اعتبرت مكسبا هاما لمدينة الجسور المعلقة و الجزائر ككل، باعتبارها الأولى من نوعها على المستوى الوطني والثانية على المستوى الإفريقي، فضلا عن الهياكل و الصروح المهيأة حديثا، والتي لعبت هي الأخرى دورا بارزا في احتضان عشرات الفعاليات الدولية والوطنية ، التي عززت الحراك الثقافي والفني بمدينة الألفي عام، وجعلت من سيرتا عروسا متربعة على عرش الجمال بكل ما تحمله الكلمة من مضامين، وذلك بشهادة جميع الزوار العرب الذين لم يفوتوا فرصة البوح برقيها و أصالتها و زخم تراثها. أسابيع عربية ناجحة وحضور شعبي كبير عاشت قسنطينة ومنذ انطلاق تظاهرتها العربية في 16 أفريل 2015 على وقع الاحتفالات والبرامج الثقافية العربية والمحلية بشكل يومي و دائم، حيث عرفت إنجاز الكثير من الهياكل إلى جانب قاعة الزينيت ، مثل قصر الثقافة محمد العيد آل خليفة ، مالك حداد، المسرح الجهوي و غيرها من الهياكل الأخرى ، أما فيما يخص الفعاليات ، فلا يمكن تجاهل أكبر ملحمة لقسنطينة ، والتي عرضت 5 حقبات من تاريخ المدينة بدءا من ماضيها قبل التاريخ ،وصولا إلى أهم المنجزات و المكاسب التي حققتها سيرتا على غرار الجسر العملاق ، وقد تميزت الملحمة الكبرى بمشاهد رائعة و تقنيات متطورة ساهمت في رسم البهجة على وجوه الوفود الذين أجمعوا على نجاح الانطلاقة الباهرة بعد الانطلاقة الشعبية التي كانت هي الأخرى مشهدا آخر من مشاهد النجاح الباهر وسط التفاف شعبي ضخم و هائل، جعل من الوفود الرسمية تنحني احتراما لما شاهدوه، حيث أكد الدكتور بدر الدويش الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة و الفنون و الآداب بدولة الكويت أن قسنطينة وفقت في تنظيمها لتظاهرة عاصمة الثقافة العربية ، والدولة الجزائرية كسبت الرهان بدون منازع، كما عبر عن إعجابه الشديد بالانطلاقتين الشعبية والرسمية مؤكدا أن المدينة تستحق اللقب عن جدارة و استحقاق ، وأثنى من جهته سفير دولة قطربالجزائر السيد إبراهيم السهلاوي على التنظيم و الإخراج الجيد، وهي ضربة قاضية للمشككين في قدرة الجزائر على إنجاح الحدث ، وذلك بفضل المجهودات الجبارة التي بذلها القائمون عليها. ومن جهتها فقد حقّقت الأسابيع العربية والمحلية والملتقيات الكثير من النجاحات، دون أن ننسى العروض المسرحية و الفلكلورية وكذا الحفلات الفنية والمعارض التقليدية التي جذبت بدورها المئات من الزوار والسياح الذين تنقلوا خصيصا لحضور المشاهد الثقافية المتنوعة ، نذكر منها الأسبوع الثقافي لفلسطين ،مصر، العراق، المغرب، الكويت، إيران، السودان، المملكة العربية السعودية و غيرها من البلدان العربية ، إلى جانب أسبوع ب الولاياتالمتحدةالأمريكية، فضلا عن أسابيع 48 ولاية جزائرية كشفت هي الأخرى عن عبق وزخم تراثها .. أفلام جديدة و أكثر من 100 عرض مسرحي وعندما نقول سنة ثقافية ، فنحن هنا أمام برنامج طويل وعريض، حيث لم يترك القائمون على هذه التظاهرة أي جانب يتعلق بجوانب الثقافة إلا و خاضوا فيه بكل ثقة ، لاسيما وأن وزارة الثقافة و بتوصية من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة تحرص على تكريس كل ما من شأنه أن يضفي النجاح على التظاهرة العربية التي كانت بمثابة رهان و تحدي كبير انطلق بتأهيل وإعادة الاعتبار للمقومات التاريخية والثقافية للمدينة، إضافة إلى الهياكل الضخمة والمشاريع الإستراتيجية و الترميمية التي مست مدينتها العتيقة وصولا للبرنامج العام للحدث الذي شمل أسابيع للصناعات التقليدية العريقة و مهرجانات ومعارض حول الموسيقى والصوفية في العالم الإسلامي، إلى جانب المعارض الفنية التي قدمت عصارة إبداعات أشهر الفنانين التشكيليين على رأسهم الفنان و المؤرخ صادق أمين خوجة ، وأيضا صالونات النحت الجزائري التي ضمت أشهر المبدعين ،و مهرجانات للشعر العربي و الأدب و الفن و الموسيقى الكلاسيكية الراقية، حيث شاهد الجمهور ولأول مرة روعة الأوركسترا السيمفونية الوطنية التي قدمت 3 حفلات ناجحة، فضلا عن العروض المسرحية التي بلغت أكثر من 100 عمل مسرحي بركح مسرح قسنطينة ، مع إنتاج 24 عملا جديدا في إطار التظاهرة ، أما فيما يتعلق بالسينما فقد تم عرض إنتاجات حديثة بين أفلام وثائقية ، طويلة وقصيرة ، نذكر منها فيلم وسط الدار، جسور قسنطينة، لو نحكي، خفايا قسنطينة، نجمة وغيرها من العروض، وفي ذات السياق فقد شهدت التظاهرة تقديم الكثير من الحفلات الفنية التي أحياها نجوم عرب من بينهم صابر الرباعي، وائل جسار، رويدة عطية، دينا كرزون، رضا العبد الله، غادة رجب، محمد عساف، سعد رمضان و الكينغ خالد الذي أبدع في حفلتين اعتبرتا من أنجح الحفلات وغيرهم من الفنانين الجزائريين الذين مروا بالتظاهرة.