طُرحت في المدة الأخيرة بوهران مشكلة إنعدام تلقيحات الأطفال عبر عدة مراكز صحية مما دفع بعض الأولياء إلى تغيير وجهاتهم نحو مناطق أخرى في ولاية وهران لتطعيم صغارهم وتجنبهم أمراضا كثيرة في المستقبل. الندرة مطروحة فقط بمراكز المؤسسة العمومية للصحة الجوارية للناحية الشرفية الموجود مقرها ب »كاف ڤي« في حين لا تعاني المراكز الأخرى من أي نقصان بل بالعكس تجرى التطعيمات في وقتها وبالكمية المطلوبة سواءً للأطفال أو الكبار أو المقبلين على مناسك الحج والعمرة لقد صادفنا عدة نساء رفقة أطفالهن لا سيما الرضع بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية ب (كاف ڤي) وقد عدن أدراجهن بعد عدة أيام من الذهاب والإيّاب لعلهن يظفرن بلقاح لكن هذا الأخير وحسب شهادتهن مفقود منذ عدة أيام. وأكدت لنا إحداهن وقد جاءت من حي كارتو أنها لم تتمكن من تلقيح إبنها باللّقاح المضاد لإلتهاب السحايا وقد بلغ مولودها أربعة أشهر، ونصحتها إحدى الممرضات بالتوجه إلى عيادة أخرى لأن موعد توفر اللقاحات غير معروف. مواطنة أخرى أكدت أنها لقحت كل بناتها بهذه المؤسسة واليوم تفاجأت بعدم تمكنها من تطعيم إبنتها الرضيعة لتجنيبها إلتهاب الفيروس الكبدي علمًا أنَّ هذه السيدة لا تعرف مما ستلقح صغيرتها فقط لأنّ الممرضة طلبت منْها سابقا عندما لقحتها وهي حامل بأن تطعّم مولدَتها بداية من الشهر الثاني من هذا الدّاء بعد أن صارَ ضِمن لوائح اللّقاحات منذ عدة سنوات لكنها استغربت هذه المرة لإنعدام الجرعات المطلوبة. أُمٌ أخرى بدورها عادت أدراجها بعد أن أرادت إعادة تطعيم صغيرها البالغ 18 شهرا وهي بدورها مسجلة رفقة إبنيها في هذه المؤسسة وأجرت جميع التلقيحات لها (وهي حامل) وولديها في (كاف ڤي) ولكن هذه المرة اللقاحات غير متوفرة، هذا السبب جعلها تعاود الكَرّة عدة مرات وتخوّفت من الذهاب إلى مؤسسة عمومية للصحة الجوارية أو أي مركز آخر لحماية الأمومة والطفولة لعلها لن تظفر بلقاح وفي إعتقادها أن الأمر يتعلق بنظام قطاعي (Dectorial) . حالة أخرى لمواطنة تقطن بحي اللوز منذ أن تزوجت لكنها مسجلة رفقة أبنائها الثلاثة على عنوان والدتها بحي ڤمبيطا وتعوّدت منذ سنوات على التلقح والتلقيح بكاف ڤي وإنها المرة الأولى التي لم تستطع تلقيح توأميتها حيث أكدت لنا أنها.تلقت تطعيما منذ بضعة أشهر عندما كانت حاملا ولم تفهم سبب عدم توفره الآن وتخوّفت بدورها من العودة إلى حي اللوز للتلقيح بأقرب مركز صحي وهي غير مسجلة هناك علما أن التلقيح لا يسير بالنظام القطاعي بمعنى أن أي واحد بإمكانه إجراء العملية حيث يريد حتى خارج الولاية. * إجابات المدير بعد رحلة ماراطونية بين (كاف ڤي) وحي فلاوسن وطَرق أبواب العديد من الأطباء المسؤولين على الوقاية تمكنّا من الحديث إلى مدير المؤسسة العمومية للصحة الجوارية السيد (تازي كريم) الذي إستقبلنا بمجرد علمه بوجودنا بذات المؤسسة وقد إستغرب لهذه الضجة التي تلاحق مؤسسته وأضاف بأنها ليست المرة الأولى التي تتعرض لهذا الشكل من الضغط. وقبل أن يخوض معنا في لب الموضوع شرح لنا الأمور المحيطة به. هذه المؤسسة عليها أن تغطي حاجات (510) آلاف نسمة والمشكل مطروح بحدة لأن الناحية الشرقية توسعت كثيرا فكل مَن أعيْدَ إمسكانهم موجودون بهذه المنطقة التي تتوفر على 19مركزا لحماية الأمومة والطفولة في إنتظار أن يبلغ العدد 27 مستقبلا. وطبقا لأخلاقيات المهنة لا يمكن بأي حال من الأحوال رفض تلقيح حامل أو إبنها مهما كانت الظروف لأنَّ العملية لا تخضع لنظام قطاعي بمعنى أن يتوجه الشخص الباحث عن التطعيم للإستفادة منه حيث يسكن بل باستطاعته أخذه أين ما أراد حتى خارج قطاعه الصحي أو ولايته. وفعلا تستقبل المؤسسة العمومية للصحة الجوارية بحي كاف ڤي أطفالا ونساءً من كل مكان حتى من مارافال أو اللوز وهما حيّان على الخارطة الصحية تابعان لمؤسسة غرب وهران. وأضاف محدّثُنَا أنّ اللقاح صار يطرح مشكلا حقيقيا خاصة بمؤسسته التي تُعَدُ الثانية على مستوى الوطن من حيث التعداد السكاني الذي تتتكفل به ناهيك عن الذين يقصدونها من خارج قطاعها الصحي والجغرافي.وقال لنا مدير المؤسسة أنَّ الكمية التي يتلقونها من معهد باستور بالعاصمة تنفذ في أقل من أسبوع لسببين. * الأول: لا يستطيع »معهد باستور« تزويد المؤسسة بالعدد المسجل على وصل الطلب فعلى سبيل المثال إذا كان الطلب (12000) قنينة (بكل قنينة 10 جرعات) فإن ما يصل إلى هذه المؤسسة هو (1000) فقط وينفذ في أقل من 10 أيام. وتصادفنا خلال تواجدنا بمكتب المدير يوم الأربعاء 6 أبريل بتوجه أحد الموظفين إلى معهد باستور لجلب اللقاحات على أن يستمر التلقيح بداية من هذا الأحد 10 أبريل. وقد أطلعنا المدير على وصل الطلب وأكّد لنا أ نَّ المعهد لن يزوده بما هو مطلوب من عدد. لأنّ باستور ملزم بتزويد كل ولايات الوطن. * ثانيا: تنفذ اللّقاح من المؤسسة العمومية للصحة الجوارية نظرا للكمّ الهائل من الناس الوافدين عليها وهي توزع العدد على مراكزها الصحية المكلفة بصحة الأم والطفل وفي كثير من الأحيان يتمّ إستهلاك (5) قنينات في نصف يوم فقط وتنتهي الكمية كاملة في أقل من 10 أيام ويعود المشكل للظهور مرّة أخرى.وهناك حالات لأُناس غير مسجلين بهذه المؤسسة يأتون للمرة الأولي للتلقيح فيتم تنبيههم بأنه سيُجرى لهم التلقيح هنا لكن عليهم في المرّات اللاحقة التوجه إلي المراكز الصحية القريبة من مقرّ سكناهم لكنّهم يعودون للمؤسسة بحجة أنّهم بدأوا هنا وسيستمرُون هنا. وهناكَ مشكل آخر أيضا يتعلّق بالتلقيح من داء الكلب فكل المراكز تغلق أبوابها عند الرابعة ولا يحق لمواطن جزائري أن يتعرض لعظة كلب أو حيوان ضال بعد الرابعة لأنّه لن يَجد تلقيحاً لكنه مؤكد بأنه سيجده في (كاف ڤي) فكلّ هذه التلقيحات تتم بهذه المؤسسة. وإن كانت كثير من النّساء طرحن مشكل عدم إعادة تلقيح أبنائهن (عند الشّهر الثامن عشر) فقد أكد لنا محدثنا أنّ الإعادة بإمكانِها إنتظار (3) أشهر أخرى ولا خوفَ على الطفل. وقد إشتكى لنا كلّ المسؤولين الذين تحدّثنا إليهم من مشكل مركزية اللّقاح لما يتميّز به هذا الأخير من خصوصية بحيث يجب أن يخضع لشروط صحية مميّزة وتصاحبه سلسلة تبريد خاصة جدّا. وإن كان مشكل نقله من الجزائر إلى وهران لا يطرح بحدّة فماذا عن نقله إلى المؤسسات العمومية للصحة الجوارية الموجودة مثلا في تمنراست أو بشار أو النعامة أوتندوف؟! * القطاع الغربي دون انقطاع في القطاع الصحي الغربي الوضع يختلف تماما فقد زرنا المؤسسة العمومية للصحة الجوارية (الغوالم) ومركز حي ابن سينا فوجدنا العملية تسير على أحسن ما يرام بل في الغوالم إنتهت العملية قبل العاشرة صباحا وهو أحسن توقيت لتطعيم الرُضّع. وهنا أيضا أشار إلينا الطبيب المسؤول أنه يتم إستقبال الأطفال من خارج القطاع الصحي ويتراوح عددهم مابين (40 ) و(50) ويصل إلى (60) في الأسبوع، ويتجاوز عدد القادمين من خارج القطاع الثلاثين. وفي مركز إبن سينا وجدنا أمًا من بسكرة كانت في عطلة بوهران وتم تلقيح صغيرها ويتم في اليوم الواحد تجاوز 200 أو 220 جرعة فالأمر يرتبط بمدى الإقبال فيوم الثلاثاء الماضي تجاوز العدد 60 إمرأة بأطفالهن هذا ما يعني فتح (6 ) قنينات لأنه في حالة عدم وجود عدد كبير لا يمكن التطعيم لأن فتح قنينة واحدة معناه فساد ونفاد صلاحية (10) جرعات لذلك حددت المديرية أياما معينة لتلقيح الأطفال. وأشار لنا مصدر طبي مختص أن التلقيح يشكل أهم وسائل الوقاية من الأمراض المعدية والفيروسية ومن شأنه حماية الرضيع والطفل ويقلل من مخاطر العدوى. من هذه اللقاحات ماهو (إجباري)، وآخر (ينْصَحُ ) به فقط. ويجب إحترام توقيته، جرعاته وإعادته وهو الوقائي. لَكِن مَمَا نُلَقّح الأطفال؟؟ بداية من الشهر الأول يقول المختص على الآباء تلقيح المولود لتجنب مرض السل. وبداية من الشهر الثاني يأتي تلقيح DTP (Diphtérie- Tetanos - polio ) أي (الديفتيريا)، التيتانوس والشلل ب 3 جرعات وبفارق شهر بين كل إثنين ويجب أن يتم قبل أن يبلغ المعني 18 شهرا وتكون الإعادة إجبارية بعد سنة كاملة من الجرعة الثالثة أما باقي اللّقاحات وحسب لوائح المنظمة العالمية للصحة فتتم كل خمس سنوات. وهناك التلقيح من السعال الديكي وَ يعطي بداية من شهرين عبر 3 جرعات وأيضا بفارق شهر بينها وممكن أن يكون في نفس توقيت (دي، تي، بي) وآيموفيليس وتكون الأولى في ظرف عام ثم بين (11) و(13) سنة. ويلقح الأطفال ب »الآنتي إيمو فيليس« لتجَنب عدة أنواع من مرض إلتهاب السحاي (méningites) وينصح به بداية من الشهر الثاني وأيضا ب 3 جرعات وفارق شهر وإعادة مرة واحدة فقط. وبالنسبة لإلتهاب الفيروس الكبدي (ب) ففي الشهر الثاني لكن في حالة ما إذا كانت الأم حاملة ل HBS إيجابي فالطفل يلقح عند ولادته. وفي الحالة العادية تتم العملية ب 3 جرعات تكون الأولتان بفارق شهر والثالثة بعد 5 إلى 12 شهرا عن الأولى. للإشارة فقد إرتبطت كثير من الأخبار والتعاليق بين هذا التلقيح وأمراض عصبية لدى المُلقَح عند كبره وبلوغه سنا معَيّنا لكن البحوث والإكتشافات الطبية توصلت إلى تفنيد هذا الطرح وتصر منظمة الصحة العالمية على إجرائه تجنبا لكل الإلتهابات الفيروسية. وهناك أيضا تطعيم ضد السعال الديكي الرئوي وهذا الأخير أول أسباب الوفيات عند الرضع والأطفال لأنه ينجم عن عدوى بكتيرية تتسبب أيضا في إلتهاب السحايا. ويتم التلقيح عند الشهر الثاني وتكون الجرعة الأولى في هذا الموعد والثانية والثالثة بعد شهر أو 3 أشهر أو 4 أشهر ولابد من إعادة ما بين 12 و15 شهرا وفي حالة إحترام هذا الموعد والكميات فيتجنب الطفل الأمراض والعدوى المذكورة. وطبقا لما أشار إليه مصدرنا الطبي فإنه ملايين الأطفال يتم إنقاذهم سنويا من الموت بفضل التطعيم الذي يجنب إستهلاك أضعَاف ما قد يُصْرَف على الأدوية التي ليس لها أي مفعول ما لم يتم اللقاح خاصة كثيرا من الأمراض القديمة لا تزال موجودة وتهدد الإنسان ولا تزال منظمة الصحة العالمية تؤشر عليها بالأحمر بما في ذلك الحصبة ( Rougeole). ثم ما تعلق بالديفتيريا والتيتانوس فإنه حتى الكبار مدعوون للإعادة كل 10 سنوات. وبالنسبة للسعال الديكي فهو مرض ممكن أن يكون خطيرا جدًا رغم أنه في حالة تراجع وله طريقتان في التلقيح: تلقيح بجراثيم مقضى عليها، ولقاح خلوي ويسبب الأول عدة مضاعفات منها الحمى لكن لا علاقة له بالتسبب في الأمراض العصبية وصار في كثير من البلدان يعطى مع التطعيمات ضد الديفتيريا، التيتانوس والشلل. هذا وحسب المنظمة العالمية للصحة فإن الأطفال الخُدّج والذين عانوا مشاكل صحية عند الولادة بسبب مرض أمهاتهم لا يجب تلقيحهم باللقاح مقتول الجراثيم. أما التطعيم الخلوي فإنعكاساته السلبية محدودة ويشكل السعال الديكي الرئوي أيضا أحد أسباب الوفاة لدى الطفل ما قبل السنتين بسبب عدواه البكتيرية، وأول أسباب إلتهاب السحايَا البكتيرية. ولا يقصر تلقيح الأطفال على تجنيبهم الأمراض الخطيرة بل هو أيضا عمل تضامني لإبعاد العدوى عن المحيط الذي يتقاسمه الجميع منذ توصل (إيديوارد جنير ) في 1796 إلى إنقاذ رجاله من الجدري.