أشرف القنصل الإسباني العام بوهران السيد خوسي مانويل رودريڤاز مارتيناز مساء أمس الأول بتلمسان، على افتتاح فعاليات الأيام الثقافية الإسبانية، التي تحتضنها عاصمة الزيانيين مابين 13 و16 جوان الجاري في إطار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011، وقد تميز حفل الافتتاح بمعرض ثنائي احتضنه قصر الثقافة بإمامة، من توقيع الفنانة التشكيلة جهيدة هوادف والاسبانية مارغاريدا رييرا، كان بمثابة ثمرة صداقة عمرها أربع سنوات جمعت الرسامين وتوجت بهذا المعرض المتميز، حيث تفننت كل واحدة منهما في رسم الأخرى من خلال نظرات متقاطعة، أبرزت التاريخ المشترك الذي يربط البلدين منذ أمد بعيد... وفي هذا السياق أبدعت الريشة الجزائرية في رسم المعالم التاريخية الإسبانية من خلال ست لوحات ضخمة في شكل جداريات خطفت ألوانها الزاهية والجذابة أنظار الجمهور الذي حضر بكثافة، تجسدت فيها رموز المملكة الإسبانية بأناقة، على غرار قصر الحمراء وسرفانتيس ورقصة الفلامنكو وعادة رمي الطماطم وفريق البارصا لكرة القدم، الذي عنونتها الرسامة بالانتصار وكان بمثابة هدية أبت جهيدة هوادف إلا أن تقدمها لصديقتها التي تعتبر مناصرة وفية لهذا الفريق الكبير. أما مارغاريدا رييرا التي أحبت الجزائر وعاشت فيها أربع سنوات كاملة، أقامت على مدارها عدة معارض فنية بعدما صالت وجالت في ربوعها، فقد عرضت عدة لوحات تميزت بألوانها الدافئة وتقنياتها المختلفة تارة والمختلطة تارة أخرى، لاسيما تقنية الرسم على القماش، حيث تفننت بدورها في تجسيد معالم موروثنا الثقافي الضاربة جذوره في أعماق التاريخ، من خلال العادات والتقاليد التي تشتهر بها بلادنا، على غرار بساطة وقوة الامزاد وجمال المرأة التارڤية وشموخ الرجل الازرق وسحر الحرف التقليدية وروعة القصبة وأزقتها الضيقة. لقد حاولت كل واحدة الغوص في تفاصيل وتاريخ وثقافة بلد الأخرى من أجل ترسيخ وتكريس صداقة متينة لم تقتصر على الرسامين بل تعدتهما بكثير لتشمل بلدين شقيقين وكبيرين يربطهما تاريخ مشترك وهو ما أكد عليه القنصل العام الاسباني خلال حفل الافتتاح، في كلمة ألقاها بالمناسبة، أشاد فيها بحفاوة الاستقبال التي حظي بها الوفد الاسباني بتلمسان، مضيفا بأن المملكة الاسبانية حرصت كل الحرص على تسجيل حضورها في هذا الحدث الثقافي الكبير الذي تحتضنه عاصمة الزيانيين على مدار السنة الجارية، من أجل استعراض موروثها الثقافي، الذي يحمل بصمات قوية وراسخة من الحضارة العربية الاسلامية، وأيضا لتوطيد وترسيخ العلاقات الثنائية التي تربط البلدين في شتى المجالات لاسيما الثقافة والاقتصاد عن طريق تنمية الشراكة وتعزيزها. من جهة أخرى، تضمن اليوم الأول من الأسبوع الثقافي الاسباني بتلمسان عرض الجزء الأول من فيلم وثائقي يحمل عنوان »تاريخ الأندلس« الذي غاص بالجمهور في غياهب التاريخ من خلال أربع حقب متسلسلة من إنجاز مؤسسة »الليڤادواندالوسي« الكائنة بغرناطة، حيث استعرضت في هذا العمل الوثائقي انتشار الرسالة المحمدية ونشأة الحضارة الأندلسية ومقوماتها ويومياتها وانتشار الاسلام بهذه الدولة المتوسطية وبشمال افريقيا، في حين سيتم اليوم عرض الجزء الثاني من الفيلم، الذي سيتناول سقوط غرناطة، في حين اختتم اليوم الأول من هذه التظاهرة بحفل فني خاص بالموسيقى الكلاسيكية أحيته العازفة باولا ركينا تولوز على آلة الغيتار كما يتضم برنامج هذه الأيام عدة حفلات خاصة بالفلامنكو وندوات فكرية ومحاضرات حول الحضارة الاندلسية.