اختُتم المؤتمر الدولي حول مستقبل ليبيا الذي عُقد في مدينة باليرمو الإيطالية، بتأكيد الفرقاء الليبيين احترامهم نتائج الانتخابات ومعاقبة من يحاول عرقلة العملية الانتخابية، في وقت أعلنت روما أن نتائج المؤتمر فاقت التوقعات. وقال مبعوث الأممالمتحدة الخاص بليبيا غسان سلامة إن قائد الجيش الوطني خليفة حفتر التزم خطة عمل الأممالمتحدة وعقد مؤتمر وطني مطلع العام 2019. وشددت الأطراف الليبية في البيان الختامي للمؤتمر، على ضرورة تحمل المؤسسات الشرعية مسؤولياتها من أجل إجراء انتخابات نزيهة وعادلة بأسرع وقت ممكن، مع ضمان توافر الشروط الفنية والتشريعية والسياسية والأمنية، والدعم من المجتمع الدولي، مؤكدة ضرورة اعتماد دستور من أجل تحقيق السيادة. ولفت البيان الذي تناقلته مصادر إعلامية إلى أن اتفاق الصخيرات هو المسار الحيوي الوحيد للوصول إلى الحل السياسي، مشيرة إلى دعمها الكامل لخطة الأممالمتحدة وجهود سلامة، ودعم الحوار برعاية مصر لبناء مؤسسات عسكرية وأمنية فاعلة تحت الرقابة المدنية. ووصفت مصادر من الحكومة الإيطالية الاتفاق الذي يتم التوصل إليه أمس في شأن ليبيا بأنه فاق توقعاتها، من دون أن تفصح عن تفاصيل. ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر في الحكومة الإيطالية، في تصريحات عند نهاية اجتماع استضافه رئيس الوزراء جوزيبي كونتي بين حفتر ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج أول من أمس، قولها إن الأمر يتعلق باتفاق قوي وملزم للغاية، وهو يمثل خطوة كبيرة. وكان السراج التقى حفتر أمس في باليرمو، في اجتماع هو الأول بين الزعيمين المتنافسين منذ أيار (مايو). ولم تدعَ تركيا إلى الاجتماع الذي حضره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف، وسلامة، ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، ووزير الخارجية الفرنسي جان- إيف لودريان. ورداً على استبعاد تركيا من الاجتماع، أعلنت انسحابها من المؤتمر، وعلّقت: «للأسف، المجتمع الدولي لم يتمكن من التوحد صباح اليوم (الثلثاء)». وقال نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي الذي كان يمثل بلاده في المؤتمر، إن تركيا انسحبت من المؤتمر «بخيبة أمل كبيرة» احتجاجاً على استبعادها من بعض المحادثات. وأضاف: «أي اجتماع يستثني تركيا سيكون غير مثمر من أجل التوصل إلى حل لهذه المشكلة». وطبقاً لديبلوماسيين ومحللين، فإن روسيا وفرنسا ومصر والإمارات تدعم حفتر، في حين تلقي تركيا وقطر بثقلهما وراء خصومه وخصوصاً الجماعات الإسلامية.وفي اختتام المؤتمر، أكد السراج عقب المؤتمر، الضرورة الماسة لإنهاء المرحلة الانتقالية، وإتمام الاستحقاق الدستوري الذي ستُبنى عليه الانتخابات المزمع عقدها في ربيع 2019. وصرح الناطق باسم السراج بأن الأخير كشف دعمه الكامل للمؤتمر الوطني الجامع تحت إشراف الأممالمتحدة بصفته فرصة للتوافق بين الليبيين، وعاملاً محفزاً لتهيئة الأوضاع لإنجاز الاستحقاق الانتخابي في موعده، مشدداً على ضرورة بناء دولة ديموقراطية دستورية ودعم جهود توحيد المؤسسة العسكرية تحت السلطة المدنية، ما يتطلب جهداً موازياً لدفع العملية السياسية. وأضاف أن السراج دعا إلى التركيز على استكمال الترتيبات الأمنية والإصلاحات الاقتصادية وتقديم الخدمات للمواطنين في كل ربوع البلاد، مطالباً بتوحيد الجهود بين الأطراف كافة لإنقاذ الجنوب ومعالجة أزمته بشكل شامل من جوانبها كافة. واجتمع السراج مع الوفد الأميركي المشارك في المؤتمر، ويضم كلاً من مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى السفير ديفيد ساتيرفيلد، ونائبه ييل لامبرت، والسفير بيتر بودي. وتناول الاجتماع برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أطلقه السراج أخيراً، إضافة إلى مراحل تنفيذ الترتيبات الأمنية التي بدأت في طرابلس ومحيطها، وستشمل لاحقاً المدن الليبية الأخرى، والتعاون الاستراتيجي الثنائي، والنتائج التي تحققت في مواجهة الإرهاب. في غضون ذلك، أكد النائب الأول لمدير جهاز الحكومة الروسية سيرغي بريغودكو أمس، أن «لا بديل للعملية التفاوضية في ليبيا، وينبغي على الأطراف كافة مواصلة الحوار لإيجاد حلول وسط». ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن بريغودكو: «روسيا تتواصل مع كل الأطراف في ليبيا، ولا تدعم أي طرف من دون الآخر، وتسترشد بمصلحة الحفاظ على سلامة أراضي ليبيا». في سياق متصل، أكّد رئيس مجموعة الاتصال الروسية لتسوية الأزمة الليبية ليف دينغوف وجود اتصالات بين روسيا وسيف الإسلام القذافي. ولفت الى أن لدى هذه الشخصية الليبية (سيف الإسلام) اعتبارات ووزناً سياسياً في بلاده، لذلك سيكون ضمن الأطراف المشاركة في العملية السياسية الليبية. وقال لوكالة «سبوتنيك» الروسية على هامش أعمال مؤتمر باليرمو: «سيف الإسلام يتصل بنا بانتظام كمشارك في عملية التسوية الليبية». لكن المسؤول الروسي ذكّر بالعقوبات المفروضة على سيف الإسلام من المحكمة الجنائية الدولية بسبب جرائم ضد الإنسانية، وزاد: «لكن يجب ألا ننسى أن هناك عقوبات ضده، وحتى رفع هذه العقوبات، لا أعتقد أن مشاركته ستكون مشروعة، لأن الانتخابات ستجرى تحت رعاية الأممالمتحدة».