تعتبر حمام ملوان قطب سياحي هام بالنظر لمناظرها الخلابة و طبيعتها الساحرة، إذا تم استثمارها بشكل ذكي و عقلاني من طرف المسؤولين سوف تعود بالخير الكثير على قاطنيها، إلا أن غياب المشاريع التنموية و السياحية جعلها متأخرة بعشرات السنين عن البلديات المجاورة لها، في زيارة قادت "الحياة العربية " لمنطقة حمام ملوان، حيث سجلنا عدة مشاكل تؤرق السكان و تثقل كاهلهم، و رغم ذلك يجدر بنا أن نقول إننا استمتعنا بزيارتنا خاصة عند مرورنا على وادي حمام ملوان و سرنا بين أشجار الصنوبر و البلوط و الورود البرية الصغيرة التي تزين الجبال. طبيعة خلابة.. مناظر ساحرة تستوجب التفاتة استثمارية من المسئولين على الرغم من الإقبال و الشهرة الكبيرة التي اكتسبتها بلدية حمام ملوان، نظرا لموقعها المتواجد على سفوح جبال الشريعة المميزة، و حيازتها مناظر طبيعية خلابة تمثل قبلة لعشاق الطبيعة والباحثين عن الهدوء والسكينة تحت ظلال أشجار الصنوبر بعيدا عن صخب المدينة، والتمتع بالسباحة في مياه النهر المتدفقة من أعالي جبال الشريعة، لاسيما مع قرب فصل العطل، ففيما يفضل البعض الاستجمام على شواطئ البحر، يفضل البعض الآخر الاستمتاع بالجلوس تحت أشجار الصنوبر وسماع صوت خرير مياه الوادي، واستنشاق نسيم الهواء العليل الذي يبعث في النفس الراحة والسكينة، كما أن مياه الوادي التي سدت بحواجز صخرية، لتشكل مسابح صغيرة يقبل الأطفال فيها على السباحة، وكذا للاستمتاع باصطياد الأسماك الصغيرة التي تجري مع النهر، حيث عرفت حمام ملوان توافدا معتبرا من طرف السياح القادمين من مختلف الولايات و على رأسها الجزائر العاصمة، المدية وتيبازة وحتى من خارج الوطن، لاسيما مع تحسن الوضع الأمني و الاستقرار الذي عرفته في السنوات الأخيرة بعدما عانى كل من سكانها وأرضها الطيبة من ويلات الإرهاب، إلا أن غياب المرافق التنموية بشكل أساسي و السياحية، جعلها تتخلف بسنوات طويلة عن باقي المناطق المجاورة لها، حيث لا تزال مظاهر التخلف و الفقر تميز حياة قاطني المنطقة، يقول احد المواطنين من التقينالهم بمدينة حمام ملوان " إن بلديتنا تعاني من التهميش والإقصاء من جميع البرامج التنموية ولم تحظى بأي اهتمام من مسئولي الولاية منذ سنين" و الجدير بالذكر أن هذه المدينة أضحت لا تستوعب العدد المتزايد من قاصديها خاصة في فصل الصيف مما يتطلب التفاتة حقيقة لتطويرها و استثمارها بشكل مدروس لتكون قطبا سياحيا مهما من شأنه أن يضفي بعدا تنمويا على المنطقة. غياب المرافق الأساسية...و قائمة مشاكلهم تبقى طويلة بدت علامات التحسر و الامتعاض بادية على وجوه بعض السكان المحليين ممن تحدثنا إليهم أثناء زيارتنا، لاسيما و أنهم سئموا من الأوضاع المزرية التي يكابدونها منذ قدومهم للسكن في المنطقة في سنوات الخمسينات، في ظل غياب أدنى شروط الحياة الكريمة فضلا على عدم توفير المرافق الضرورية، ما يرفع درجة الشقاء الذي يميز يومياتهم، فبعض القرى والاحواش التابعة لبلدية حمام ملوان تعيش في عزلة كبيرة بسبب افتقارها لشبكتي الكهرباء و الغاز الطبيعي، حيث يضطرون إلى التنقل للبلديات المجاورة لاقتناء قارورات الغاز، إضافة إلى اهتراء طرقات أوعدم تزفيتها بشكل كلي، كما يشكل الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي في فصل الشتاء مشكلا عويصا يواجه السكان كل سنة، حيث يتكبدون خسائر مادية كبيرة جراء هذا العائق، من جهة أخرى أشار محدثونا إلى غياب العديد من المرافق الأساسية، التي يرون من الواجب توفيرها لهم، و على رأسها مركز صحي، حيث أن المستوصف الموفر لا يلبي احتياجات السكان، حيث يغلق أبوابه أمام المرضى بحلول منتصف النهار وما يزيد الأمر سوءا الغياب المتكرر للطبيب المسوؤل بالمستوصف الذي يصل أحيانا إلى أربعة أيام على التوالي، وفي ذات السياق اشتكى محدثونا من عدم وجود عيادة لتوليد، وصيدلية، و كذا محطة للبنزين...وتبقى قائمة النقائص التي يعاني منها السكان طويلة لا يسع المجال لذكرها. يعطش سكانها..و هي تزخر بمورد مائي هام و في سياق آخر يعتبر تذبذب المياه و نقصها من أهم المشاكل التي تؤرق قاطني بلدية حمام ملوان، فحسب ما أكده ذات المواطنين أن حنفياتهم تشتاق للماء المنقطع عنها لفترة تتجاوز 15 يوما، لا تتوقف معاناة هؤلاء عند انقطاع المياه فقط بل تمتد إلى الأنابيب المياه المهترئة و القديمة، حيث تتسبب التشققات و الكسور الموجود بها في تلويث المياه التي تصل إلى حنفياتهم، حيث تكون ملئ بالحصى والأتربة لاسيما عند سقوط الأمطار، أين يضطرون إلى تصفيتها و نقعها في صهاريج كبيرة حتى تنزل الأتربة إلى القاع ، فيما يلجئون إلى شراء المياه المعدنية للشرب و في هذا الإطار قال احد محدثينا "رغم أننا قدمنا عدة شكاوى لمصالح البلدية لإصلاح شبكة المياه و إعادة تجديدها، إلا أن انشغالنا لم يؤخذ بعين الاعتبار"ن و على الرغم من أن البلدية تحوز على مورد مائي هام و هو وادي حمام ملوان إلا أن المصالح المعنية لم تعمل على الاستفادة منه، و السؤال المطروح هنا "لماذا لم تستثمر السلطات المحلية و الولائية هذه النعمة للقضاء على مشكل ارق سكانها لأعوام طويلة ؟ " حافلات جرى علها الزمن... مقابل ازدياد أعداد المسافرين توغلنا في حديثنا مع المواطنين عن جملة المشاكل التي تطبع يومياتهم و عند استفسارنا عن وضع النقل في منطقتهم، تنهد محدثونا قائلين" إن تلك معاناة أخرى خاصة بالنسبة للعمال و الطلبة بسبب قلة وسائل النقل من جهة وان كانت هناك حافلات تعمل بالمنطقة فإنها لا تستطيع نقل الأعداد الهائلة من المواطنين المتوجهين بين بلديتهم و بلدية بوقرة، فضلا على اهترائها بشكل كلي، فلانتظار لأكثر من نصف ساعة و البقاء تحت أشعة الشمس الحارقة في فصل الصيف والأمطار و البرد شتاءا، في مواقف تنعدم فيها التهيئة، إضافة إلى استغراق ساعتين للوصول إلى بوقرة، هو شقاء اعتاد سكان حمام ملوان عليه يوميا. و على الرغم من أن الكثافة السكانية قد ارتفعت في السنوات الأخيرة بالمنطقة حيث وصلت إلى 10 آلاف نسمة، إلا أن قطاع النقل هو الآخر مازال خارج اهتمامات المسئولين. المحاجر...هلع و خوف وأضرار جسيمة و بينما نحن نتكلم مع بعض السكان المحليين و فجأة دوى انفجار عنيف هز أرجاء المدينة و بعث في نفسنا الهلع و الرعب، ولو لا تطمينات السكان لظننا أن الإرهاب قد حط رحاله بحمام ملوان من جديد، وعندما استفسرنا عن مصدر الانفجار قال احدهم "انظري إلى هذه المحجرة المقابلة للبلدية، إن عذابها لا ينتهي فكلما فجر صاحبها القنابل، طبعا دون إعلامنا يدوي المدينة لينشر الرعب و الخوف في نفوسنا خاصة الأطفال، إضافة إلى إحداث تشققات و تصدعات عديدة بمنازلنا، دون أن يتم تعويضنا على الخسائر و الأضرار التي تحدثها تلك الإنفجارات و قد شكونا الأمر لجميع الجهات وجاءت فرقة تفتيش لكنها حاولت التخفيف من وقع المشكلة بإرجاع سبب التشققات التي لحقت بجدران منازلنا إلى الزلزال ماي 2003". دوامة البطالة و الفراغ.. تطبع يومياتهم التقينا بشباب خلال زيارتنا لحمام ملوان بشباب يافعين بعضهم أصحاب شهادات جامعية و البعض الآخر من أصحاب الحرف، يحلمون ببناء مستقبلهم، لكن انعزال البلدية التي يسكنون فيها فضلا على غياب المشاريع التنموية و الترفيهية أو الرياضية أيضا، أغرقهم في دوامة البطالة و الفراغ، يقول منير أحد الشباب الذين صادفناهم :" نحن نمني أنفسنا بقرب الفرج، لكن بالنظر إلى واقعنا المرير نراه بعيدا جدا، خاصة في ظل انعدام فرص العمل هنا، ما أجبرنا على التنقل للولايات المجاورة ولابتعاد عن أهلنا لبناء مستقبلنا" من جهة أخرى اشتكى هؤلاء الشباب من انعدام المرافق الترفيهية و الرياضية مما جعل الفراغ القاتل يطبع معظم أيامهم، و على الرغم من شبح البطالة الزاحف نحوهم إلا أن اغلب أبناء حمام ملوان وجدوا مخرجا مؤقتا يقتاتون منه مع حلول فصلي الربيع و الصيف، حيث تشهد بلديتهم كما سبق و ذكرنا إقبالا من طرف عشاق الطبيعة يتزايد كل سنة، و بهذا اغتنموا الفرصة لكسب بعض المال حيث اقبل بعضهم على بيع بعض المأكولات كالمطلوع، المحاجب، و البيض و حتى الحلويات، فيما استغل بعضهم الآخر حرفتهم في صناعة الأواني الفخارية، التحف الفنية والزرابي ... وغيرها من المهن التقليدية لبيعها للسياح مما أنعش الحركة التجارية بالمنطقة نوعا ما لاسيما المطاعم ومحلات الملابس، التي تعرف اقبلا من طرف زائري مدينة حمام ملوان. انتهت زيارتنا لبلدية حمام ملوان حيث ودعنا سكانها الطيبين على أمل اللقاء بهم في اقرب الآجال، ليس في جولة عمل و إنما في زيارة للاستمتاع بالمناظر الخلابة التي تميز منطقتهم، آملين أن تحضا حمام ملوان ببعض الاهتمام من طرف السلطات المحلية و الولائية خاصة و أنها تتمتع بموارد إستراتيجية للاستثمار.