لا تزال الولاياتالمتحدة متمسكة، على ما يبدو، ببقاء قواتها في العراق لفترة أطول، رغم ارتفاع الأصوات المطالبة برحيلها عقب مقتل القيادي البارز في الحرس الثوري قاسم سليماني، وأبو مهدي المهندس نائب قائد ميليشيات الحشد الشعبي، بعملية أميركية خاطفة في بغداد، قبل 9 أيام. وبعد أن لوحت واشنطن بعقوبات ستفرضها على بغداد، في حال استمر ساستها في طرح مبادرات ترمي إلى إخراج القوات الأميركية من بلادهم، قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، إن الولاياتالمتحدة هددت بحرمان العراق من مليارات الدولارات. وأوضحت الصحيفة نقلا عن مصادر لم تسمها، أن وزارة الخارجية الأميركية هددت بغداد بتجميد حساب مصرفي تابع للعراق في البنك الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي). ويستخدم العراق هذا الحساب لإيداع مليارات الدولارات التي يحصل عليها من عائدات النفط. ويعني هذا القرار، في حال حصوله، أن العراق لن يكون قادرا على سحب أي أموال من هذا الرصيد، مما قد يؤدي إلى انهيار النظام المصري العراقي وشل الاقتصاد المحلي. وقالت “وول ستريت جورنال”، إن مسؤولا أميركيا أبلغ رئيس الحكومة العراقية المستقيل عادل عبد المهدي في مكالمة هاتفية، بالعقوبة الجديدة والأضرار التي ستنجم عنها. وفي حال تنفيذ الخطوة، فإن تجميد الأصول العراقية في الحساب سيكون خطوة غير مسبوقة. ويقدم بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك خدمات مصرفية لنحو 250 مصرفا مركزيا ومؤسسات حكومية حول العالم. وكان البرلمان العراق قد أصدر، مطلع يناير الجاري، قرارا غير ملزم يدعو إلى انسحاب القوات الأجنبية من العراق، ولقي القرار دعما من عبد المهدي. وجاءت خطوة البرلمان بعد قتلت القوات الأميركية بضربة صاروخية سليماني والمهندس قرب مطار بغداد، فيما اعتبرته بغداد انتهاكا لسيادتها. وبعدها، هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض عقوبات شديدة إذا ما مضى العراق قدما في إخراج القوات الأميركية من البلاد. ويتمركز أكثر من 5 آلاف جندي أميركي في عدد من القواعد العسكرية في العراق، وهم جزء من التحالف الدولي لمحاربة “داعش” الذي تأسس عام 2014 لمواجه التنظيم الإرهابي. ويتمتع البنك الاحتياطي الفيدرالي بسلطة حرمان الدول التي تواجه عقوبات من التصرف بحساباتها المصرفية. وبالفعل، جمد البنك حسابا تابعا للحكومة العراقية في 2015 لعدة أسابيع، بعدما حامت شكوك حول احتمال تسرب أموال عراقية إلى بنوك إيرانية وتنظيم “داعش” الإرهابي. ورفض مسؤولون في البنك والخارجية الأميركية والسفارة العراقية التعليق على هذه المعلومات. وليس من الواضح حجم الأموال العراقية لدى البنك الأميركي، لكن بحسب معلومات “وول ستريت جورنال”، فإن لدى البنك 3 مليارات دولار للبنك المركزي العراقي حتى نهاية 2018. قمع أمني بموازاة تصعيد التظاهرات ورفض محاولات إعادة عبد المهدي عادت الصدامات والقمع الأمني في ساحات التظاهر العراقية من جديد بالتزامن مع إعادة الترويج من قبل بعض الكتل لإعادة تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي. ومع تصاعد حدة الغضب الشعبي الذي استعاد زخمه بعد 100 يوم على بدء التظاهرات، رفع المتظاهرون شعارات ترفض التجديد لعبد المهدي. ومع فشل محاولات إجهاض التظاهرات وتمسك المتظاهرين بالمطالب المشروعة، لجأت القوات الأمنية مجدداً إلى العنف، كورقة ضغط على المتظاهرين، ففي تظاهرات ليلية حاشدة شهدتها محافظة كربلاء، والتي توجه فيها المتظاهرون نحو مبنى إدارة الحكومة المحلية وسط شعارات ترفض محاولات إعادة الترويج لعبد المهدي، وسعي بعض الجهات للإبقاء على حكومته، واجه عناصر الأمن المتظاهرين بقنابل الغاز في محاولة لتفريقهم، ما تسبب بتسجيل عدة إصابات وحالات اختناق في صفوفهم. ووفقا لشهود عيان في المحافظة، فإن ساحة التظاهر شهدت منذ ساعات الصباح الأولى، اليوم الأحد، انتشاراً أمنياً مشدداً، وتطويقاً للساحة من قبل أعداد كبيرة لعناصر الأمن الذين أغلقوا عددا من الطرق لعرقلة وصول المتظاهرين إلى الساحة. ودفع العنف الأمني ومحاولات التضييق عليهم، بالمتظاهرين في محافظة ذي قار إلى قطع الجسر الرئيس في بلدة الإصلاح، بعد تظاهرات غاضبة رفضت محاولات إعادة عبد المهدي، وأضرم المحتجون النار في إطارات فوق الجسر، ورددوا شعارات تندد بفشل الحكومة بمهامها، وعدم كشفها الجهات التي تقتل وتخطف المتظاهرين والناشطين. مع فشل محاولات إجهاض التظاهرات وتمسك المتظاهرين بالمطالب المشروعة، لجأت القوات الأمنية مجدداً إلى العنف، كورقة ضغط على المتظاهرين