إقبال واسع على الأسواق الجوارية الخاصة بشهر رمضان بجنوب البلاد    رمضان : الحماية المدنية تدعو المواطنين إلى توخي الحذر للوقاية من الحوادث اليومية    السيد مقرمان يتحادث مع نائب رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر    رخروخ في زيارة عمل إلى موريتانيا ابتداء من يوم الأربعاء    الجزائر تعتزم تحديث استراتيجيتها الوطنية لتطوير الطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة    المجلس الإسلامي الأعلى ينظم ندوة علمية حول منظومة التمويل الإسلامي    باتنة: إبراز إسهامات المجاهد المرحوم الحاج لخضر في الثورة التحريرية المجيدة    الجمعية العامة الانتخابية للفاف: ستة محاور كبرى لتطوير كرة القدم الجزائرية    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الشؤون الخارجية لجمهورية النيجر    مراد يزور مقر المديرية العامة للمرور التابعة لوزارة الداخلية الاسبانية    العياشي:نجاح الدبلوماسية الجزائرية على الصعيدين الافريقي و الدولي يصب في صالح القضية الصحراوية    اجتماع الحكومة : دراسة عروض ومشاريع قوانين تتعلق بعدة قطاعات    حوادث المرور: وفاة 34 شخصا وإصابة 1641 آخرين خلال أسبوع    كأس إفريقيا للأمم-2026 سيدات: المنتخب الوطني ينهي تربصه استعدادا للقاء جنوب السودان    أشغال عمومية: رخروخ يتباحث فرص الاستثمار مع رئيس مجلس الأعمال الجزائري-الأمريكي    مجلس الأمن الدولي يعقد اجتماعه الثلاثاء لبحث الوضع في فلسطين    الأمم المتحدة: غوتيريش يعبر عن قلقه بشأن تصاعد عنف وهجمات الاحتلال الصهيوني بالضفة الغربية    تصريح مثير لزكري    الفضائيات مطالبة باحترام خصوصيات رمضان    الرئيس تبون: الدولة لن تدخرأي جهد    المولودية تبتعد    المعهد الوطني للصحة العمومية ينظم يوما إعلاميا    خنشلة : مصالح أمن الولاية حملة للتبرع بالدم في الشرطة    16 طائرة جديدة لتخفيف الضغط عن الرحلات الداخلية    وفرة و"رحمة" تنبّئان برمضان استثنائي    توسيع استفادة أبناء الجالية من فرص التعليم وفق البرنامج الوطني    بوغالي يعزّي في وفاة ثلاثة عسكريين    مهمة عسيرة ل"الحمراوة"    قسنطينة على صفحة نادي ليفربول    مراجعة قانونَي الولاية والبلدية خطوة استراتيجية هامة    أوامر بإنهاء مشروع حماية المدينة من الفيضانات    "سونلغاز" عنابة تؤمن التزويد بالكهرباء والغاز    صناعة صيدلانية: شركة قطر فارما تبدي اهتمامها بالاستثمار في الجزائر    دولة الاحتلال المغربي فتحت الباب أمام أجندات استعمارية    المبعوثة الأممية تؤكّد أهمية التواصل مع جميع الأطراف    فارسي يعود لأجواء المنافسة ويريح بيتكوفيتش    "مفدي زكريا" يستضيف فن التصميم الإيطالي    هذه توجيهات الرئيس للحكومة..    المجلس الشعبي الوطني: وزير الثقافة والفنون يستعرض واقع وآفاق القطاع أمام لجنة الثقافة والاتصال والسياحة    سايحي يستقبل وفدا عن النقابة الوطنية المستقلة للقابلات الجزائريات للصحة العمومية    نعم انتصرت المقاومة وإسرائيل تتفكك رويدًا رويدًا    العرباوي يشرف بحاسي مسعود على مراسم إحياء ذكرى تأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات    كرة القدم (داخل القاعة): المنتخب الوطني يشرع في تربص اعدادي بفوكة (تيبازة)    ترقية التعاون جنوب-جنوب في مجال الطوارئ الكيميائية    "طيموشة" تعود لتواصل مغامرتها في "26 حلقة"    تتويج زينب عايش بالمرتبة الأولى    الشوق لرمضان    تقديم العرض الشرفي الأول لفيلم "من أجلك.. حسناء" للمخرج خالد كبيش بالجزائر العاصمة    هذا جديد مشروع فيلم الأمير    هناك جرائد ستختفي قريبا ..؟!    سايحي يتوقع تقليص حالات العلاج بالخارج    استعمال الذكاء الاصطناعي في التربية والتعليم    صحة: المجهودات التي تبذلها الدولة تسمح بتقليص الحالات التي يتم نقلها للعلاج بالخارج    اختيار الجزائر كنقطة اتصال في مجال تسجيل المنتجات الصيدلانية على مستوى منطقة شمال إفريقيا    هكذا تدرّب نفسك على الصبر وكظم الغيظ وكف الأذى    الاستغفار أمر إلهي وأصل أسباب المغفرة    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التبعية.. المعادلة الصعبة في المشهد العربي
نشر في الحياة العربية يوم 10 - 02 - 2020

من عجائب ومفارقات المشهد السياسي في المنطقة العربية، هو ذلك القاسم المشترك الذي يجمع بين نظم الحكم ورافضي النظم والمعارضين لها. فالطرفان يشتركان في التوجه نحو قبلة واحدة يتوجهون إليها، هي الخارج (الغرب وأمريكا تحديدا). وهذا يقود إلى معادلة صعبة نتائجها تتعلق مباشرة باستقلال الدول ومصالح شعوبها.
المستبدون في المنطقة يعولون دائما في بقائهم على دعم الخارج عبر تحقيق مصالحه، خاصة بعد أن فقدوا الظهير الشعبي في الداخل. ومن ناحية أخرى، فإن رافضي الاستبداد ومعارضيه يعولون على الخارج أيضا لإزاحة الاستبداد، بعد أن تراجعت القدرة على الحراك ومواجهة الاستبداد في الداخل.
وما بين المستبدين والرافضين للاستبداد يقف الخارج (القوى الكبرى والغرب وأمريكا) ولا يعنيه إلا تحقيق مصالحه فقط؛ فيزداد المستبدون تبعية وانبطاحا وتفريطا للحفاظ على بقائهم، ويتحول الرافضون للاستبداد أداة ضغط في يد الخارج؛ يساوم بها المستبدين لتحقيق المزيد من مصالحه على حساب الشعوب والأوطان، ومن ثم يصبح الوضع المثالي للقوى الكبرى (الغرب وأمريكا تحديدا) الحفاظ على تلك الوضعية، وأن تظل قبلة للطرفين (طرف مستبد يحقق مصالح الخارج وطرف رافض أو معارض لن يكون أبدا سوى أداة في يد الخارج يخوف بها المستبدين)، وإن احتدم الأمر فإن الخارج (أمريكا تحديدا) لن يترك دعم المستبد إلا ليدعم مستبدا جديدا يحقق مصالحه.
..فهم الحالة في المنطقة إزاء التوجه للخارج
إن حالة التوجه نحو الخارج والاعتماد عليه قبلة لطرفي الصراع السياسي في المشهد العربي، ولتي تمثل قاسما مشتركا بين المستبدين والرافضين للاستبداد في المنطقة؛ هي في حقيقة الأمر نتاج الاستعمار الجديد، الذي خلق حالة من التبعية والهيمنة المعنوية (الاستعمار المعنوي) اللتين تعاني منهما المنطقة العربية، ولا سيما النخبة السياسية، سواء كانوا حكاما أو معارضين. فالجميع لديه القناعة بضرورة التعاون مع الخارج، لا سيما أمريكا التي يرون أنها تملك مفاتيح الحلول في المنطقة.
تتعامل القوى الكبرى مع المنطقة من منطلق قائم على مخطط استعماري، اعتمد على سحق الإرادة الذاتية لدول المنطقة عموما، ومنعها من التماسك سواء على المستوى الداخلي للدول، أو على مستوى دول المنطقة فيما بينها.
فعلى مستوى الداخل، يسعى المخطط الاستعماري إلى خلق الفرقة بين القيادات والشعوب، وخلق العزلة وفرضها على العلاقات بين دول المنطقة وبعضها مع بعض. ولعل واقع المنطقة العربية الآن يعكس هذه الحالة بوضوح، خاصة في ظل الصعود للكيان الصهيوني (إسرائيل). وهذه الهرولة العربية نحو ما يسمى التطبيع مع إسرائيل والنموذج المصري والخليجي يعكسان ذلك بوضوح أكبر.
..إذا ما هو الحل؟
– إن الحل يكمن في العمل على الانفكاك من التبعية، وبالاعتماد على الذات في الداخل وإيقاظ الوعي والركون بعد الله على إرادة الشعوب. ولا بد أن يكون معلوما أنه لا يمكن أن تتحقق إزاحة للاستبداد والطغيان وتغيير للأفضل دون الانفكاك من أوحال التبعية للخارج، ولن يكون ذلك دون ثمن.
– لا بد أن تدرك أطراف المشهد السياسي العربي، ومن ورائها شعوب المنطقة، أن أمريكا تحديدا ومعها قوى أخرى تريد المنطقة كتلة واحدة في مواجهة الهوية الإسلامية لشعوب المنطقة، وتريد حماية ثروات المنطقة لمصلحتها.
– على نظم الحكم أن تدرك قبل فوات الأوان أن قوتها لن تتأتى من الخارج، أو من قدرتها على الاستحواذ على السلطة وعزل الشعب والقوى السياسية الأخرى عن الحكم وصنع القرار؛ ولكن قوتها تكمن في مشاركة الشعوب وبناء وتفعيل دور المؤسسات في الحكم وصناعة القرار، لأن الاستمرار دون تحقيق ذلك يعني الاستمرار على النظام السياسي نفسه الذي يحكم المنطقة منذ زمن ولم يحقق نجاحا لدول المنطقة، وهو نظام لم تصنعه الشعوب العربية، ولم يؤسس على فكرة جامعة يلتفون حولها، ولكنه نظام يحكم المنطقة منذ خروج الاحتلال المباشر ويمثل امتدادا له.
– وفي ظل عالم تغير كثيرا، فإن على نظم الحكم المعولة على الخارج أن تدرك مقدار ضعفها، وأنها باتت فاقدة لعوامل استمراريتها بعد فشلها في تحقيق مطالب وطموحات الشعوب. ورغم قدرة هذه النظم على القمع، فإنها باتت عاجزة عن تحقيق نجاحات في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، ومن ثم فإن الإصلاح السياسي والاعتماد على الداخل والعمل وفقا لمصالح ومتطلبات الشعوب، هو السبيل لتحقيق الاستقرار والحفاظ على النظم وحماية الدول من السقوط.
من ناحية أخرى، فإن على رافضي الاستبداد ومعارضي النظم أن يدركوا الآتي:
– أن النظم العربية كلما زاد الخلاف معها وبينها، دفعها ذلك لاسترضاء الخارج على حساب مصالح الشعوب وثرواتها، وهذا يضعف المجتمعات العربية ويطيح بقضاياها المركزية.
– أن دول المنطقة باتت تتنافس فيما بينها على إرضاء الدول الكبرى خاصة أمريكا، وهذا يحكم الصراع بين هذه الدول بعضها مع بعض، ومن ثم فإن قوى المعارضة لا بد أن تضع في حسبانها أن الموضوع الحاكم لسلوك دول المنطقة في سياساتها الخارجية، هو بقاء النظام الحاكم وخوفه من الجميع، وهذا ما تستغله القوى الكبرى.
– أن الخارج والقوى الكبرى لا يمكن أن يقدموا دعما دون ثمن، وسواء دعموا النظم الحاكمة أو ظُن أنهم داعمون لرافضي هذه النظم أو معارضيها، فإن كلا من المدعومين لا بد أن يدفع الثمن، ودائما ما يكون الثمن على حساب مصالح الشعوب الأوطان.
وما بين مآلات أثمان ركون النظم إلى الخارج والثمن الذي يستوجبه التغيير بالاعتماد على الداخل، هناك نتيجة لمعادلة صعبة تتمثل في الاستقلال وإنهاء التبعية والحفاظ على ثوابت ومصالح الشعوب والأوطان، التي هي المحك والمحدد للمسار، ولن تتحقق جزما إلا عبر الركون إلى الداخل بأدواته المتاحة وتدرجاته في التعامل مع المشهد القائم.
موقع عربي 21


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.