يتشكل الوجدان الجمعي للشعوب والأمم من منظومة متكاملة من الأساطير المؤسسة، والأسطورة بسماتها المتألقة والمتوهجة وإشعاعها النفسي توجد قناعات كنتاج لروايات راسخة لا تستند إلى مفاهيم الضبط والمنهج العلمي، ولكنها تتسم بالقبول الزمني واللحظي والتأثير المباشر والفعال على المكونات الوطنية الدافعة لصناعة اللحظات التاريخية المؤسسة بدورها لمسيرة الشعوب والأمم وتقدير مصائرها. ويأتي القائد الأسير مروان البرغوثي ليشكل بدوره أسطورة حية من أساطير الشعب الفلسطيني، أسطورة تمكنت من إجتياز الفاصل ما بينها وبين الحقيقة، أسطورة جعلت من الحقيقة وجهها الآخر، أسطورة بددت الحاجز ما بين مفردات اللغة، وجعلت من المعاني رغم تناقضها تلتقي حول شخص القائد مروان تتآلف لتشكل إطاراً وطنياً يتسم بالعقلانية المفرطة في تكامل مع الأسطورة في إفراط توهجها وبريقها. لقد أصبح القائد مروان البرغوثي من الرموز الوطنية الشامخة التي تختزل الرواية الفلسطينية، وتجسد صمود وشموخ وبطولة الشعب الفلسطيني، فهو في أسره يزداد تعملقاً وحرية، هو في أسره عنواناً آخر للإنسان الفلسطيني الذي يواجه محاولات الإبادة بأشكالها كافة ويفشلها، هذه الإبادة التي يتخذ منها المشروع الصهيوني أداته الأولى لإنهاء الوجود الفلسطيني فوق الأراضي الفلسطينية، فالإحتلال الصهيوني ومنذ نشأته يمارس الإبادة الثقافية بهدف إلغاء الهوية الفلسطينية، ويمارس الإبادة التاريخانية بهدف تزوير التاريخ، ويمارس الإبادة الجسدية الجماعية والفردية بهدف التخلص من الإنسان الفلسطيني الذي يحمل بأصالة روايته التاريخية الحقيقية في مواجهة الرواية الصهيونية المزورة المختلقة من خرافات تلمودية وأوهام عقول متطرفة. إن صناعة التاريخ وخلق تمفصلاته الحاسمة هي مهمة العظماء، والقائد مروان البرغوثي بعظمته ونضاله المتواصل منذ أن تفتحت عيناه على مشهد الإحتلال الصهيوني لفلسطين، إستطاع أن يساهم في صناعة لحظة تاريخية مفصلية من مسيرة الشعب الفلسطيني، لحظة تجسد فيها النضال الفلسطيني في أبهى صوره وأكثرها عطاءاً وبطولة، مروان البرغوثي يجسد أن الرجال هم من يصنعون الواقع وليس من يصنعهم الواقع، فالأقدار تنتخب من يقدر على صناعة الواقع، وليس من قبيل الصدفة أن يكون القائد مروان أحد النخبة التي تختارها الأقدار، فمن يحمل الوطن في وجدانه وصدره حلماً يحمل صفة الحتمية لكي يصبح حقيقة، يمتلك الجدارة لأن يكون من النخبة التي تختصها الأقدار ليساهم في صناعة التاريخ. مروان البرغوثي ببطولته الفذة وبسالته المذهلة وصموده الأسطوري في وجه السجان وتمرده على القيد وجدران السجون جعل منه قائد فلسطيني يحمل مفردات الرواية الفلسطينية وتأريخها الجديد الذي يتكامل ويتماهى مع تاريخها المتواصل من أزمان غابرة موغلة في التاريخ الإنساني نفسه، مروان البرغوثي أسطورة تتخذ الحقيقة منها وجهها الآخر، لتصبح حرية القائد مروان بمثابة المزيد من التحرير للرواية والأسطورة والحقيقة الفلسطينية العصية على الإنكسار أو حتى مجرد التراجع اللحظي أو المؤقت في مواجهة الرواية الصهيونية المزورة والمزيفة والمختلقة والمؤطرة للممارسات الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني، والهادفة لإبادة الشعب الفلسطيني بوجوده وتاريخه وهويته وتراثه الإنساني والوطني. الحرية اليوم وليس غداً للقائد البطل / مروان البرغوثي ولأسرانا كافة في معتقلات الإحتلال الصهيوني.