تعاني وكالات الأسفار الجزائرية، على غرار باقي الفاعلين في الصناعة السياحية بالبلاد، من وطأة وباء فيروس كورونا المستجد المنتشر في مختلف أنحاء العالم، حيث اضطرت العديد من الوكالات لغلق أبوابها منذ أكثر من شهر ونصف، فيما تكافح وكالات الأسفار الأخرى من أجل العثور على طريقة مناسبة لتضميد الجراح، وإعادة الحياة للقطاع المنكوب. ويعد إلغاء الحجوزات وتزايد طلبات استرجاع المستحقات عوامل من بين أخرى، تقود ليس فقط وكالات الأسفار الجزائرية، بل أيضا الوحدات الفندقية وشركات الطيران، من الفاعلين في القطاع السياحي نحوطريق لا يمكن التكهن بنهايته، خاصة في ظل مناخ يتسم بهبوط الإيرادات مع دخول شهر رمضان، حيث ينخفض الإقبال وتتراجع فيه الأسعار. أمام هذا الوضع، بادرت العديد من الوكالات السياحية، إلى غلق مقرّاتها والدخول في عطلة إجبارية حتى عودة المياه إلى مجاريها، فبعض الوكالات كانت تعتقد أنّ الأمر لن يطول. لكن مع تسارع ظهور حالات جديدة في مدن مختلفة من الجزائر، تم إلغاء معظم الرحلات والوفود السياحية التي كانت مبرمجة نحوالصحراء الجزائرية التي من المفترض أن تكون الملاذ الوحيد للسيّاح والوكالات بعد غلق الأجواء والرحلات الخارجية. محمد كواجي، مسيّر وكالة أسفار في الجزائر العاصمة، انتهى منتصف مارس المنصف من وضع اللمسات الأخيرة، على برنامج الرحلات من أفريل إلى نهاية أوت، بما في ذلك عمرة شهر رمضان، إلا أن كورونا أسقطت برنامجه، وبات قاب قوسين أوأدنى من “السنة البيضاء”، حسب تعبيره. يقول كواجي إن “وكالته لم تبع تذكرة طيران واحدة منذ 10 مارس الماضي، ولم تحجز في الفنادق منذ مطلع نفس الشهر”. وأضاف مسيّر وكالة أسفار في الجزائر ل”العربي الجديد” أن “وكالته كباقي الوكالات تعتمد على موسم الصيف وعمرة رمضان بالإضافة للحج لضمان موسم ناجح نسبيا، ويبدوأننا نسير نحوسنة كارثية، هناك من استبق الأحداث وطرح رخصته للبيع تمهيدا لتغيير النشاط”. وتعتبر العمرة (المولد النبوي وفي رمضان) لغالبية وكالات الأسفار الجزائرية مصدر الرزق الأول، بل أنّ هناك وكالات تختص بالعمرة فقط، لتجد نفسها على حافة الإفلاس وتدخل في مشاكل إدارية لا تنتهي خاصة مع الزبائن الذين سارعوا لطلب التعويض. إلى ذلك، كشف رئيس النقابة الوطنية لوكالات السياحة، إلياس سنوسي أنّ “مبيعات الوكالة تهاوت في الأشهر الثلاثة الأخيرة بحدود 60 إلى 80 في المائة، على صعيد القطاع السياحي ومبيعات تذاكر الطيران”. وقال سنوسي إنه “في ظل الظروف الحالية لا يمكن التكهن بشأن الطلب على الإجازات الصيفية لقضاء عطلات سياحية أوقصد الوجهات بغرض الزيارة، المؤشرات المبدئية قد تظهر في منتصف ماي المقبل على أقل تقدير”. وأضاف رئيس النقابة الوطنية الجزائرية لوكالات السياحة أن “هناك حذراً وحالة ترقب عامة للتطورات التي قد تحدث في الفترة المقبلة، وأن هناك عدداً كبيراً من الأشخاص الراغبين في السفر، إلا أن كل ذلك يعتمد على قرارات التعليق في دولة السفر أوالوجهة المقصودة، بما في ذلك الإجراءات التي ستكون متبعة في المطارات للتعامل مع المسافرين المغادرين والقادمين”. وتابع سنوسي: “رفعنا مقترح فتح صندوق تضامن لوكالات السفر للتعويض عن الأضرار التي لحقتها في هذه المرحلة، وذلك بعدما تناست الحكومة قطاعنا في برنامج التعويضات المطروحة، ومن المنتظر أن نلتقي ممثلي الحكومة الأسبوع القادم، لوضع آليات التعويض، لإنقاذ أكثر من 1200 وكالة سياحة وأسفار”.