* الدستور الجديد سيكون حجر الأساس للانطلاق في التغيير * الجزائريون مهتمون بالاعتراف بالدولة الفرنسية عن جرائمها أكثر من التعويض المادي * إقدام المغرب على بناء قواعد عسكرية على الحدود "تصعيد" أعلن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أن ترشحه لفترة رئاسية ثانية يجب أن يتم وفق شروط، مؤكدا أنه لا ينوي البقاء في السلطة إلى أجل غير مسمى. وقال تبون في تصريحات لصحيفة "لوبينيون" الفرنسية الاثنين "لا أنوي الخلود في الحكم والبقاء في السلطة إلى مالا نهاية، وسأعمل خلال فترة رئاستي على معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد". وأضاف تبون "العهدة التي انتخبت فيها حاليا هي عهدة انتقالية غير معلنة، والترشح لعهدة رئاسية جديدة يجب أن يتم وفق شروط".وانتخب تبون رئيسا للجزائر في شهر ديسمبر الماضي، لفترة مدتها خمس سنوات. وتابع قائلا "ترشحت باسم المجتمع المدني، واليوم أنا رئيس الجمهورية وأعمل على إعادة بناء مؤسسات الدولة، وعليه لست بحاجة إلى حزب سياسي". ودافع تبون عن مسودة التعديلات الدستورية الخاضعة حاليا للنقاش المجتمعي، قائلا "إن الدستور الجديد سينهي عهد التجاوزات التي حدثت في الماضي". وقال تبون إن "هذا الدستور سيكون حجر الأساس للحد من الصلاحيات المطلقة لرئيس الجمهورية وتنظيم هذه الصلاحيات". وأضاف تبون أن "المسيرات التي انطلقت في 22 فبراير 2019 والتي نزل فيها 13 مليون جزائري إلى الشارع طالبت بالتغيير والدستور الجديد هو سيكون حجر الأساس للانطلاق في هذا التغيير". وقال تبون إن "هذا الدستور سيقوي الحريات العامة، وحجر الأساس الثاني سيكون بتعديل قانون الانتخابات، خاصة وأن الجزائر يين اليوم لم يعودوا يصدقوا بشيء اسمه انتخابات، بحكم الممارسات التي حدثت في سابقا على غرار استعمال المال الفاسد في الاستحقاقات الانتخابية". وأضاف الرئيس تبون أنه يطمح من خلال قانون الانتخابات إلى ضخ دماء جديدة على مستوى السلطات المحلية، خاصة وان الشباب اليوم يمثل 75 % من المجتمع الجزائر ي وهم يمثلون أقل من الثلث في المناصب الانتخابية. وعن التعديل الدستوري الخاص بإرسال الجيش خارج الحدود، قال تبون إن " الجزائر بلد مسالم ولا يتدخل في النزاعات الخارجية ولا في الشؤون الداخلية للدول، وهذه المادة ستتبعها شروط لتطبيقها، فالجيش لن يشارك في عمليات في الخارج إلا لإحلال السلم وفي إطار منظم تشرف عليه الأممالمتحدة والاتحاد الافريقية أو الرابطة العربية، كما أن هذا الاجراء لن يتم إلا بموافقة البرلمان الجزائر ي وممثلي الشعب". ..فرنسا قتلت 5.6 ملايين جزائري خلال فترة الاستعمار كشف الرئيس عبد المجيد تبون عن رقم جديد يخص ضحايا الاستعمار الفرنسي للبلاد يصل إلى 5.6 ملايين شهيد، مؤكداً تمسك بلاده بحل ملف الذاكرة، قبل أي تطبيع كامل للعلاقات مع باريس. وكشف تبون عن تعيين مؤرخَين، واحد يمثله، والثاني يمثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، سيتكفلان بوضع تصور لكيفية تجاوز ملف الذاكرة، وقال "تم تعيين المؤرخ بنيامين ستورا للقيام بهذا العمل التذكاري من الجانب الفرنسي، وهو مخلص ويعرف الجزائر وتاريخها من فترة الاحتلال حتى يومنا هذا، وسنعين نظيره الجزائري خلال 72 ساعة". وتابع قائلا "ستعمل هاتان الشخصيتان مباشرة تحت إشرافنا، ونريدهما أن يقوما بعملهما في الحقيقة والصفاء والهدوء لحل هذه المشاكل التي تغذي علاقاتنا السياسية ومناخ الأعمال والعلاقات الجيدة"، مضيفا أن "الجزائر لاعب أساسي لفرنسا، وفرنسا لاعب ضروري للجزائر". وكانت الجزائر قد استرجعت قبل أسبوعين 24 من جماجم المقاومين وقادة المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر حتى القرن العشرين، كانت محتجزة في متحف بباريس، وتمت إعادة دفنها في الجزائر في مراسم شعبية وعسكرية مهيبة. وتطرق تبون لجرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، واعتبر أنه لا يمكن تصور علاقات مستقرة من دون معالجة هذه الملفات. وقال في هذا الصدد "يجب أن نواجه هذه الأحداث المؤلمة لنبدأ مرة أخرى في العلاقات المربحة بين البلدين، وخاصة على المستوى الاقتصادي، لا يمكن تعتيم الذاكرة ولا يمكننا أن نفعل ذلك". ومضى قائلا "بمجرد التغلب على مشاكل الذاكرة هذه، يمكننا المضي قدمًا بهدوء كبير، هناك تعاون علمي واقتصادي بين البلدين، لقد خسرت فرنسا لتوها مكانها الأول كمورد للجزائر… لدينا أيضًا مجتمع قوي جدًا في فرنسا نريد أيضًا خدمته والحفاظ عليه". ولمح الرئيس تبون إلى أن الجزائر، وبخلاف حالة ليبيا مع إيطاليا كمستعمر سابق، تطالب أولا باعتراف رسمي بالجرائم "لا يمكن الحكم على التاريخ الجزائري من خلال المحاكاة مقارنة بما تم القيام به في مكان آخر، خاصة عندما طلبت ليبيا من إيطاليا اعتذارًا ثم سددت دينًا استعماريًا، الجزائريون مهتمون بالاعتراف بالدولة الفرنسية بسبب أفعالها أكثر من الاهتمام بالتعويض المادي، التعويض الوحيد الممكن هو للتجارب النووية، حيث لا تزال العواقب حادة والآثار تضر بالسكان، ولا سيما أولئك الذين يعانون من تشوهات، وبعض المواقع لم تتم معالجتها بعد". وأكد تبون أن طي ملف الذاكرة في ظل وجود ماكرون أمر ممكن لكون الأخير "ينتمي إلى جيل جديد، في وقت الاستقلال لم يكن قد ولد ولم يكن على اتصال مع جماعات الضغط المعادية للجزائر، لقد أدرك أن الاستعمار يكاد يكون دراميًا مثل الهولوكوست من 1832 إلى 1962، أحصينا أكثر من 5.6 ملايين شهيد (مليون ونصف فقط خلال ثورة التحري بين 1954 الى 1962)". وأضاف "الرئيس (فرنسوا) ميتران (كان وزيرا للداخلية عند انطلاق ثورة التحرير) هو من أمر بتقسيم الجزائر حينها، وجاك شيراك أدى خدمته العسكرية في بلادنا خلال الحرب، إضافة إلى أن الرئيس فرانسوا هولاند خاض تدريبه الداخلي في السفارة الفرنسية في العاصمة الجزائرية". ولفت كذلك إلى أن "هناك أيضًا ما يقرب من 20 مليون فرنسي لديهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة ببلدنا من خلال خدمتهم العسكرية (في الجزائر وقت الاستعمار) أو تاريخ أسلافهم". وحث تبون نظيره الفرنسي على التصدي ل"جماعات الضغط الخطيرة للغاية التي تحاول تقويض عمله، وخاصة الأشخاص الذين ينتقمون والمعروفين بمعاداتهم للجزائر، والذين ما زالوا يعتقدون أن الجزائر بيعت ولم تستقل". وفي سياق آخر، وصف الرئيس تبون إقدام المغرب على بناء قواعد عسكرية على الحدود مع الجزائر بأنه "تصعيد"، مشددا على ضرورة أن يتوقف المغرب عن ذلك. ويأتي ذلك في سياق قلق جزائري واضح ومستمر عبّر عنه تبون في حوار سابق وعدد من المسؤولين الجزائريين، ما دفع الجزائر إلى اتخاذ قرار بالمثل، يقضي ببناء قاعدة عسكرية مقابلة للقاعدة المغربية بمنطقة جرادة الحدودية.