ذكرت صحيفة تركية، أن أنقرةوالجزائر الدولة التي تبرز أنشطتها في منطقة أفريقيا، تسعيان لتعميق العلاقات بينهما في المنطقة. وقالت صحيفة "صباح" في تقرير ترجمته "عربي21″، إن الجزائر التي تعتبر من أبرز دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تعد سياستها مقربة للسياسة الخارجية التركية، تواصل تصميمها حيال تطوير علاقتها مع تركيا. وأضافت أن البلدين، اللذين يربطهما تاريخ مشترك وترابط اجتماعي وثقافي، يسعيان لتعميق التعاون بينهما في المجالات الاقتصادية والأمنية. تهدف الخطوات المتخذة لتطوير الشراكة التركية الجزائرية والإرادة المتبادلة إلى اتخاذ خطوات حيال تشكيل تحالف قوي في المنطقة من خلال تنسيق أنشطة البلدين في شرق البحر الأبيض المتوسط وليبيا والمشرق الجيوسياسي. وذكرت الصحيفة، أن مسألة تطوير العلاقات الثنائية، ترتبط ارتباطا وثيقا بأهداف السياسة الخارجية العامة للحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية في تركيا، فمنذ وصول الحزب إلى الحكم عام 2002، حدث تحول كبير في توجه السياسة الخارجية التركية. وأوضحت أنه في الماضي، ركزت أنقرة أكثر على العلاقات مع الغرب، في حين حولت مؤخرا أولويتها إلى بيئتها المجاورة، وخاصة إلى الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن هذا التحول يعد نقلة نوعية في السياسة الخارجية لتركيا. وأشارت إلى أن الجزائر والمغرب وتونس، الواقعة في "منطقة المغرب العربي"، أولت أهمية خاصة لإقامة علاقات وثيقة مع أنقرة كجزء من التغيير الأخير في تركيا. وأضافت، أنه في هذا السياق يبدو أن تركيا تسعى أيضا لزيادة التعاون مع الجزائر في المنطقة، وقد أصبحت خطواتها في هذا الاتجاه أكثر وضوحا في السنوات الأخيرة. وذكرت أن الجزائر التي تعد من أكثر الدول تعدادا للسكان في المنطقة، ولديها إمكانات اقتصادية مهمة، ونظرة سياسية إيجابية تاريخيا، جعلت أنقرة أكثر حرصا من أجل هذا التعاون. ولفتت إلى أن عملية التقارب استمرت بعد عملية التحول في المناخ السياسي في الجزائر عام 2019، كما أن الجزائر ترى أن تركيا باتت قوة فاعلة بشكل متزايد في السياسة الإقليمية والعالمية، ما خلق نقطة اهتمام في توطيد العلاقات الثنائية. ..ماذا تريد الجزائر من تركيا؟ وأضافت، أن بعض القطاعات في الجزائر ترى أن القوة السياسية والاقتصادية لتركيا إقليميا، وتعميق التعاون بين البلدين سيكون مفيدا. وأشارت الصحيفة إلى أن انعدام الثقة في بعض الجهات السياسية الفاعلة في الجزائر، وفقدان فرنسا نفوذها بالإطار الإقليمي، ساهم في تسريع ظهور تركيا كمركز قوة بديل من وجهة نظر الجزائريين. وتابعت، بأن هناك العديد من الأهداف المشتركة التي قد تمكّن البلدين لبناء علاقات قوية، وتاريخيا، كانت الجزائر تعاني بشكل كبير من السياسات الاستعمارية للدول الغربية وخاصة فرنسا، ما تسبب بعدم تمكنها من تحقيق ذاتها تنمويا وديمقراطيا واقتصاديا. وأوضحت أن السياسات الاستعمارية الفرنسية تقف خلف عدم قدرة الجزائر التي تمتلك كمية كبيرة من الموارد الطبيعية وجغرافيا خصبة، لامتلاك بنية اقتصادية مستقرة . وأضافت أن الجزائر التي لم تتمكن من تحقيق الزخم التنموي الذي تستحقه لسنوات طويلة، تهدف لتحقيق تقدم جديد مبني على التركيز على الإصلاحات الديمقراطية والتنمية الاقتصادية، وتماشيا مع هذا الهدف تعتبر السلطات الجزائريةتركيا جهة فاعلة استراتيجية يمكن استغلال خبرتها في المنطقة. وأكدت الصحيفة، أن السلطات الجزائرية ترى أن التحالف القوي مع تركيا سيسهم في تعزيز المؤسسات الديمقراطية في البلاد، وإبراز الإمكانات الاقتصادية. ولفتت إلى أنه وبالانتقال لوجهة النظر التركية، فإن هناك بعض الدوافع وراء تطوير علاقات جيدة مع تركيا، منها العلاقات التاريخية القوية بين البلدين، مستدركة بأنه على الرغم من ذلك فإنه ليس السبب الوحيد لذلك. وأضافت أن تركيا ترى أن الجزائر شريك استراتيجي، ومن المتوقع أن يكون لها دور مهم في السياسة الإقليمية. وأشارت إلى أن أنقرة ترى أن دعم الإصلاحات الديمقراطية والتنمية في الجزائر لن يفيد هذا البلد فحسب، بل أيضا المنطقة بأكملها، وقد يحقق مكسبها لكل من تركيا ومنطقة المغرب العربي. وأوضحت، أنه بهذه الطريقة، فإن الجزائر المصممة على إكمال إصلاحاتها الديمقراطية، ستكون ذات قيمة لمنطقة المغرب العربي. وإلى جانب ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن تركيا تهدف لإقامة شراكة اقتصادية قوية مع الجزائر تخدم مصالح البلدين. ..تحديات في تعميق العلاقات.. ولكن واستدركت الصحيفة، بأن البلدين يواجهان مشاكل في تعميق نطاق التعاون الثنائي بينهما، موضحة، أن هناك جهات فاعلة دوليا تعتبر الشراكة بين تركياوالجزائر تهديدا لأجندتها الإقليمية. وأضافت أن فرنسا تعرب عن عدم رضاها عن الشراكة الاستراتيجية بين تركياوالجزائر، وتسعى للعودة إلى عهدها الاستعماري السابق لاستغلال الثروة الاقتصادية للجزائر. وأكدت أن الجزائر القوية والمكتفية ذاتيا على المدى الطويل، تعد تهديدا للسياسة الإقليمية من وجهة نظر فرنسا. أما التحدي الآخر أمام العلاقات التركية الجزائرية بحسب الصحيفة، فهو عدم الاستقرار الإقليمي في المنطقة، ما يؤثر على مستقبل العلاقة. وأوضحت أن قضايا مثل ليبيا وشرق البحر الأبيض المتوسط والصراع الإسرائيلي الفلسطيني تهديدات خطيرة لاستقرار المنطقة. وأضافت أنه على الرغم من أن تركياوالجزائر تتشاركان موقفا مشتركا في مواجهة هذه الأزمات، إلا أن الغموض الذي يكتنف هذه الأزمة، يخلق فجوة أمام تعميق العلاقات بين البلدين. وأكدت الصحيفة أن البلدين لا يزالان يعملان في العديد من المجالات لإنتاج سياسة خارجية مشتركة للعلاقات الثنائية بينهما، فضلا عن المشاكل الإقليمية، لافتة إلى أن الشركات التركية تشارك في العديد من المشاريع في الجزائر وتواصل عملها في مجالات مختلفة من استثمارات البنية التحتية إلى المرافق الاجتماعية. وختمت الصحيفة، بأنه يمكن القول إن التعاون بين البلدين سيستمر في المرحلة الحالية بهدف إيجاد حلول مشتركة للمشاكل المشتركة.