استئناف العدوان الصهيوني على غزة : فلسطين تطلب عقد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية    قرارات إبعاد رعايا جزائريين من التراب الفرنسي: 5 معطيات أساسية لدحض اتهامات روتايو    53 مُستورداً للموز يُمنعون من الاستيراد نهائياً    نظام داخلي جديد ل المجلس    دور المجتمع المدني محور ملتقى بالجزائر    الشرطة تُحسّس..    18 ألف مخالفة تجارية خلال نصف رمضان    الجزائر قادرة على التحرر من التبعية الغذائية للخارج    الحويني في ذمة الله    مجلس الأمة يشارك في جلسة افتراضية حول مناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    رسالة رئيس الجمهورية في الذكرى ال63 لعيد النصر : "تقوية الجبهة الداخلية بوعي وطني مدعاة للفخر"    بلمهدي يبرز دور الخطاب الديني في تعزيز الروح الوطنية    تقدم ما يقارب 600 ألف وجبة يوميا..أزيد من 2000 مطعم للإفطار على المستوى الوطني    الذكرى ال63 لعيد النصر: تتويج لمسار طويل من التضحيات في سبيل استرجاع السيادة الوطنية    مجموعة "اكديم ازيك" تدين الحصار المغربي وتطالب بتدخل دولي    مركبات: التوقيع على اتفاقيات لتطوير الصناعة المحلية لقطع الغيار    الذكرى ال63 لعيد النصر: تنظيم ندوة فكرية حول تجليات عيد النصر في المخيال الأدبي والفني الجزائري    الجامعة منخرطة بقوة في الأهداف التنموية للبلاد 2024-2029    جامعة "مصطفى اسطمبولي بمعسكر: 40 مشارك في الطبعة الأولى لمسابقة "قارئ الجامعة"    الحماية المدنية: لم يتم تسجيل أي خسائر بشرية أو مادية عقب الهزة الأرضية التي سجلت بولاية المدية    تسطير برنامج خاص لإحياء اليوم الدولي للغابات الخميس المقبل    يوم برلماني حول المقاربة الجزائرية في مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة    بطولة إفريقيا للمحليين 2025: المنتخب الوطني يشرع في تربصه التحضيري بعنابة    تصفيات كأس العالم 2026/بوتسوانا- الجزائر: "الخضر" يحلون بغابورون    وهران : مسرحية "باغي نشيع" لمحمد ميهوبي تسلط الضوء على ظاهرة السعي وراء الشهرة عبر الانترنت    كأس العالم 2026: المنتخب الوطني أجرى حصة تدريبية قبل تنقله إلى قابورون    إحباط عملية ترويج 4300 وحدة من مؤثرات عقلية    استخراج شهادة الجنسية ببطاقة التعريف أو جواز السفر    04 إرهابيين يسلمون أنفسهم وأسلحتهم    مشروع توسعة مصنع "فيات" بوهران بلغ 70 %    هل الشعر ديوان العرب..؟!    عقد اجتماعا لمناقشة واستعراض المستجدات الوطنية والدولية    أول رحلة للحجاج في 10 ماي المقبل    آفاق جديدة لتصدير الكهرباء    ضرورة وضع استراتيجية مناسبة لحماية القصّر    الشباب والاتحاد يتعادلان    الشيخ عبد القادر الجيلاني.. أحد أشهر الأئمة الأقطاب    جنرال فرنسي أمر بتعميم التعذيب على الجزائريين    جاهد لسانك بهذا الدعاء في رمضان    نحو رفع مساحة المحيطات الفلاحية المسقية    هذا موعد أول رحلة حج    الجزائر تحتضن الألعاب المدرسية الإفريقية في 25 جويلية    حماية الأجيال الناشئة من الوقوع في آفات تضر بالمجتمع    تنسيق قطاعي لإنشاء مراكز للابتكار    بيتكوفيتش يدافع عن بن رحمة وأوكيدجة    12 مطارا و150 رحلة لنقل 41 ألف حاج    مهن موسمية تزدهر في رمضان    فتح باب المشاركة في الدورة 15    التحديات الزوجية في إطار كوميدي خفيف    "أناب" تطلق حملتها التضامنية    بوقرة يقصي محيوص ويراهن على بولبينة ولاعبي المولودية    تسريع أشغال صيانة السفن والقطارات والمصاعد الهوائية    الشروع في عملية حجز تذاكر السفر للحجاج : انطلاق أول رحلة نحو البقاع المقدسة يوم ال10 ماي المقبل    الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة    فضل الجلوس بعد صلاة الفجر    انطلاق تربص الخضر الخاص بمباراتي بوتسوانا وموزمبيق : إصابات وغيابات واستدعاء صهيب ناير لتعويض بن ناصر    الجزائر تتجه لتوطين صناعة الدواء بمختلف الأصناف    الحقن وطب الأسنان لا يفسدان الصيام والمرضع مخيَّرة بين الفداء أو القضاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريطانيا: حرب بين الحكومة والصحافة المطبوعة
نشر في الحياة العربية يوم 09 - 09 - 2020

لعبة شدّ الحبل بين الحكومة ووسائل الإعلام الرئيسة في بريطانيا لم تَعُد خافية على أحد. إذ لا يكاد يمر أسبوع تقريباً، من دون أن يقرأ المرء أو يسمع ويشاهد أخباراً عن المماحكات والتحرّشات المتواصلة منذ فترة بين الطرفين. ما لا يجهله القراء، أن الأعلام البريطاني صناعة ضخمة، وبنفوذ سياسي مؤثر وخطير. وبالطبع، فإن الحكومة لا تجهل ذلك. فرئيسها السيد بوريس جونسون صحافي مخضرم وكاتب مقالات ورئيس تحرير سابق. وضمن فريقه الوزاري السيد مايكل غوف الوزير المسؤول عن «بريكست»، وكان صحافياً ومن الدرجة الأولى، وزوجته صحافية مرموقة ومرهوبة الجانب بجريدة «ديلي ميل» كبرى الصحف انتشاراً وتوزيعاً. أضف إلى ذلك أن أقرب مستشاري السيد جونسون وأقواهم نفوذاً وهو السيد دومينيك كمينغز عمل في السابق محرراً للموقع الإلكتروني لمجلة سياسية أسبوعية، كما أن زوجته صحافية مخضرمة، وما زالت محررة بالمجلة نفسها. إلى جانب أن مدير الاتصالات والمسؤول الإعلامي الأول بمقر رئيس الوزراء السيد لي كين كان صحافياً. وبالتالي، كان من المفترض جدلاً أن يتوقع المرء أن علاقة الحكومة ووسائل الإعلام الرئيسة ستكون «سمناً على عسل»، لأنها علاقة بين «أولاد كار».
ما يستحق الاهتمام، وللتاريخ، أن حكومة السيد جونسون، التي جاءت بعد الانتخابات النيابية، في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تمتعت بتغطية إعلامية جيدة، يغبطها عليها العديد من حكومات العالم الأخرى، خصوصاً من جانب الصحافة المطبوعة. لكن المتابعة والرصد لهذه العلاقة يشيران إلى أن الأمور في السر والعلن ليست على ما يرام. ويبدو، من باب التخمين، أن التجربة المهنية الإعلامية السابقة في الفريق الحكومي والمعرفة المهنية الوطيدة بذلك العالم وكواليسه، وطبيعة آلياته، تضافرت جميعها لتمنح الفريق الحكومي أفضلية في التعامل مع عالم مكشوف لهم، ويعرفون رموزه حق المعرفة. وهذه المعرفة والخبرات تمازجت مجتمعة لتجعل الحكومة تختار مواقع وتواقيت المعارك مع وسائل الإعلام، ووفقاً لمبدأ «فرّق تَسُد». أي إنها لم تشنّ حرباً ضد الجميع، بل اختارت بعناية بعض الأطراف، وأبقت أخرى بعيداً. الدافع لهذه الحرب، هو أن الحكومة تريد السيطرة إعلامياً، على طبيعة رسائلها الموجّهة إلى المواطنين، ومن دون الحاجة إلى خدمات وسيط. أي بمعزل عن وسائل الإعلام.
التقارير الإعلامية، التي أُتيحت لي فرصة الاطلاع عليها، وهي ليست محايدة، لكنها، في مجملها، تؤكد أن الحكومة غير راضية عن الآليات التي تتحرك بها تلك الوسائل، وما تحدثه، أحياناً، من تجاهل أو تغييرات وتشوهات على رسائلها الموجهة إلى الجمهور، مستشهدة بما حدث للبيان الذي وجّهه رئيس الحكومة السيد جونسون في نهاية العام بخصوص «بريكست»، وتجاهلت عدة وسائل إعلام رئيسة في مقدمتها «بي بي سي»، إعادة بثه في نشراتها المسائية. الأمر الذي أثار حنق «10 داوننغ ستريت». هذا الاستياء قاد إلى تبنّي سياسة إعلامية مركزية الطابع، يكون مقر رئيس الحكومة مركزها، بحيث يتمّ التحكم مركزياً في كل ما يخصُّ الحكومة من بيانات وتصريحات ومقابلات… إلخ. وفي الوقت ذاته، تبنّي سياسة تقوم على مبدأ العصا والجزرة.
العصا لمن عصى والجزرة لمن امتثل. كان برنامج «اليوم» الإخباري، أهم البرامج السياسية في «راديو 4» التابع لهيئة الإذاعة البريطانية، أول الضحايا. وكعقاب على رفض الهيئة إعادة بث بيان رئيس الوزراء السالف الذكر، قرر مكتب الاتصالات بمكتب رئيس الحكومة مقاطعة البرنامج السياسي المذكور أعلاه، بمنع الوزراء من تلبية ما يوجهه إليهم من دعوات، لإجراء مقابلات حول مختلف السياسات. تلك المقاطعة كانت ستستمر لولا تدخل القدر ممثلاً في حلول أزمة الفيروس الوبائي، مما جعل الحكومة تقرر رفع الحظر والمنع جزئياً، وتسمح لأعضائها بالتواصل مع البرنامج. إلاّ أن الرياح سرعان ما غيّرت اتجاهها، لدى قيام المستشار كمنغز بخرق المنع الحكومي على التنقل، لدى قيامه برحلة إلى بيت والديه في منطقة يوركشير، وشوهد من قِبل مواطنين، فأثار المشهد ضجة، وطالبت وسائل الإعلام باستقالة المستشار. لكن السيد كمنغز، في مؤتمر صحافي عقده في حديقة «10 داوننغ ستريت»، رفض تقديم استقالته، وحظي بدعم مزدوج من رئيس الحكومة ورئيس مكتب الاتصالات. تضامُن الحكومة مع المستشار، وفقاً للتقارير، كان بمثابة رسالة موجهة إلى وسائل الإعلام بأن الحكومة وليس وسائل الإعلام من تملك سلطة إصدار القرارات وتسيير أمور الدولة.
وكما هو متوقع، تبنّى مدير مكتب الاتصالات سياسة عقابية من نوع آخر ضد الصحافيين المشاغبين، بحرمانهم من حضور المؤتمرات الصحافية التي كان يقدّمها الناطق باسم الحكومة. الصحافيون المعنيون مراسلون لصحف قومية، ويحظون بتراخيص رسمية لتمثيلها في تلك اللقاءات. ذلك الحظر المفاجئ، أدّى إلى قيام بقية الصحافيين بمقاطعة المؤتمر، ورفض حضوره تضامناً مع زملائهم.
التقارير الصادرة، مؤخراً، تتحدث عن رغبة الحكومة، ابتداءً من شهر أكتوبر القادم، في عقد مؤتمر صحافي متلفز على غرار البيت الأبيض، خلال مساءات الأسبوع، والمقصود نقل مركز الجاذبية الإخبارية إلى نشرات الساعتين السادسة والعاشرة مساء، وبقصد إبعاد الصحافة المطبوعة وتهميشها.
الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.