حذر وزير الداخلية في حكومة الوفاق الليبية فتحي باشاغا، أحد أبرز المرشحين لرئاسة حكومة الوحدة الوطنية التي ستنبثق عن ملتقى الحوار الليبي، من انهيار مسار الحل السياسي الذي ترعاه الأممالمتحدة، ملمحا إلى عودة الفوضى المسلحة في حال الفشل في إنهاء حالة الانقسام، ومشيدا بدور دول الجوار والدول الصديقة في ترسيخ التوافق والسلام بين الليبيين. في وصف موجز لتطورات الوضع في بلاده، أكد وزير الداخلية بحكومة الوفاق الليبية فتحي باشاغا أن "ليبيا أقرب من أي وقت مضى إلى التوافق السياسي... لكن الأمر لم يحسم بعد". وحذر باشاغا من احتمال توقف، بل وانهيار، مسار الحل السياسي الذي ترعاه البعثة الأممية في ليبيا في الوقت الراهن، والذي كان ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس آخر محطاته، وذلك جراء الكثير من التحديات الخارجية والداخلية، والتي يأتي في مقدمتها "افتقاد الثقة بين الفرقاء الليبيين"، وهو ما يجعل العودة إلى السقوط في براثن الفوضى المسلحة مجددا خيارا قائما. وقال باشاغا "بعد كل هذه التجارب المريرة من الحروب والاقتتال، يمكن القول إننا أقرب من أي وقت مضى إلى تجاوز حالة الانقسام السياسي عبر جسر الحوار". إلا أن الوزير الليبي الذي يبلغ من العمر 58 عاما، عاد ليؤكد في حواره عبر الهاتف مع جاكلين زاهر، الصحافية بوكالة الأنباء الألمانية "وجود تطلع كبير بأن تكون تدخلات الدول الجارة والصديقة لليبيا عاملا إيجابيا لترسيخ التوافق والسلام، حيث أن الأمر يتوقف هذه المرة بدرجة أكبر على قدرة الأطراف الليبية على تسوية خلافاتها بالطرق والحلول السياسية"، محذرا من أن "الفشل في هذا المسار قد يمهد فعليا لعودة الفوضى المسلحة والاقتتال العشوائي الذي ستكون له نتائج كارثية من الناحية الأمنية". وقال باشاغا "لذلك نعمل وندعو الجميع إلى إنجاح المسار الراهن للحفاظ على وحدة البلاد وأمنها واستقرارها، والذي سوف يقودنا إلى إجراء انتخابات وفق المعايير الدولية من شفافية ونزاهة". وكانت الجولة الأولى من ملتقى الحوار السياسي الليبي اختتمت أعمالها في تونس قبل عشرة أيام بإعلان تحديد موعد إجراء الانتخابات في ليبيا في نهاية العام 2021، إلا أن أعضاء الملتقى والبالغ عددهم 75 عضوا من ممثلي الشعب الليبي أخفقوا في جولتين متتاليتين عبر تقنية الاتصال المرئي في التوافق على الآليات الخاصة باختيار الشخصيات التي ستتولى مقاليد المجلس الرئاسي والحكومة الليبية المقبلة، والتي ستعمل على تهيئة المناخ لإجراء الانتخابات. وذهب الوزير إلى أن "إنهاء الانقسام السياسي وإطلاق مشروع مصالحة وتعزيز الثقة بين مختلف الأطراف، وتحديدا بين الشارع والدولة عبر اقتراب الأخيرة من الإحساس والتعاطي مع احتياجات المواطنين، كل هذا سيكون كفيلا بتعزيز قوة الدولة وسطوتها ضد أي تشكيل مسلح خارج عن القانون، بما يمكنها من تأمين المصدر الرئيسي لدخل البلاد، أي مصادر الطاقة، بكل اقتدار". وأشار وزير الداخلية إلى تبعات الانقسام المؤسساتي الذي أعقب الانقسام السياسي في عام 2014، وكيف طال جميع المؤسسات والأجهزة الليبية، وخاصة "المالية والنقدية والجهات الرقابية، وأعاقها عن الاضطلاع بالدور المنوط بها، مما أدى إلى الفوضى ونشر الفساد، وأضعف قدرة الدولة على تنشيط الاقتصاد بما يسمح بتوفير وظائف لمن سيتم تسريحهم من التشكيلات المسلحة... وهو ما أدى بالنهاية إلى تفاقم وضع التشكيلات". ويعد باشاغا من أبرز المرشحين لرئاسة حكومة الوحدة الوطنية التي ستنبثق عن ملتقى الحوار الليبي، ويتحدّر الرجل الوازن في المشهد السياسي الليبي، من مدينة مصراتة الساحلية التي تنتمي إليها ميليشيات قوية، ويُعتبر مقربا من تركيا، ويُتداول اسمه كخليفة محتمل لرئيس الحكومة فايز السراج الذي شابَ توتر كبير علاقتَه به في الفترة الأخيرة.