يوجد اهتمام عربي واضخ منذ سنوات بتأصيل العلوم اللسانية، يشهد على ذلك اهتمام خاص بمحاولة فهم ينابيعه الحديثة وخصوصاً أفكار المنظّر السويسري فردينان دي سوسير (1857 – 1913) والذي يتجلّى في صدور عدد من المؤلفات عنه مثل "أثر فردينان دي سوسير في البحث اللغوي العربي" الصادر في 2020 ل حسين السوداني، ومنذ أيام صدرت ترجمة كتاب "سوسير ومؤوّلوه" وهو أحد أشهر الكتب عن عالم اللسانيات السويسري. ينضاف إلى هذه المكتبة عمل جديد بعنوان "مقدّمات في النظرية السوسيرية" للباحث الجزائري مختار الزواري، وهو كتاب صدر مؤخّراً عن منشورات "ومضة". يقدّم الزواري، الذي سبق وأن نشر ترجمات إلى العربية لأبحاث ل سوسير، عدداً من المبادئ التي تمثّل نواةً لسانيات دي سوسير، وهو ما يمثّل خلاصة نحو نصف قرن من التأليف حوله والتأريخ لأفكاره. يعرّج الزواري أيضاً على قضية مخطوطات دي سوسير، فمن المعلوم أن المنظّر اللغوي السويسري لم ينشر كتاباً في حياته، وأن كتابه المرجع "دروس في اللسانيات العامة" قد صدر بجهد من تلامذته الذين نقلوا أفكاره بحسب تأويلهم واجتهادهم وهو ما أنتج جدلاً حول عدد من النقاط، منها ما يؤكّد عليه الزواري بأنه لا ينبغي الفصل بين لسانيات اللسان ولسانيات الكلام. يشير المؤلّف في تقديم كتابه أن "العثور على مخطوطاتٍ جديدة لدي سوسير عام 1996، وتحقيقها ونشرها عام 2002، تمخضّ عنه تيار لساني جديد، يدعو إلى التحقّق من مشروع دي سوسير والاجتهاد في تطويره، من خلال الكفّ عن التعلّق بكتاب المحاضرات في اللسانيات العامة والإقبال بدلاً من ذلك، على النصوص السوسيرية، تفسيراً وتأويلاً".