قال البيت الأبيض إن تهديد إيران بالتحرك إذا عادت حاملة طائرات أميركية إلى الخليج يظهر أن طهران "معزولة دوليا بصورة متزايدة" وأنها تواجه مشاكل اقتصادية من العقوبات وتريد صرف الانتباه عن مشاكلها المتزايدة. في حين قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إنها لا تسعى لمواجهة مع إيران بشأن المرور في مضيق هرمز. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني للصحفيين إن التحذير الإيراني "يعكس حقيقة أن إيران في موقف ضعف". من جانبها قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند "نرى تلك التهديدات من إيران على أنها مجرد دليل متزايد على أن الضغط الدولي بدأ يوجع". وأضافت للصحفيين "إنهم يشعرون بأنهم معزولون بصورة متزايدة ويحاولون صرف انتباه مواطنيهم عن الصعوبات داخل إيران، بما في ذلك الصعوبات الاقتصادية نتيجة العقوبات". وظهر في الأفق احتمال أن يكون للعقوبات المالية الأميركية والأوروبية التي تستهدف قطاع النفط تأثير جدي لأول مرة على الريال الإيراني الذي هبط بنسبة 40% مقابل الدولار في الشهر الأخير. واصطفت طوابير أمام البنوك وأغلقت بعض محال الصرافة أبوابها مع تدافع الإيرانيين لشراء الدولارات لحماية مدخراتهم من تراجع الريال، وارتفعت أسعار النفط في الأسواق العالمية. وكانت وزارة الدفاع الأميركية قد قالت الثلاثاء إنها لا تسعى لمواجهة مع إيران بشأن المرور في مضيق هرمز، رغم رفضها لتهديد عسكري إيراني استهدف إبقاء حاملات الطائرات الأميركية خارج الخليج. وقال المتحدث باسم البنتاغون جورج ليتل "مصلحتنا في مرور بحري مضمون وآمن للسفن العابرة لمضيق هرمز. . هذه رغبتنا"، وأضاف "لا يسعى أحد في هذه الحكومة للمواجهة بشأن مضيق هرمز وقال الجيش في وقت سابق اليوم إنه سيواصل إرسال مجموعات ضاربة من حاملات الطائرات عبر الخليج "لتحركات مقررة بانتظام وحسب القانون الدولي من ناحية أخرى حذر قائد الجيش الإيراني الجنرال عطاء الله صالحي الثلاثاء الولاياتالمتحدة من إعادة حاملة طائراتها إلى الخليج. وقال صالحي "ننصح حاملة الطائرات الأميركية التي عبرت مضيق هرمز والموجودة في خليج عمان بعدم العودة إلى الخليج"، مضيفا أن إيران لا تحذر سوى مرة واحدة، وفق تعبيره. ويأتي هذا التحذير بعد يوم واحد من انتهاء مناورات إيرانية استمرت عشرة أيام عند مدخل الخليج وشملت تجارب إطلاق ثلاثة صواريخ مخصصة لإغراق القطع البحرية. وكانت حاملة الطائرات الأميركية "جون سي ستينيس" عبرت مضيق هرمز باتجاه الشرق عبر خليج عمان تزامنا مع إجراء البحرية الإيرانية مناورات، وأكدت وزارة الدفاع الأميركية أن الحاملة كانت بصدد "رحلة روتينية". من جهتها تبذل فرنسا جهودا متواصلة مع دول الاتحاد الأوروبي لحثها على الاقتداء بالولاياتالمتحدة وفرض عقوبات مالية ونفطية جديدة على إيران، التي تتهم بمواصلة العمل لإنتاج سلاح نووي. فقد صرح وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه لشبكة (أي تيلي) الفرنسية أن بلاده "ترغب في تشديد العقوبات، دون إغلاق طريق التفاوض والحوار مع إيران". وبشأن توقعه لبرنامج إيران النووي أكد جوبيه أن "إيران تواصل الإعداد لسلاحها النووي، هذا أمر لا شك فيه"، مذكرا بأن التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية "واضح جدا" في هذا الشأن. ويتهم الغرب إيران بالسعي إلى الحصول على السلاح النووي تحت ستار برنامجها النووي الذي أطلقته عام 2005، إلا أن طهران -التي تخضع بالفعل لسلسلة عقوبات دولية- تنفي وجود هذه النية. وفي نهاية العام الماضي عززت الولاياتالمتحدة عقوباتها على القطاع المالي الإيراني عن طريق تجميد أرصدة أي مؤسسة مالية أجنبية تقيم علاقات تجارية مع البنك المركزي الإيراني في القطاع النفطي. وتطالب باريس الاتحاد الأوروبي بالاقتداء بواشنطن، وقال الوزير الفرنسي "نرغب في أن يتخذ الأوروبيون قبل 30 جانفي الحالي إجراء مماثلا لإظهار قوة تصميمنا". وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد دعا في نهاية 2011 إلى تنفيذ عقوبات محددة على طهران تمثل أهمها في تجميد أرصدة البنك المركزي الإيراني وفرض حظر على صادراتها النفطية. ورغم صعوبة الموقف داخل الاتحاد الأوروبي لا سيما مع احتدام النقاش دون التوصل إلى توافق، إلا أن جوبيه أشار في تصريحاته إلى وجود "أمل كبير في التوصل إلى نتيجة بشأن هذين العنصرين" في نهاية الشهر الحالي. لكن المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بدا أكثر تحفظا، وقال اليوم الثلاثاء إن "قضية الحظر النفطي ستدرس وتناقش من قبل وزراء الخارجية" أثناء اجتماعهم في 30 جانفي المقبل. ورغم اتزان التصريحات فإن لندن تقدمت عمليا بشوط كبير على نظرائها الأوروبيين، عندما قررت في نوفمبر الماضي قطع العلاقات مع البنوك الإيرانية ومن بينها البنك المركزي. أما ألمانيا، فنقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر دبلوماسي أوروبي أن برلين ترفض الاستهداف المباشر للبنك المركزي الإيراني. كما اعترف جوبيه في ديسمبر الماضي بأن اليونان "أبدت عددا من التحفظات" على فرض عقوبات تمس قطاع النفط. وبالإضافة إلى اليونان يصدر النفط الإيراني إلى إيطاليا وإسبانيا وبلجيكا وبدرجة أقل إلى فرنسا. في المقابل تأتي إيطاليا على رأس الدول الأوروبية المؤيدة لفرض عقوبات جديدة، رغم أنها تستورد 13% من نفطها من إيران. جدير بالذكر أنه في العام 2010 اشترى الاتحاد الأوروبي 18% من إجمالي صادرات إيران النفطية، في حين ذهب الباقي إلى دول آسيا.