أعرب الرئيس الفرنسي إيمانوبل ماكرون عن "ثقته" بنظيره رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون داعيا إلى "تهدئة" بشأن مواضيع الذاكرة، في وقت تقوم أزمة دبلوماسية بين البلدين شهدت استدعاء الجزائر سفيرها في باريس. وقال ماكرون في مقابلة مع فرانس إنتر "أتمنى حصول تهدئة لأنني أظن انه من الأفضل التحاور والمضي قدما" داعيا إلى "الاعتراف بالذاكرات كلها والسماح لها بالتعايش". وتابع "أكن احتراما كبيرا للشعب الجزائري وأقيم علاقات ودية فعلا مع الرئيس تبون" عازيا التوترات الحالية إلى الجهود المبذولة في فرنسا حول عمل الذاكرة بشأن ما أسماه "حرب الجزائر". وأثار ماكرون غضب الجزائر بعد كلام نقلته عنه صحيفة لوموند يسيئ لتاريخ الجزائر ورموزها. ومع اقتراب الذكرى الستين لانتهاء الحرب واستقلال الجزائر في العام 2022، جعلت باريسوالجزائر من "مصالحة الذاكرة" هذه ملفا يحظى بأولوية، وتعهد الرئيسان ماكرون وتبون العمل معا على هذا الملف. وكلف ماكرون المؤرّخ بنجامين ستورا وضع تقرير حول ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر سلمه في 20 جانفي. ويرى الرئيس الفرنسي أنه يقوم ب"عمل معمق مع الشباب الفرنسي والفرنسي الجزائري. وبالتالي، نقول لبعضنا أمورا ليست مرضية لنا أنفسنا. لم أراعِ (الفرنسيين) في ما يتعلق بتاريخنا الخاص. وقبل بضع سنوات، أثار الأمر بعض البلبلة وبعض ردود الفعل. كنت صريحا إلى أقصى حد بشأن تاريخنا حول مسألة الحركيين، لكنني سأواصل هذا العمل". وتابع "حين طرح علي السؤال حول كيفية تلقي تقرير بنجامين ستورا في الجزائر، اضطررت إلى قول الحقيقة للرئيس تبون، تباحثنا في المسألة وهو شخص أثق به. أدلى بكلام ودي ومتناسب" لافتا إلى أنه في الجزائر "قام كثيرون بالإساءة إلى بنجامين ستورا وتهديده أحيانا إثر هذا التقرير. لن نتظاهر بأن ذلك لم يكن أمرا يذكر". لكنه اعتبر أن مسألة العمل على الذاكرة "ليست مشكلة دبلوماسية بل هي في الأساس مشكلة فرنسية-فرنسية" مؤكدا "علينا مواصلة هذا العمل بكثير من التواضع وكثير من الاحترام". وبعد استدعاء سفيرها، حظرت الجزائر عبور الطائرات العسكرية الفرنسية المتّجهة إلى منطقة الساحل والصحراء في أجوائها. ..مدير (سيرمام): التصريحات "انحراف محسوب للرئيس الفرنسي" وقال مدير "مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي ودول المتوسط" (سيرمام) في جنيف حسني عبيدي، لفرانس برس، إن التصريحات "انحراف محسوب للرئيس الفرنسي" أسسه على "تراكيب لغوية وضعها مستشاروه المقربين". ويقدّر الخبير أن ذلك جاء نتيجة "خيبة أمل" ماكرون لا سيما في ما يتعلق ب"رد فعل الجزائر غير المتحمس إزاء برنامجه لمصالحة الذاكرة" بين البلدين. واعتبر عبيدي أن تقرير المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا الذي قدمه إلى الرئيس الفرنسي في يناير وكان "من المفترض أن يهدئ العلاقات ساهم عوض ذلك في تصعيد التوتر". …خفض التأشيرات لمواطني الجزائر إجراء "تشوبه عيوب" يعتقد الباحث في "المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية" ماتيو تارديس أن مقاربة فرنسا "تشوبها عيوب"، لا سيما خلال فترة تفشي فيروس كورونا. وقال إن باريس "تواصل إصدار قرارات الترحيل في حين نعلم أنها لن تنفذ بسبب كوفيد-19″، موضحا أن "الجزائر لم تعد فتح حدودها إلا مؤخرا" خلال الصيف. ويأسف تارديس ل "معاقبة جزء من الناس غير معنيين بالهجرة"، وهم في الغالب طلاب وتجار وسياح، بأعداد غير متناسبة مقارنة بعدد المعنيين بقرارات الترحيل. بين يناير وجويلية 2021، وافقت فرنسا على 8726 طلب تأشيرة من أصل 11815 طلب من الجزائر (18579 من أصل 24191 للمغرب، و9140 من أصل 12921 لتونس)، وهو رقم أقل بكثير من طلبات التأشيرة قبل ظهور فيروس كورونا عام 2019 حين تلقت باريس أكثر من مليون طلب تأشيرة من البلدان الثلاثة. في العام نفسه، أصدرت الجزائر وتونس والمغرب أقل من 4300 تصريح مرور قنصلي، في مقابل 32 ألف قرار ترحيل صادر عن فرنسا.