الجزائر شامخة وسيدة في قراراتها    إنجاز هياكل تربوية تستجيب لمتطلّبات جودة التعليم    الجزائر المنتصرة ثمرة كفاح طويل ضد الاستعمار    السفير النيبالي يؤكد سعي بلاده الى تعزيز التعاون مع الجزائر    رفع العراقيل لتسليم المشاريع قبل نهاية السنة    منع 53 مستوردا للموز من ممارسة نشاط الاستيراد نهائيا    هذه خصائص تطبيق "Retraite Dz"    الجزائر تبقى وفية لقيم الاتحاد الإفريقي    الجزائر تُدين انتهاك الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار بغزة    مجموعة "اكديم ازيك" تطالب بتدخل دولي لكشف انتهاكات المخزن    العدوان على غزة : الإتحاد الأوروبي يدعو الكيان الصهيوني إلى احترام القانون الإنساني الدولي    مجموعة فرنسية تنظم مسيرة يوم 30 مارس الجاري من أجل إطلاق سراح جميع المعتقلين الصحراويين    "مطلوع الطاجين" الوهراني زينة مائدة الإفطار    سواك "أتيل" عوض معجون الأسنان    دعوة لإنشاء مجلس أعلى للوقاية من الحوادث    هل حافظت "طيموشة 3" على التألّق نفسه؟    غيابات بالجملة في صفوف "الخضر" والخيارات تتقلص    حمل الألوان الوطنية حلم تحقق    بهجة رحال ونوري الكوفي نجما النوبة    بوقرة يباشر التحضير للقاء غامبيا في تصفيات "الشان"    قرارات إبعاد رعايا جزائريين من التراب الفرنسي: 5 معطيات أساسية لدحض اتهامات روتايو    53 مُستورداً للموز يُمنعون من الاستيراد نهائياً    الشرطة تُحسّس..    18 ألف مخالفة تجارية خلال نصف رمضان    الجزائر قادرة على التحرر من التبعية الغذائية للخارج    دور المجتمع المدني محور ملتقى بالجزائر    نظام داخلي جديد ل المجلس    الحويني في ذمة الله    مجلس الأمة يشارك في جلسة افتراضية حول مناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    بلمهدي يبرز دور الخطاب الديني في تعزيز الروح الوطنية    الذكرى ال63 لعيد النصر: تنظيم ندوة فكرية حول تجليات عيد النصر في المخيال الأدبي والفني الجزائري    مركبات: التوقيع على اتفاقيات لتطوير الصناعة المحلية لقطع الغيار    جامعة "مصطفى اسطمبولي بمعسكر: 40 مشارك في الطبعة الأولى لمسابقة "قارئ الجامعة"    الحماية المدنية: لم يتم تسجيل أي خسائر بشرية أو مادية عقب الهزة الأرضية التي سجلت بولاية المدية    تسطير برنامج خاص لإحياء اليوم الدولي للغابات الخميس المقبل    يوم برلماني حول المقاربة الجزائرية في مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة    تصفيات كأس العالم 2026/بوتسوانا- الجزائر: "الخضر" يحلون بغابورون    كأس العالم 2026: المنتخب الوطني أجرى حصة تدريبية قبل تنقله إلى قابورون    وهران : مسرحية "باغي نشيع" لمحمد ميهوبي تسلط الضوء على ظاهرة السعي وراء الشهرة عبر الانترنت    بطولة إفريقيا للمحليين 2025: المنتخب الوطني يشرع في تربصه التحضيري بعنابة    مشروع توسعة مصنع "فيات" بوهران بلغ 70 %    هل الشعر ديوان العرب..؟!    إحباط عملية ترويج 4300 وحدة من مؤثرات عقلية    أول رحلة للحجاج في 10 ماي المقبل    نحو رفع مساحة المحيطات الفلاحية المسقية    آفاق جديدة لتصدير الكهرباء    الشيخ عبد القادر الجيلاني.. أحد أشهر الأئمة الأقطاب    الشباب والاتحاد يتعادلان    جاهد لسانك بهذا الدعاء في رمضان    وسام ذهبي للرئيس    هذا موعد أول رحلة حج    حماية الأجيال الناشئة من الوقوع في آفات تضر بالمجتمع    12 مطارا و150 رحلة لنقل 41 ألف حاج    الشروع في عملية حجز تذاكر السفر للحجاج : انطلاق أول رحلة نحو البقاع المقدسة يوم ال10 ماي المقبل    الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة    فضل الجلوس بعد صلاة الفجر    الجزائر تتجه لتوطين صناعة الدواء بمختلف الأصناف    الحقن وطب الأسنان لا يفسدان الصيام والمرضع مخيَّرة بين الفداء أو القضاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل صعود الصين مصلحة للعرب؟
نشر في الحياة العربية يوم 12 - 10 - 2021

هيمنت الولايات المتحدة على المجال السياسي العربي بعد الدور الذي لعبته في حرب تحرير الكويت عام 1991، وأصبحت واشنطن العاصمة الأجنبية الأهم لأغلب الدول العربية.
ويعتقد بعض المراقبين أن عصر الهيمنة الأميركية في المنطقة العربية في طريقه للتراجع أمام صعود صيني واضح تتزايد معه المصالح الصينية حول العالم، ولن يكون العالم العربي استثناء، خاصة مع ارتفاع نسبة البترول والغاز العربي من إجمالي واردات الطاقة الصينية.
بعيدا عن التجارة، لا تقدم الصين للدول العربية أو غيرها مساعدات لا تُرد، فالنموذج الصيني يقدم القروض الاستثمارية لتنفيذ مشروعات ضخمة للبنية الأساسية في العديد من الدول العربية بنسب فائدة متوسطة وتسدد على مدار عدة سنوات في المستقبل، في حين بلغت فيه المساعدات الغربية والأميركية عدة مليارات سنويا لعدد من الدول العربية.
وتاريخيا، لم تلعب الصين دورا مهما في سياسات الشرق الأوسط منذ التأسيس الحديث لها عام 1949، وتمحور دورها في تقديم دعم معنوي ورمزي فقط للحقوق الفلسطينية والعربية في صراع الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من تراث الاستعمار الغربي للدول العربية بصفة عامة، ودور دول مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة بصفة خاصة في إنشاء ورعاية إسرائيل، فإن العرب اختاروا التقرب من الغرب ونموذجه الاقتصادي والثقافي، ولكن هذا الواقع قد لا يصمد أمام ما تشهده الصين من تطورات متسارعة والتي ستصل تبعاتها للدول العربية.
ولم تحتاج الصين إلى بترول وغاز العرب إلا منذ عام 1993 عندما فاق استهلاكها من الطاقة حجم إنتاجها للمرة الأولى. ونجحت الصين خلال العقدين الأخيرين وسجلت معجزة بكل المقاييس المادية المتاحة من حيث النمو الاقتصادي، ومن حيث نقل ملايين البشر من الفقر المدقع لطبقات وسطى مستقرة، ونجحت في عمليات تطوير كبيرة وميكنة غير مسبوقة للريف الصيني. ساعد الصين في ذلك عدم تحملها أي تكلفة لحماية خطوط إمدادات الطاقة القادمة من الشرق الأوسط، فالولايات المتحدة تتكفل بهذه المهمة من خلال وجودها العسكري في منطقة الخليج. وبلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية عام 2020 ما يزيد على 240 مليار دولار طبقا لبيانات رسمية مجمعة.
وبعيدا عن التجارة لا تقدم الصين للدول العربية أو غيرها مساعدات لا تُرد، فالنموذج الصيني يقدم القروض الاستثمارية لتنفيذ مشروعات ضخمة للبنية الأساسية في العديد من الدول العربية بنسب فائدة متوسطة وتسدد على مدار عدة سنوات في المستقبل، في حين بلغت فيه المساعدات الغربية والأميركية عدة مليارات سنويا لعدد من الدول العربية.
ولم تتورط الصين سياسيا بعد في المنطقة العربية، فقد نشطت ووازنت بكين بين علاقات معقدة وواسعة مع صناعة التكنولوجيا الإسرائيلية، وبين مصالحها في مصادر الطاقة العربية، ووازنت في علاقات ممتازة تجمعها بالغريمين، السعودية من جانب وإيران من جانب آخر.
وفي الوقت الذي فرضت فيه واشنطن عقوبات على مسؤولين صينيين -بسبب مسؤوليتهم بالانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان في إقليم شينغيانغ في غرب الصين، حيث وثقت تقارير مختلفة لانتهاكات واسعة يتعرض لها ما يقرب من 23 مليون مواطن صيني يدينون بالإسلام- اختارت الدول العربية دعم موقف الحكومة الصينية.
وتاريخيا، ركزت الصين بالأساس على التعامل مع النظم الحاكمة بصورة رسمية، ولم تستثمر في النخب الثقافية أو الأكاديمية أو الإعلامية أو السياسية أو الاقتصادية أو غيرهم من أعضاء المجتمع المدني. ولا يثق النموذج الصيني في المنظمات غير الحكومية بصفة عامة. ولأسباب داخلية بالأساس لم ترحب الصين بثورات الربيع العربي التي رفعت لواء الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. والصين بصفة عامة لا تكترث بالسياسات الداخلية للدول إلا في إطار ما قد يؤثر على علاقاتها الاقتصادية والتجارية. وكذلك لا ترغب الصين في تصدير نموذج سياسي للحكم لتفرضه على بقية دول العالم.
وفي الوقت الذي عبّرت فيه دوائر غربية مختلفة عن ترحيبها بأحداث الربيع العربي، تحفظت الصين واعتبرت ما يجرى بمثابة مشكلة أو أزمة تتعرض لها الدول العربية، من هنا لم تعتبر الصين سقوط نظام الرئيس حسني مبارك أو معمر القذافي أو علي عبد الله صالح أخبارا جيدة.
ومع بداية عام 2016، أدركت الصين أن عليها وضع خطوط عريضة لسياستها تجاه المنطقة العربية بما يضمن وضوح رؤى التحرك المستقبلي في علاقاتها مع العرب شعوبا وحكومات. وعكس إصدار ورقة بيضاء بعنوان "سياسة الصين تجاه الدول العربية" حِرصَ القيادة الصينية على رسم خطط مستقبلية للتعاون الصيني العربي القائم بالإساس على مبدأ المنفعة المتبادلة بعيدا عن أي تدخلات في الشؤون الداخلية أو السياسية. وتضمنت الوثيقة أسسا جديدة للعلاقات بين الجانبين في جميع الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والمالية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والتعليمية والفكرية. وفي الوقت ذاته لا يملك العرب تصورا موحدا أو حتى تصورات مختلفة لعلاقتهم المستقبلية مع الصين.
وترسخ الصين من وجودها الجيوستراتيجي قرب الدول العربية. وقبل أقل من عام افتتحت بكين رسميا أول قاعدة عسكرية خارج حدودها في دولة جيبوتي ذات الموقع الإستراتيجي، حيث تشرف على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر المؤدي إلى قناة السويس.
وتعتقد المدرسة السياسية الأميركية أن قدرات الصين العسكرية ما زالت محدودة كي تستطيع القيام بمهام حماية خطوط الملاحة الدولية، وأنه لا توجد دولة أخرى بجانب الولايات المتحدة تستطيع القيام بهذا الدور الحيوي. وربما يحدث تغير في المستقبل القريب في هذه الترتيبات خاصة بعدما أسست بكين لأول قاعدة عسكرية لها بالخارج في دولة جيبوتي عند مدخل البحر الأحمر.
ومن المبكر أن نقول إن الصين ستزيح النفوذ الغربي (الأوروبي والأميركي) من الدول العربية لتحل مكانهما في أي وقت قريب. وعلى الرغم من وجود أسس جديدة للقوة الناعمة الصينية، فإن تأثيرها يصبح محدودا للغاية لأسباب مختلفة من أهمها عدم ارتياح العرب شعوبا وحكومات للتعامل مع الصين بقدر ارتياحهم للتعامل مع الأوربيين والأميركيين. وربما يرجع ذلك لعوامل تتعلق باللغة وحواجزها، أو ربما يرجع لعدم احتكاك العرب أو اقترابهم من الثقافة ونمط الحياة الصينية. ولا يعرف العرب بعد عن المؤسسات التعليمية الرائدة في الصين، على عكس الحال مع الحالة الغربية، ولا يعرفون كذلك أسماء مشاهير الفن والثقافة الصينية، في حين يعرفون نظراءهم الغربيين. ومن هنا قد يستمر الميل العربي للغرب في المستقبل القريب، إلا أنه من سوء التقدير توقع استمرار هذا الاتجاه على المدى الطويل. نعم تتحدث النخب العربية اللغة الإنجليزية وربما الفرنسية بطلاقة، لكن مع ذلك أتطلع قريبا لاستثمار جاد في مدارس اللغة والثقافة الصينية. وهكذا يقف العرب انتظارا لنتائج تنافس بكين وواشنطن وقد ارتضوا أن يلعبوا دور المفعول به مرة أخرى دون التخطيط أو الاستعداد، ناهيك عن المشاركة في تشكيل ما هو قادم.
الجزيرة نت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.