اياما قليلة فقط من "إتهام" المرشح الإشتراكي للرئاسيات الفرنسية، فرانسوا هولند، أطلقه ضد غريمه ساركوزي، على أنه أمعن في إقصاء الحركى في فرنسا، حاول الرئيس المترشح سحب البساط من تحت اقدام هولند بإعلانه أمس، الإعتراف بهم. افتك الحركى، في سابقة هي الأولى من نوعها، اعترافا من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي رسميا، حينما قال أن الدولة الفرنسية مسؤولة عن التخلي عن عشرات الآلاف من الحركى الذين قاتلوا الى جانب فرنسا خلال حرب تحرير الجزائر بين عامي 1954 و1962. وابعد من ذلك، وبعد عقود من التهميش، حيث توفي الآلاف منهم ودفنوا في فرنسا، وعد ساركوزي بإقامة نصب تذكاري في باريس لمن يطلق عليهم اسم "الحركي"، في معركة شرسة أظهرتها فترة ما قبل الرئاسيات ويريدها ساركوزي لصالحه مهما كلفه من ثمن، ولو بالتراجع عن مبادئه، تجاه الحركى الذي لم يكن لوقت قريب يعترف بهم. وقال ساركوزي في كلمة امام الحركي الذين مازالوا على قيد الحياة وسلالتهم في مدينة بيربيجنان في جنوب غرب فرنسا "كان يتعين على فرنسا حماية الحركيين من التاريخ. لكنها لم نفعل ذلك. ورددها صراحة بتأكيده "هذه هي المسؤولية التي جئت لاعترف بها هنا في بيربيجنان باسم الجمهورية الفرنسية"، في إعتراف هز أركان قصر الأيليزيه، غير انه لا احد كان يجرؤ أمام الرئيس لقول كلمة "لا"، في الوقت الذي تتحول فيه فرنسا منذ مجيء نيكولا إلى سدة الحكم، إلى نظام حكم الشخص الواحد. وجاءت هذه الإعترافات بعد خمس سنوات من تعهد ساركوزي خلال حملته الانتخابية عام 2007 بالاعتراف رسميا في حالة نجاحه بمسؤولية فرنسا عن التخلي عن الحركى لكنه لم يفعل، وعكس ذلك سن قوانين جد مضيقة عليهم وعلى أبنائهم وفي مقدمتها عدم منح الجنسية الفرنسية لأبناء الحركى إلا عندما يبلغون سن ال18 وبطلب كتابي منهم. ويأتي اعتراف ساركوزي، اياما بعد وعد المرشح الاشتراكي للرئاسة في فرنسا فرنسوا هولاند، بمنح حقوق 500 ألف حركي، في فرنسا و"بالاعتراف" بمسؤولية فرنسا في "التخلي عن الحركى" إذا فاز بالانتخابات الفرنسية المقررة الشهر الداخل. وقد راسل فرانسوا هولند، جمعيات الحركي في فرنسا يطمئنهم، بالاعتراف بحقوقهم الكاملة بوقوفهم إلى جانب الجيش الفرنسي في حربه ضد الثوار في الجزائر، خلال الثورة، وقال هولند في رسالة بعث بها، إلى تلك الجمعيات "إذا منحني الشعب الفرنسي ثقته، أتعهد بالاعتراف علنا بمسؤوليات الحكومات الفرنسية في التخلي عن الحركى". ويسعى المرشح الاشتراكي في الانتخابات الفرنسية إلى استمالة نحو 500 ألف حركي إلى جانبه والتصويت عليه، ولو على حساب الرئيس المرشح الحالي نيكولا ساركوزي، ولم يتخلف على انتقاد نمط تعامله مع من وقفوا على جانب فرنسا خلال تواجدها في الجزائر، وقال "بمعزل عن هذا الاعتراف الذي طال الأمل والانتظار لصدوره ورفض الرئيس الحالي القيام به"، وعبر هولاند عن نيته "التعبير للحركى وأبنائهم عن امتنان فرنسا" لهم. كما وعد هولاند بإعطاء تاريخ الحركى "مكانته الصحيحة في المناهج الدراسية" والمواقع التذكارية في فرنسا. وأظهرت خرجة هولند الجديدة، تناقضا في خطابه في الحملة التي يقودها من اجل الظفر بكرسي الإليزيه، بعد أقل من شهر، من دفاعه عن المهاجرين الجزائريين في فرنسا ونبذه الاستعمار الفرنسي في الجزائر، من خلال "وردة" ألقى بها في نهر السين عرفانا منه بضحايا 11 ديسمبر 61 لما القي بعشرات الجزائريين في نهر السين، أمتطى، صهوة النقيض، لما أعلن اعترافه الكامل بالحركي، بل وبإحقاق حقوقهم كاملة في فرنسا، متهما سلطات ساركوزي بالتخلي عن هذه الفئة التي بنت مجد فرنسا على حساب بلدها الجزائر.