على العكس تماما للاستحقاقات الماضية، تراجع صوت دعاة التزوير في موعد العاشر ماي، وتحاشى السياسيون والمترشحون الحديث عن تزوير النتائج، وهو ما أرجعه مراقبون إلى الضمانات التي قدمت وشهادات الملاحظين الدوليين. تراجعت حدة الأصوات التي اعتادت تبرير هزيمتها الانتخابية بوجود حالات تزوير في النتائج أو مسار العملية الانتخابية برمتها كما هو الحال بالنسبة لانتخابات 97 التي طعن فيها من قبل جل الأحزاب المشاركة في الانتخابات أو انتخابات 2002 التي لم تسلم من الانتقاد أو2007 التي تحدثت أطراف على وجود تزوير ذكي. فخلافا لكل هذه للمواعيد الانتخابية السابقة التي عرفتها الجزائر منذ دخولها عهد التعددية السياسية والإعلامية، أجمع مراقبون أن انتخابات العاشر من ماي 2012 تميزت بالشفافية في مسار العملية الانتخابية، بشهادة ملاحظي الاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة، حيث لم يسجل أي احتجاجات متعلقة بالتزوير التقليدي المتمثل في تضخيم قوائم الناخبين أو الصناديق التي كانت سابقا غير محكمة من حيث الشكل. علاوة على ذلك، لم يسارع قادة الأحزاب وعددهم 44 حزبا سياسيا مشاركا في العملية الانتخابية إلى إطلاق "صفارات الإنذار"الخاصة بالتزوير كما كان الحال عليه في الانتخابات السابقة. ويرجع مراقبون تراجع عملة التزوير في سوق الانتخابات التشريعية التي شهدتها الجزائر أول أمس، إلى قانون الانتخابات الجديد الذي أقرّه البرلمان ضمن سلة الإصلاحات التي اعتمدها الرئيس بوتفليقة، حيث طرحت كل الضمانات الممكنة سياسيا وإداريا للوصول إلى انتخابات شفافة ونزيهة يحترم فيها إرادة المواطن ويصان فيه صوته ضمن رؤية سياسية ترمي إلى إحداث تغيير ديمقراطي سلمي بعيدا عن أي تأثيرات خارجية أو إقليمية. وطرح قانون الانتخابات لأول مرة إشراف القضاء على العملية الانتخابية وإقرار حضور الملاحظين الدوليين مع اعتماد صندوق شفاف والحبر الفسفوري ومنح محاضر الفرز في مراكز الاقتراع وليس في البلديات أو الدوائر مثلما كان عليه الحال. إلا أن الأكثر من هذا وذاك، الإرادة السياسية التي أبداها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالنظر إلى الرهانات المحيطة بالعملية الانتخابية، وهدد على لسان وزير الداخلية بسجن المزورين من أعوان الإدارة والمكلفين بالعملية الانتخابية. ومن هذا المنظور، يتضح جليا أن قصة التزوير اعتاد على ترديدها أطراف سياسية مبتورة شعبيا، كما أن نزاهة الانتخابات وضعت حدا لغرور رموز التيار الإسلامي الذي أقام الدنيا ولم يقعدها لتصريحات اثبت الواقع أنها مجرد دعاية انتخاباوية بعيدة عن فهم نفسية الشعب الجزائري. ولعل تصريحات رئيس بعثة ملاحظي الاتحاد الأوروبي وكذا الأممالمتحدة واللذين اثنيا على سير العملية الانتخابية وسلامة شروطها يؤكد أن أي محاولة لإعادة إنتاج اسطوانة التزوير لن يجد مبرر له في تغيير الواقع الذي رسمه الناخب الجزائري في تشريعيات العاشر ماي 2012.