دفعت سوريا بآلاف من قواتها نحو حلب في الساعات المبكرة من صباح أمس الأربعاء وتقصف طائراتها الهليكوبتر مقاتلي المعارضة من الجو في تصعيد للهجوم على أكبر المدن السورية مع محاولة دمشق المتواصلة للقضاء على الانتفاضة. وخلال الأيام القليلة الماضية تحولت الانتفاضة من تمرد في محافظات نائية الى معركة للسيطرة على حلب والعاصمة دمشق التي تفجر فيها القتال الأسبوع الماضي. وشنت قوات الأسد هجوما كاسحا على المدينتين. ويبدو ان القوات الحكومية تمكنت من صد مقاتلي المعارضة في أحياء دمشق وتتحول الآن الى حلب المدينة التجارية الى الشمال. وقال سكان وناشطون من المعارضة ان القوات السورية أطلقت أمس الأربعاء وابلا من نيران المدفعية والصواريخ على مدينة التل بريف دمشق في محاولة للسيطرة عليها مما أثار حالة من الفزع وأجبر مئات الأسر على الفرار من المنطقة. وأضافوا قولهم ان الكتيبة الآلية 216 ومقرها قرب مدينة التل بدأت تقصف المدينة التي يسكنها نحو 100 ألف نسمة الساعة 3.15 صباحا وتشير التقارير الأولية إلى أن مجمعات سكنية تضررت من القصف. وذكر نشطون من المعارضة ان الاف الجنود ينسحبون بدباباتهم وعرباتهم المدرعة من مرتفعات جبال الزاوية الاستراتيجية في محافظة إدلب القريبة من الحدود التركية وأنهم يتجهون صوب حلب. وتشن قوات الاسد من حين لاخر ضربات جوية بطائرات نفاثة على مدن أخرى خلال الانتفاضة لكنها تميل للاعتماد على طائرات الهليكوبتر لتوجيه ضربات جوية لمناطق الحضر. وقال مسؤول بوزارة الجمارك والتجارة التركية إنه تقرر إغلاق كل بوابات الحدود مع سوريا اعتبارا من يوم أمس الأربعاء بسبب تدهور الأوضاع الأمنية. وسيطر مقاتلو المعارضة السورية على عدد من بوابات الحدود على الجانب السوري خلال الأسبوع الماضي. وسيؤدي إغلاق البوابات إلى توقف عبور السيارات بين تركيا وسوريا. ويعبر سوريون فارون من العنف في بلادهم إلى تركيا عبر مسارات تستخدم في التهريب. وأصبح عبور الحدود ينطوي على مخاطر متزايدة بالنسبة لسائقي الشاحنات الذين ينقلون البضائع بين البلدين ويواجهون خطرا دائما يتمثل في استهداف أي من طرفي القتال لهم أو وقوعهم في مرمى النيران. ودعت تركيا الأسد إلى الاستقالة بعد عدم استجابته لدعوات للإصلاح كما استضافت مقاتلي المعارضة السوريين وعشرات الآلاف من اللاجئين بامتداد الحدود مع سوريا. وتدعو قوى غربية منذ شهور الى تنحية الاسد عن السلطة وتقول الان ان أيامه معدودة لكنها تخشى ان يقاتل حتى النهاية مما يثير مخاطر اندلاع حرب طائفية تمتد في واحدة من أكثر مناطق العالم اضطرابا. وذكرت صحيفة الجمهورية اللبنانية أن حسن نصر اله أمين عام حزب الله اللبناني عرض المساعدة على الرئيس السوري بشار الأسد بعد التفجير الذي استهدف مبنى الأمن القومي مؤخرا وأودى بحياة عدد من أبرز رموز النظام. ونقلت الصحيفة أمس الأربعاء عن مصادر سياسية لبنانية بارزة القول إن نصر الله عرض خلال اتصال بالأسد مساعدة من نوعين، الأولى: مده بعناصر من القوة الخاصة في "حزب الله" في أي وقت يحتاج إليهم حتى لو تطلب الأمر إرسالهم إلى الجبهات المفتوحة مع الثوار. والمساعدة الثانية هي إمكان استقباله في المكان الذي يقيم فيه نصر الله شخصيا أو حتى داخل السفارة الإيرانية في بيروت في حال أراد الأسد ذلك. ولفتت المصادر إلى أن "الأسد فضل التروي كونه يعتقد أنه ما زال في إمكانه إدارة الدفة في سورية بمعاونة بعض الخبراء السياسيين والعسكريين الروس". وشددت المصادر على أن حزب الله كان قد وضع معه مع وزير الدفاع الراحل داوود راجحة ومع هيئة الأركان السورية خطة عسكرية للتدخل مباشرة لمساندة النظام في حال تعرضه لأي عدوان خارجي، ومن ضمن هذه الخطة نشر رادارات وبطاريات صواريخ في البقاع وتزويد الجيش السوري ب2000 عنصر من نخبة عناصر الحزب، مرجحة أن "تكون الخطة لا تزال قائمة مع تعديل طفيف يقضي بانتشار الحزب عسكرياً بكامل عتاده عند معبر المصنع وبعض مناطق الجبل ذات الموقع الاستراتيجي".