أمتار قليلة تفصل ليونيل ميسي عن معادلة إنجاز مواطنه الراحل دييغو أرماندو مارادونا الذي قاد التانغو للتتويج باللقب العالمي في مونديال المكسيك 1986، حيث سيكون البولغا أمام فرصته الأخيرة لمعادلة هذا الإنجاز من خلال الفوز بلقب مونديال كأس العالم قطر 2022 أمام فرنسا اليوم الأحد على ملعب لوسيل. في مشاركته الخامسة والأخيرة في النهائيات، أظهر ميسي شخصية مختلفة عن أي من مشاركاته السابقة بألوان المنتخب الأرجنتيني ولعب بأهدافه الخمسة وتمريراته الحاسمة الثلاث الدور الرئيسي في منح فريق المدرب ليونيل سكالوني فرصة تاريخية، في مواجهة منتخب فرنسي حالم بأن يصبح أول من يحتفظ باللقب منذ برازيل بيليه عام 1962. وحتى أن مدرب فرنسا ديديه ديشامب أقر أن ميسي الجديد مختلف عما كان عليه حين تواجه المنتخبان عام 2018 في ثمن النهائي، عندما فاز "الديوك" 4-3 في طريقهم إلى لقبهم العالمي الثاني، حيث قال عن ابن ال35 عاماً: "كثير من الأشياء تغيّرت فيه مقارنة بالمباراة قبل أربعة أعوام. ليونيل يتألق حقاً في هذه البطولة". ووصفه مدرب فرنسا: "أنه أحد أفضل اللاعبين في العالم وقد أظهر ذلك، هذا الفريق الأرجنتيني مختلف عن الذي لعبنا ضده قبل أربعة أعوام"، فيما قال المهاجم الفرنسي أنطوان غريزمان: "فريق يوجد فيه ليو يكون مختلفاً. نعرف كيف يلعبون، إنهم فريق صعب للغاية، وفي حالة جيدة. هناك ميسي لكن هناك أيضاً فريق خلفه". كأس وحيدة تنقصه ليصبح الأعظم، وربما أعظم من الأسطورة الراحل مارادونا. يحلم ميسي بتتويج عنقه بالميدالية الذهبية وقيادة الأرجنتين للقبها الثالث بعد 1978 على أرضها و1986 في المكسيك الذي صبغه "الفتى الذهبي" بتحفته الكروية الشهيرة أمام إنجلترا. بعد أيام قليلة من وفاة مارادونا في نوفمبر 2020، سجّل ميسي هدفاً مع برشلونة أمام أوساسونا في الدوري الإسباني ليخلع قميص ال "بلاوغرانا" ويكشف عن آخر لنادي نيويلز أولد بويز تكريماً لمواطنه، حمل الرقم 10 مع اسم دييغو. في هذا النادي في روساريو، مسقط رأسه، تلقّن ميسي فنون كرة القدم. وفي طفولته، قبل انضمامه إلى برشلونة في سن 13 عاماً حيث بنى أسطورته الكروية، أُعجب "البرغوث" الصغير بمارادونا العائد من أوروبا لإنهاء مسيرته في الأرجنتين بألوان فريقي نيويلز ثم بوكا جونيورز. في حين، فاز ميسي بكل شيء: سبع كرات ذهبية لأفضل لاعب في العالم، أربعة ألقاب في دوري أبطال أوروبا، جملة من الألقاب في الدوري الإسباني والفرنسي مع برشلونة ثم باريس سان جيرمان الفرنسي، كما أضاف إلى سجله لقب كوباأمريكا الصيف الماضي، في أوّل تتويج قاري ل "راقصي التانغو" منذ عام 1993. ..المونديال يعانده سجل ميسي مئات الأهداف وسحر عالم كرة القدم بمراوغاته وتمريراته وابتكاراته وسرعته. هو قائد المنتخب الأرجنتيني وأفضل هداف في تاريخه (96 هدفاً) والأكثر ارتداءً للقميص (171 مباراة دولية). غير أن ساحر الكرة صاحب الرقم 10 لم يفز بكأس العالم، حيث لامس المجد بأطراف أصابعه قبل تبخر الحلم بخسارته نهائي مونديال البرازيل 2014 أمام ألمانيا 0-1 بعد التمديد. قال الأرجنتيني ليوناردو باليردي مدافع مرسيليا الفرنسي: "رؤية المنتخب الوطني يفوز مع ميسي هو ما نأمله جميعاً كأرجنتينيين. سيكون الأمر رائعاً. في الأرجنتين، نعيش من أجل كرة القدم. رؤية ليونيل يرفع الكأس سيكون أجمل شيء في العالم". رأى خورخي سامباولي مدرب الأرجنتين السابق أن: "كرة القدم تُدين لميسي بكأس العالم"، وذلك قبل أشهر قليلة من الفشل الذي رافقه في مونديال روسيا 2018، حيث تعثر في ثمن النهائي أمام فرنسا بالذات. بالنسبة لبعض المراقبين، فإن الفوز بكأس العالم ليس سوى مجرد تفصيل صغير، فميسي هو الأفضل إن فاز بكأس العالم أم لا. وبالنسبة للآخرين، سيكرّس كأعظم لاعب في تاريخ الكرة المستديرة في حال توّج بلقب المونديال، وبالنسبة للبعض، وخاصة الأرجنتينيين أو جماهير نادي نابولي الإيطالي، فإن مارادونا في مجرة أخرى لا يمكن الوصول إليها. ..سيدخل التاريخ بغض النظر عن النتيجة رأى دانيال بيرتوني، بطل العالم مع الأرجنتين عام 1978 وزميل مارادونا في نابولي بين عامي 1984 و1986، في حديث لوكالة فرانس برس، "دييغو كان المعبود المطلق لأكثر من جيل وميسي هو الأفضل لجيل الشباب. أعتقد أنه لا يمكن أن يتفوق عليه إلاّ إذا توج بطلاً للعالم وفرض نفسه نجماً للمونديال وأفضل هداف، وسجل هدفاً على غرار هدف دييغو". فهل سيكون الفوز بكأس العالم غداً الأحد عاملاً حاسماً لإنهاء الجدل بشأن من الأفضل بينهما؟.. في رده على سؤال لوكالة فرانس برس أجاب خورخي بوروتشاغا صاحب هدف الفوز للأرجنتين بتمريرة من مارادونا أمام ألمانيا الغربية 3-2 في نهائي مونديال 1986: "لست مهتماً. فكلاهما أرجنتيني وهما الأفضل في السنوات الأربعين الماضية". وفي مقابلة أجريت معه بعد تأهل الأرجنتين إلى النهائي على حساب كرواتيا (3-0)، أجاب بوروتشاغا على ما إذا كانت خسارة الأحد ستغيّر مكانة ميسي في التاريخ، قائلاً: "لا يجب طرح هذا السؤال. ميسي لن يكون أفضل أو أسوأ من مارادونا أو أي شخص آخر، سواء فاز أو خسر. سيدخل التاريخ بغض النظر عن النتيجة". وتابع: "أتمنى أن يفوز بكأس العالم، هي أمنية كافة الأرجنتينيين. لا سيما بالنسبة له، هذه فرصته الأخيرة كي يرد أيضاً على كل الانتقادات التي طالته رغم أنه لم يبخل بنقطة عرق. إنه يبلغ 35 عاماً لكنه يلعب كما لو كان شاباً في العشرين من عمره".