حشد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس، الأحد أنصاره في تجمّع انتخابي ضخم في مدينة إسطنبول قبيل أسبوع فقط على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الرابع عشر من ماي الجاري. وجاء التجمع، الذي وصفته وسائل إعلام مقربة من الحكومة، بالأضخم على الإطلاق منذ انطلاق الحملات الانتخابية، بعد يوم من حشد آخر نظّمه في نفس المدينة تحالف المعارضة الرئيسي الذي يقوده كمال كليجدار أوغلو منافس أردوغان البارز والأقوى على الرئاسة. اختيار إسطنبول تحديداً من قبل التحالفين لاستعراض القوة في الأيام الأخيرة للسباق الانتخابي لم يكن مصادفة، وتُعتبر المدينة أكبر خزان انتخابي في تركيا حيث يتجاوز عدد ناخبيها 11 مليون شخص، وهو ما يُمثّل نحو 18% من الناخبين في عموم البلاد والبالغ عددهم نحو 64 مليون شخص. كما يُخصص للمدينة، التي تُعد العاصمة الاقتصادية لتركيا، 98 معقداً في البرلمان من أصل 600، ما يعني أن فوز أي من التحالفين بغالبية الأصوات في إسطنبول سيُعزز فرصه للفوز في الانتخابات عموماً. علاوة على ذلك، فإن انتخابات 14 مايو ستكون أول اختبار لولاءات الناخبين في إسطنبول منذ أن استطاعت المعارضة في الانتخابات المحلية عام 2019 السيطرة على رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى وهزيمة مرشّح حزب العدالة والتنمية الحاكم للمرة الأولى منذ عقدين. في علامة على أهمية مهرجاني إسطنبول للتحالفين، سعت كل من الصحف المقربة من الحكومة والمعارضة على حد سواء إلى إظهار قوة التحالف الذي تدعمه. بينما وصفت صحيفة "صباح" المقربة من الحكومة المهرجان الانتخابي لأردوغان ب"مسيرة القرن" وقالت إنه أظهر مدى الشعبية الواسعة التي يتمتع بها الرئيس في هذه المدينة تحديداً، قالت صحيفة "جمهورييت" المحسوبة على حزب "الشعب الجمهوري" المعارض إن مسيرة المعارضة السبت كانت تاريخية. ولأن المنافسة بين التحالفين الرئيسيين (الجمهور والأمة) متقاربة للغاية، فإن الصورة التي سعيا لإظهارها من خلال تنظيم التجمعات الانتخابية الضخمة في إسطنبول وغيرها من الولايات تهدف لإظهار أنّ كلاً منهما قادر على حسم المنافسة لصالحه. من شأن ذلك، أن يحشد القواعد الانتخابية الصلبة بشكل أكبر ويُحفز الناخبين المترددين على حسم خياراتهم والتصويت لصالح المرشح والتحالف الذي يستطيع إظهار أنّه أكثر قوة وتماسكاً وقدرة على الفوز. وسيكون لإسطنبول وضع مؤثر في ديناميكية المنافسة الانتخابية. يقول الدكتور سعيد الحاج الخبير في الشؤون التركية ل"القدس العربي" إن نتائج انتخابات إسطنبول سيكون لها "أثر كبير في تحديد هوية رئيس الجمهورية المقبل وتركيبة البرلمان". لكنّه أردف قائلاً أن "موازين القوى في إسطنبول تتوزع بين الحكومة والمعارضة على عكس ولايات أخرى تتميز بأنها محسوبة على هذا الطرف أو ذلك".